*اللقاء النقيّ الطيِّب !!!*

علي رفعت مهدي

لكأننا ولجنا الى قصر الحمراء …!!!
حيثُ كان اللقاء بقامات الفكر والأدب ….
سريعًا اصغت السَّمع لهاتفٍ في مسامات العمر والذكريات :
في مدخلِ الحمراء كان لقاؤنا
ما  ” أطيـــبَ ” اللقيا بلا ميـــعــــادِ …
لكنَّنا كنَّا في ” الطَّيبة ” الجنوبيَّة _ عرين الكرام والمثقفين _ على موعدٍ مع الأخوين الحبيبين الفيَّاضين بالجمالات والرؤى والثقافة والمعرفة والأدب والشعر والفلسفة د.علي ود.حبيب فيَّــــاض ، في دارة الأجــــــداد التي يمتدُّ فجـــر عمرهـــا البهيّ الى اكثر من مئة عام ، ففيها ولِــــد الأب كما اخبرنا د. حبيب …. وتحت ظـــــــلال شجرها المبارك ، وقرب حجــــارتها التراثية كانت جلستنا ….

 

السيد ابو نقاء جمعة عبد الرضا اللواتي متوسّطًا النائب د. علي فيّاض ود. حبيب فيّاض

 

من قلب قليا في البقاع الغربي كانت انطلاقتنا، كنتُ ارمقُ اخي الكبير النَّديّ النقيَّ ” ابا نقاء ” بعينِ الألق والسعادة والحبور غير مصدِّقٍ أننا في المكانِ عينه وفي السيَّارةِ ذاتِها ، وِجهتنا واحدة ، ووِفـــــادتنا على الأخوين الفيَّاضين غايتنا … دليلنا الطريق المحاذي لفلسطين التي وسم اخي ” ابو نقاء ” هاتفه باسمها [ فلسطين لنا ] رأيتهُ ينظرُ اقصى الحدود ، كأنَّه يرسِلُ اشواق الروح لأقصى فلسطين معراج النبوة والقِبلة الأولى …. وحين وصلنا قبالة [ المطِلة ] ترجَّلنا من السيَّارةِ طمعًا بالصورِ التَّذكاريَّة وخلفنا وأمامنا وفي قلبنا ووجداننا فلسطين كل فلسطين وليس ما يحاذي سهل الخيام …. !!!!
وصـــــولًا الى ” الطَّيبة ” _ وما اروعه من اسمٍ ، تستوحي منه عبق الطيب ، و ” طيبة ”  النفوس ، و” طيِّبَ المذاق ” من الفكر الروحي والرسالي والإنســـــاني والقيمي والأخــــــلاقي ….!!!

 

لقاء النقاء الفيّاض بالجمالات

 

وهل أطيب من لقاء عمالقة الفكر والثقافة والأدب والشعر والإجتماع والفلسفة بعيدًا عن كل ترهات السياسة والسياسيين والتحليل والمحلِّلين وجهابذة الاقتصادِ والتجارةِ والمرائين … ففي محضرِ اهل العلم عليكَ ان تكون متسلِّحًــــا بالعلم والمعرفة وما اكتسبته من ادب الحياة ، وثقافة العصر ، ومعارف الانسانيَّة ، وفيوضات التراث والأصالة والمعاصرة والفنّ والابداع وتذوّق الجمالات الطبيعية والروحية ، شــأن اخي الحبيب د. حبيب فيَّاض الذي [ يسكرُ] روحيًّا حين يرى شجرتين متلاصقتين مترافقتين في درب الحياة والحب والعطاء والتضحيات في رحاب الطبيعة…. !!!!
بهيًّا كان حديثُ د.علي فيَّاض والذي افــــاض علينا في السياحةِ والقراءةِ الجمالية لبعض عناوين الإجتماع والأدب والثقافة وفقه التراث والأصــــالة ، وبهيًّا كان الحوار الذي استرسل فيه السيِّد الغالي الحبيب جمعه عبد الرضا اللواتي [ابو نقاء] مناقِشًا ومحاوِرًا ومضيفًا من رصيد ثقافته الإنسانية والرساليَّة والنقدية على ما  سمعه  من أفكارٍ كانت عصارة وخلاصة كلّ مــــا أثير من طروحـــاتٍ تنقلك الى عوالم التأمَّل والتفكر والعظة …. !!!!

 

السيد ابو نقاء جمعة اللواتي … عاشق فلسطين

 

مهابة المكان، وجمالات المـــشهد الطبيعي كانت تنقلني الى الكثير من اسماء لمعت في سماء الشعر والأدب في لبنان ، والى الكثير من اسماء الفنّ الملتزم اللبناني والعالمي ، وأمَّــــا الفضول فقد قادني للصمت المهيب والإصغاء لكل الحروف والكلمات التي افتقدناها خلال هذين العامين الماضيين من خلال افتقادنا لمثلِ هذه اللقاءات التي تفتح العقل على العقل والفكر على الفكر ، وتؤنسن الزمان والمكان ، وترسمُ لوحاتِ الجمال في النفوس التوَّاقة الى المثول بين يديّ اهل العلم والأدب ، والى التماس العظيم من ترك الأثــــر الذي تولِّـــــدهُ هذه اللقاءات الفيَّاضة بكل ما فاضت به عقول الأحبَّة في زمنٍ اجدبت فيه المعرفة وتصحَّرت فيه الثقافة وآحتبست حرارة الأدب وسقطت منظومة القيم ولم يبق سوى اهل الفضل نلوذ بهم ، نعشقُ سرقة لحظات الجمال معهم ، نطارِدُ حضورهم من ساحٍ الى ساح ….
لكأنَّنا ولجنا الى ” قصر الحمراء “، الى اندلس الجنوب ، الى الزهور الزاهــــرة في زهرائها نشتاقُ مع ابن زيدون ذكريات ولَّادة ، [إني ذكرتُكِ بالزهراءِ مشتاقا ] ومع المتنبي اصالة النفس ، وفي ربوعِ الجمالات نستذكِرُ الكثير الكثير من اسماء غيَّرت مسار الأمم ، وانتجت فكرَ النقد والتصويب والتحليل والنقاش والمعرفة ، واسماء تواريخ النضال والثبات والعمل والكدح كي تبقى هذه الأرض الطيِّبة ”  طيِّبةً ” بالأصالة فيّاضةً بالكرمِ والزاد الروحي والإنــــساني ، والتواصل مع العقول الخلاَّقة التي تأبى ان تهزمها كل الأزمات والصعوبات….!!!

 

هكذا …. مضت  السويعات القليلة ، التي ملأتها عقول العلم والمعرفة للأحبةِ جميعًا غنىً وزادًا في دارةٍ تعودُ بديوانيتها وغرفةِ حبيبها ومداخلها وحجارتها وشجرها وترابها ووردِها وخضرتها وبركةِ اسماكها ورنَّات موسيقاها الى زمنٍ نبيلٍ بهيٍّ عظيمٍ هو مصداق ما قالته جميلة عمر ابي ريشة :
وجدودي ، ألمح الدهرُ على
ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ
بالمروءات   رِياحاً   ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً  وسنى
وتخطوا ملعب الغربِ نِضالا
فنما   المجدُ  على    آثارهم
وتحدى ، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيدُ قومي فانتسبْ
إنْ تجدْ أكرمَ من قومي رِجالا
أطرق القلبُ ، وغامتْ أعيني
برؤاها ،  وتجاهلتُ  السؤالا

 

في [ الطَّيبة ] التي قصدتها تحت جناحيّ أخي الكبير” أبي نقاء ” ، للقاء علَمينِ فيَّاضينِ بالحب والجمال والمعرفة والثقافة والأدب أطرق قلبي ، وغامت اعيني لكنِّي لم اتجاهل ولم اتغاضَ أنَّني من الأرضِ التي فاضت بالمرؤات والبطولات والتضحيات والنضالات وذخرت بالرجالات والجدود والأمجاد ، وبيوت العزّ والتقوى والإيمان … ارض لبنان كله الذي قال فيه سيدنا الأستاذ المرجع المجدد الراحل محمد حسين فضل الله الذي كان طيفُهُ حاضِرًا لقاءنا كلّه :
ولبنـانُ
قلـبٌ تمـوج الحياة به
وتفيض علـى الأعصـرِ
وروح تشـعّ بأزهـاره
وتمـرح فـي الجبـل الأخضـرِ
هنالـك : حيث يذوب الجمـال
وتغفـو الورود علـى الأنهـرِ
ويستلهـم القلب وحي الخلود
فيستنزل الشعـر من عبقـر
تـرى الفـنّ و الحسـن في أفقـه
يلوحـان : كالأمـل النيّـرِ
وكوبيـد يسكب من روحه
معاني الخلـود – علـى المـزهـرِ
وسيبقى لبنان ؛ والعقول الخلّاقة الواعدة نبض الآتي …

         علي رفعت مهدي
علي النهري 10 تشرين الأول 2021

شاهد أيضاً

الشيخ الرشيدي:”متمسكون بخيار المقاومة والبندقية، سبيلًا وحيدًا لاستكمال تحرير الأرض والمقدسات”

أكَّد نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ خضر الرشيدي: “أننا، كوننا لبنانيين، لا …