المقاومة تكسر الحصار وتخوض الحرب الاقتصادية باقتدار. الا انه ليس بالنفط وحده تنهض الاوطان

ميخائيل عوض

حققت المقاومة خطوة هائلة الاهمية والتأثير وقد عبثت بجميع خطط ومخططات وجهود الادارة الامريكية لتركيعها او تخليق ازمات لها في لبنان والاقليم، فسددت ضربة كاسرة لأعدائها في استدعاء الاشتباك جنوبا وفرضت على اسرائيل الانضباط بقواعد الاشتباك وزادت بان قررت جاهزيتها للرد المناسب والمتناسب وفرض الاشتباك على طول الحدود وفي العمق الاسرائيلي، واضافت بان قررت ان سفن المشتقات النفطية المحملة من ايران هي ارض لبنانية، وحمايتها من الارض اللبنانية والى المياه والارض الفلسطينية المحتلة والبحار عندما ترغب المقاومة ستعلنها ارض لبنانية.
اعلان المقاومة هز امريكا وسفيرتها بالعمق واسقط بتصريح من السيد حسن نصرالله مخطط اعد بإحكام وكلف امريكا عشرة مليار دولار وعشرات السنوات وزيارات وتهديدات واجتماعات مع مسؤولين ومنظمات ngos ورهانات على الشارع وعلى الجيش والقضاء واختراقات لمفاصل الدولة ومفاتيح مؤسساتها، وقبل ان تستيقظ شيا ومسؤوليها كانت الضربة الاكثر ايلاما واستراتيجية فالمقاومة جاهزة لتامين شركات تنقيب واستخراج الثروات وتسويقها وان كان لأمريكا واسرائيل والناتو والادوات في لبنان والاقليم من عزيمة او قدرة فليأتوا بها.
بالإعلانات والشروع بتسيير قطار السفن من ايران الى لبنان قررت وكسبت المقاومة حرب الحصارات والعقوبات وكسرت ظهر ادوات وعناصر امريكا في وجه مناهضيها ورافضي اوامرها، ومن تفاعلات ونتائج التصريحين والخطوة العملية تحرير سورية وايران والعراق من الحصارات واسقاط قيصر بلهاث الامريكي لتامين الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر دمشق وبشروطها.
فتحول المقاومة من الفعل العسكري الذي شغلها طويلا عن الهموم الاجتماعية والاقتصادية والشعبية الى السعي وتنظيم الجهد وتوفير الشروط لتخفيف عبء الازمات التي ابتلي بها الشعب اللبناني عقابا على وقوفه الى جانب المقاومة والجيش في التحريرين والانتصارين ونجاحاتها في ميدان تامين المشتقات والادوية والمواد التموينية وتحملها مسؤولية مساعدة العائلات بالأموال والحصص الغذائية وحيث امكن وتوفرت لها السبل يسجل لها ويعزز من قيمتها ومكانتها ومواصفاتها الاستثنائية حتى بالمقارنة مع تجارب الاحزاب والمقاومات عبر التاريخ وتجاربه.
اذن؛ هي مقاومة من صنف ومن نوعية وقيم استثنائية يشهد لها، وتتحول الى نموذج يحتذى في الامم والشعوب ولا ينقصها الكمال، والقدرات الابداعية في التكيف وفي تحقيق ما تعد به واو تراه لازما كما تجيد استخدام عناصر قوتها وفرادتها وتفاجئ عدوها وتنجح في تفكيك مخططاته واجهاض مؤامراته والحاق الهزائم بحروبه على تنوعها واتساعها.
ستوفر المشتقات النفطية والدواء والغذاء بأسعار منطقية ولن تتحول مؤسساتها المعنية الى لوبيات احتكار وافساد وتخزين ومتاجرة بألآم وحاجات الناس فتلك تتعارض مع ايمانها وقيمها وسيرتها في التضحية والفداء، ولن تدخر فرصة او سبب او امكانية الا وستبذلها مشكورة بل يجب ان تحوز على مراتب التقدير والتشريف.
الا ان كل ما ستبذله وما تقدمة لن يحل ولن يعالج الازمة اللبنانية ..؟؟ وان لطفتها وحاولت الحد من مخاطرها وتأثيراتها العنيفة على الاسر الاكثر فقرا والاقل فرصا وتحصيلا للأموال والحاجات.
فالأزمة اعمق واشمل واخطر، من مد يد العون والعطاء ومعالجة جزء او مظهر من مظاهرها الكثيرة جدا.
برغم ان كسر الاحتكارات فعل تأسيسي لنسف النظام السياسي المرتكز اليها، وتغير في قواعد الانتظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وما تفعله المقاومة من تامين الحاجات من ايران امر يسهم بدرجة كبيرة بتامين المواد الاساسية بالكلفة، وماذا بعد؟ فهل تعالج جذور واساسيات  الازمة؟ ام هي مهدئات لمريض اجتاحه السرطان ولم يعد من امكانية لاحتمال شفائه الا فرصة العمل الجراحي والا مات المريض.
فللازمة اسس ومسببات تكوينية ومنها؛ –  افتقاد الكيان لوظائفه وقد جاء انفجار المرفأ وانهيار المصارف والتطبيع العربي مع الكيان واقفال الحدود البحرية والعلاقات مع سورية لتزيد فيها وتنهي كل الوظائف التي صمم لها الكيان. – والازمة ضاربة في اصول و اسس النظام السياسي الذي بلغ من العمر عتيا وجرت محاولات ترميمه بعد ازمة ٥٨ والحرب الاهلية وجولة ٥ ايار ٢٠٠٨، وتبدلت قوى وكتل حمايته واستنفذت. –  والبلاد في ازمة حكم عميقة منذ ال٢٠٠٠ وقد اديرت البلاد بالفراغات سنوات طويلة. وازمة تشكيل الحكومة تعبيرا عن عمق ازمة الحكم، والازمات الثلاث العنيفة تقع في بيئة متغيرة عربيا واقليميا وعالميا وايضا تعززها مفاعيل ازمة الكورونا وما ستولده من تغييرات عميقة في العالم والحياة البشرية ومعها تحولات الثورة الرابعة والتواصلية التي غيرت وستغير في قواعد وقوانين العلاقات بين البشر والامم والدول والقارات وهذه كلها تنعكس في لبنان وتزيد في تعميق ازمته والتخلي عن رعايته وفي ما سيكون من نتائج.
الحال؛ المقاومة ستؤمن المشتقات النفطية لكن المنظومة المافيوية القابضة على الدولة ستمتص النتائج، برفع سعر الدولار وبانهيار القدرات الشرائية، واذا امنت المقاومة الفيول للكهرباء فستعطل على حجة الصيانة وان تأمنت اموال للصيانة فستصير الحجة النقل وان تأمن فستصير الرواتب والعامل البشري وهكذا، ومستقبل القطاع الوظيفي العام والمؤسسة العسكرية والمؤسسات الخدمية مع الانهيار التام لقدرات الرواتب الشرائية.
باختصار ان استمر العمل بذات النظام وقواعده ولذات الوظائف البائدة فستبدد الانتصارات والجهود والتقديمات والهبات والجهود التي تبذلها المقاومة وحلفائها ولن تجدي نفعا فما الذي يستطيع -فلا يصلح العطار ما افسده الدهر.
والحق يقال؛ ان المقاومة سبق ان قدمت رؤية ووثيقة دعت فيها لدولة عادلة قادرة مستقله ولحكومات لا تخضع لإملاءات والتزمت بتسليمها السلاح، وقدم السيد نصرالله عرضا لمؤتمر تأسيسي فقامت عليه دنيا المنظومة المافياوية ولم تقعد، والصح ان الظروف الموضوعية وعنف وعمق الازمة وانهيار التدخلات الخارجية لانتاج حلول باتت توفر الفرص والبيئات المناسبة لاعاد تفعيل وتحديث تلك العروض، والاكثر اهمية وراهنية تجديد وتفعيل الثلاثية الذهبية التي حققت للبنان انتصارين وتحريرين فهي قادرة على تحقيق النصر في وجه منظومة ةلفساد والهدر والخيانة الوطنية والتفريط بالسيادة الوطنية.
لقد ان الاوان للتغير الجذري وان لم تلقط الفرصة فالفوضى والتوحش جارية وقد تستعجلها بواخر النفط فتسارع قوى التآمر والمنظومة الى اخذ البلاد للفوضى لكسر ارادة المقاومة ومحاولة افشال جهودها.
حكومة انتقالية بصلاحيات تشريعية تتمثل فيها الثلاثية الذهبية وقوى الانتاج والكتل الاجتماعية صاحبة المصلحة بالتغير  لتحفظ الاستقرار وتمنع الفوضى وتدير البلاد لاحتواء الازمة والمعالجة وتوفير فرص النهوض.
حكومة انتقالية متساوق تشكيلها مع الدستور وقواعده وتوازنات البلاد والعيش المشترك، وتحفظ المؤسسات الدستورية واستمرارها وتفعيلها كحل واقعي ولبناني لبنانب وممكن التحقق وله قواه الاجتماعية والسياسية وبديل دستوري ومن صلب الدستور ومقدمته التي نصت على السلطة للشعب، فلتستعاد السلطة للشعب وبالثلاثية الابداعية و التي اختبرت وانتصرت، والا تبقى سلطة للنهب وقد نصت وثيقة الوفاق الوطني على ان الادارة للمواهب مش للمذاهب فلنبدأ باستعادة الدستور وتطبيقه ووثيقة الوفاق وانجازها كاملة غير منقوصة، فكما قبلت المنظومة املاءات واقتراحات ماكرون لحكومة انتدابية وبصلاحيات تشريعية تطلق يدها وتسقط المؤسسات الدستورية او تهمشها عليها ان تقبل حكومة انتقالية سيادية لا تأتمر بأوامر الخارج او تعمل بأجندة المنظومة وزعمائها،، ولتحقيق مصالح الشعب وقواه الحية وتؤمن الجيش والدولة ومؤسساتها كما تحفظ المقاومة وتبني على انتصاراتها ومبادراتها  وتعزز العيش المشترك وقواعده وتلبي الحاجات المادية والروحية لعموم اللبنانيين.
بغير الحكومة الانتقالية بصلاحيات تشريعية  واو بمبادرات من خارج الصندوق لن تواجه الازمات ولن يحمى الوطن ولن ينهض، فليس بالنفط وحده تحمى الاوطان.

بيروت؛ ٢٣-٨-٢٠٢١٠

 

شاهد أيضاً

تحذير رباني.. فمن يصغي ومن يستمع؟

 ياسر سعد الدين  يقول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا …