عباس وهبي
ها هي النبطيةُ تفقدُ خيرة رجالها ، وتُثكلُ ، فقد أوجعنا فراقك يا حاج محمد فخرالدين – أبوعلي . لقد رحلت دون وداع ، فاجأتنا ، لم نستطع الاتصال بك إذْ دخلت الكوما ، ومن ثمّ عبرت وبسرعة البرق ! فبدا الكون أعمى حائراً ملتفّاً بغمامةٍ سوداء ، ما هذا السكون ؟ ما هذا الذبول ؟ ما هذا النومُ الأبدي لفارس العمل الاجتماعي ، لهذا المناضل السياسي الذي كانت له صولاتهُ وجولاتهُ من النبطية إلى بيروت … لقد رحل الناصري العقائدي ، الرجل المقاوم العاشق لقضية فلسطين ، المصرّ على تحرير الانسان والأرض في لبنان، العاشق للمقاومة …
” ها قد سكنتْ خليّةُ النحلِ التي لم تهدأْ قط”ّ ، وبكتْ في السماءِ نجومٌ و في الأرضِ عيونٌ محبّةٌ وفيّةٌ ، و قام حيّ السراي ” أمّ النبطية ” في هجعةِ الليل ينوحُ ويذرفُ دمعَ اللوعة ، ويرثي بحسرةٍ فراق هذا الرجلِ -الفخريّ ليوم الدين … وكلّما وَلّدت الحياةُ شهاباً أمعن القدرُ غدراً في إطفائهِ ، وكأنّ الدنيا مصفاةٌ للحياة ، وقنٌّ للموت …
لن ننسى روحَك الجميلة ، ووداعتك وطيبتك ولهفتك ، وحتّى ثورتك عندما يحقّ الحق ! لن ننساك يا صديقنا وأخانا وحبيبنا ، سلامٌ عليك يا من عبرتَ إلى ربّك
وأنت حرّ الضمير ، صافٍ كصفحةِ ساقيةٍ جنوبية ، و شامخٌ كأرزِ لبنان ، وصامدٌ سخيٌّ كشتلة التبغ العاملية ، ومؤمنٌ طاهرٌ أيّها الحُسينيُّ الوفيّ … لقد مضيت وتركت في قلوبنا غصّةً ، وغصن محبّةٍ سوف يورفُ ويورفُ حتّى يغدو شجرةً نورانية … إلى جنان الخلد أيها الحبيب ،
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون…