عندما كنا احراراً

د. عباس وهبي

كم كان ليلنا جميلاً عندما كنّا ننام في بيت جدي ” أبو سعيد الملقب ب “أبو النصر” رحمه الله، فرائحةُ زهر الليمون كانت تُنعشنا، وكان النسيمُ العليل يهبّ فتتراقص شجرة الحور المعمّرة التي كانت تفيء إليها عشراتُ العصافير ، وكان للبركة الصغيرة المسدّسةِ الجوانب “الحاووز” جماليةٌ مميّزة إذ كانت تُحيط بها “الزريعة” من كلّ حدبٍ وصوب، وتحضنها تلك النافورة التي كانت تغدقُ بالماء،  و عندما كان الليلُ يُخيّم بظلاله السوداء كان القمرُ يُطلّ من بين الغيوم ليُنقذنا ببصيصِ نوره، وكانت الضفادع تفضي بمعزوفاتها ويصدحُ النقيقُ الذي لم يكن يصنّ الاذآن كنقيق اليوم!
كان الزمنُ الجميل الذي ذابَ من حرارةِ زمن الرِدّة، زمنِ العجبِ والعجاب زمنِ علي بابا ومئات اللصوص ….لم نكن في تلك المرحلة نشعرُ أنّ محطّة البنزين سوف تغدو معبداً، وأنّ الوطنَ سوف يُصبحُ لهوةً بيدِ الديماغوجيين الفاسدين …
بل كنّا نحلمُ بالغدِ المشرق، وكنّا ننهمُ الكتبَ، ونعشقُ فلسطين وعبد الناصر وكلّ أحرار العالم… كنّا أحراراً نزرعُ الزهر في بساتينِ الأمل….

شاهد أيضاً

د. أحمد عبد العزيز من أشهر أطباء العظام في مصر الحبيبة 🇪🇬 ترك عيادته وذهب إلى غزة

د. أحمد عبد العزيز من أشهر أطباء العظام في مصر الحبيبة 🇪🇬 حين اشتدت الحرب …