فقدان الأمل

ناريمان الجمل

 

ما حدا بيحقلّوا ينزع صباحي أو مسايي.
ما حدا بيحقلّو يسرق عمري منّي وأنا ساكتة عم إتفرج عليه،
ما حدا بيحقلّو يتاجر بإنسانيتي وآدميتي ويترك حقوقي مهدورة لكلاب الزمان،
ما حدا بيحقلّو يعمل منّي انسانة ما بتشبهني بمجرد انّه عم يبرمجني حتى كون وحدة من الخرفان،
ما حدا بيحقلّو ياخد سريري بالمستشفى اذا مرضت، ولا اموالي من المصارف اللي شقيت حتى أعملها..
ناهيك عن نَفَسي المكتوم وحريتي بالتعبير اللي بسببها تعرضت لكتير من التحذيرات والتهديدات،
ما حدا بيحقلّو يصادر قراري وينزع حتى مزاجي طالما أنا مواطنة ملتزمة بواجباتها وحقها بالعيش الكريم ممنوع المساومة عليه،
ما حدا بيحقلّو يحكي بإسمي أو ينوب عني بأيّا مصلحة عامة بتخصّ مدينتي وبلدي،
ما حدا بيحقلّو يصادر ضحكاتي، وذكريات طفولتي وأحلام ولادي،
ما حدا بيحقللو يطمس هويتي ويدفن بلدي..
ولأنه كل هالشي صار.. غصب عني.. صار!!
بالقوة، بالسلاح، بالزعرنة، بالرصاصة الطائشة، باللغم المزروع، بالفخ المنصوب، بالجهل المتفشي، كله صار بعدم رضائي وقبولي، وعدم خضوعي لسياسة القطيع.. كله صار رغم محاولتي العديدة وإيماني بقدرة الشعب.. إلا إنّو الشعب خذلني أكتر من السلطة الفاسدة، صدمني أكتر من حقيقة المنظومة السياسية الوهمية، طلعوا التنين بيكملو بعض.. الدولة والشعب.. الشعب والدولة.. وجهين لعملة واحدة اسمها ( الفساد)..

لذلك أنا هالمرّة.. رح أعمل العكس!!
مش رح ناقشكن، بطّلت جادلكن، وإكتبلكن.. وإكتب عنكن.. ومثّلكن، وإحكي بإسمكن.. بطلت منكن، ما عاد شي يشبهني فيكن.. ما عاد شي بهالبلد بيعطي أمل..
عروسة العواصم صارت مدينة الأشباح، منظر الدمار والخراب شي بيبكي وبيحرق وبيخنق!! كل مدن لبنان تئن وترزح تحت حكم الجاهلية!!

تذكرت هيديك الايام.. الايام اللي وعيت فيها عالدني، الايام العتمة السودا الحزينة، الشوارع الكئيبة الفاضية الخايفة، الزعرنات والموت اللي ناطرك ع كل كوع.. منظر السواد ما بيلبق للبنان اللي صار حفنة من الرماد والخراب بعهد التلحيم والتهجير..
هيدا البلد سفك الدماء فيه متل شرب العصير، هيدا البلد برغم كل الطوائف اللي فيه ولكن هيدا البلد ما إلو دين.. واللي ما إلو دين، واللي ما عندو دين ولا بيخاف من الله.. خاف منه وإبعد عنه.. وأنا.. ع قولة فيروزتنا، أنا صار لازم ودّعكن..
لأني أقوى من السوط والجلّاد والظلم والحكّام، ما رح اسمحلن يجرّوني ع الجهل ويسحبوني حتى صير جزء من عصابة المافيا السياسية، ما رح اسمحلن يبرمجوني ويخدروني ويقتلوا حماسي واندفاعي ونضالي.. لأنّي لن أكون مكتومة ومنصاعة ومجرورة وموظفة في بلاط الحاكم وجزء من القطيع،

لأنّي حُرّة من أبٍ حُرّ وبطنٍ حُرّ وفكرٍ حُرّ، أنا صار لازم فلّ..

طرابلس/لبنان

شاهد أيضاً

إيّام عتيقة بِالبال

  لما تفوت على بيت وتشوف: -المنشفة معلقة عَ الباب – ابرة البابور مخبّاية على …