*الصين تعتزم إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض عبر مشروع خيالي وخارق*

لندن ـ «القدس العربي»

تخطط الصين لإطلاق أسطول من الألواح الشمسية بطول ميل في الفضاء بحلول عام 2035 من أجل توليد الطاقة الكهربائية وإعادة إرسالها إلى الأرض في محاولة لتحقيق هدفها المتعلق بالحفاظ على البيئة بحلول العام 2060.

وبحسب تقرير مفصل نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية واطلعت عليه «القدس العربي» عن هذا المشروع الصيني العملاق والطموح، فإنه بمجرد تشغيل مجموعة الطاقة الشمسية الفضائية بالكامل بحلول عام 2050 سترسل كمية من الكهرباء إلى الصين تعادل إنتاج الطاقة الكهربائية الناتج عن محطة الطاقة النووية.

ويقول التقرير إنه «تم اقتراح فكرة إنشاء محطة طاقة فضائية لأول مرة من قبل كاتب الخيال العلمي إسحاق أسيموف في عام 1941 واستكشفتها منذ ذلك الوقت عدة دول بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة».

وفوق الأرض لا توجد غيوم ولا ليل أو نهار يمكن أن يعيق وصول أشعة الشمس مما يجعل محطة شمسية فضائية مصدراً ثابتاً ومضموناً للطاقة الكهربائية وبانبعاثات كربونية صفرية، أي دون أن تسبب أي تلوث لسكان الكرة الأرضية أو لأي مكان من الكون.

وتقول «دايلي ميل» إنه مع ذلك فإن الحكومة الصينية تبدو مستعدة للانتقال من استكشاف العلوم والتكنولوجيا وراء الفكرة إلى وضع نظام موضع التنفيذ.

وفي مدينة تشونغتشينغ وضعت الحكومة الصينية حجر الأساس لمحطة الطاقة الشمسية الفضائية الجديدة وأطلقت عليها اسم «Bishan» حيث ستبدأ الاختبارات لهذه المحطة بحلول نهاية العام الحالي على أمل وجود محطة طاقة شمسية كبيرة تعمل فعلاً بحلول عام 2030.

وليس من الواضح كم ستكلف محطة الطاقة الفضائية الكاملة لإطلاقها أو تشغيلها، ولكن من المتوقع أن يتم تشغيلها بحلول عام 2035 على أن تتوسع وتصبح أكثر فاعلية بحلول عام 2050.

وتقول دوائر الأرصاد الجوية إن ثلث الأيام في مدينة تشونغتشينغ في جنوب غرب الصين يشوبها الضباب طوال العام مما يجعلها مضيفاً غير محتمل لمركز أبحاث يركز على الطاقة الشمسية.
ومع ذلك، وعلى مدى العقد المقبل، سيقوم فريق مقره في المركز الجديد باختبار وإطلاق مجموعة من الألواح الشمسية في مدار ثابت بالنسبة للأرض.

وسيبدأ بميغاواط واحد فقط من الطاقة، ولكن بحلول عام 2049 سيتم تحويله إلى غيغاواط من الطاقة، وهو نفس ناتج أكبر مفاعل للطاقة النووية في الصين.

وتقول المعلومات الواردة من الصين إنه تم بالفعل إنشاء مرفق اختبار لهذا المشروع بقيمة 15.4 مليون دولار من قبل البرنامج الوطني للطاقة الشمسية قبل ثلاث سنوات ولكن تم تأجيل المضي قدما بهذا المشروع منذ ذلك الوقت لتوفير الوقت للمناقشات حول التكلفة والجدوى والسلامة.

وتم حل المشكلات التي كانت قد ظهرت أمام المشروع حيث تم استئنافه مرة أخرى في حزيران/يونيو الماضي على أن ينتهي البناء بحلول نهاية العام الحالي.

ويقول العلماء القائمون على المشروع إن «وجود صفيف من الألواح الشمسية يدور حول 22400 ميل فوق الأرض في مدار ثابت بالنسبة للأرض من شأنه أن يسمح لمحطة الطاقة بتجنب ظل الأرض وجمع ضوء الشمس طوال الوقت» بحسب ما نقلت «دايلي ميل».

وسيعمل الباحثون على أفضل تصميم لإعادة الطاقة إلى الأرض، بما في ذلك البناء على تجارب نقل الطاقة بعيدة المدى الحالية.

ويُعتقد أنه باستخدام الموجات الدقيقة سيتمكن الفريق من تقليل كمية الطاقة المفقودة أثناء مرورها عبر الغلاف الجوي.

ويتضمن المفهوم الأساسي للفكرة محطة فضائية ذات مصفوفة شمسية لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية. ثم تستخدم جهاز إرسال موجات دقيقة أو باعث ليزر لنقل الطاقة إلى مجمّع على الأرض.

وتشمل مزايا هذه التقنية حقيقة أن الظهيرة الشمسية دائماً في الفضاء مع وجود شمس كاملة، ويمكن أن تتلقى أسطح التجميع أشعة الشمس الشديدة أكثر من الأرض.

وسيبدأ العلماء العاملون في منشأة «بيشان» أولاً بإرسال إشارات من البالونات إلى محطة استقبال، كما يأملون في إرسال منطاد لجمع الطاقة الشمسية في الستراتوسفير وإرسالها على بعد 15 ميلاً إلى المحطة الأساسية بمجرد اكتمال المبنى.

وبالإضافة إلى العمل على نظام فضائي لتشغيل الشبكة سيطور الفريق أيضاً تطبيقات أخرى مثل استخدام حزم الطاقة لتشغيل الطائرات بدون طيار لمسافات طويلة.

وتنتشر محطة الاستقبال على مساحة 4.9 فدان وتحيط بها منطقة تطهير تغطي مساحة تزيد عن 25 فداناً، وسيكون للمنشأة منطقة عازلة آمنة للحزم التجريبية، وذلك لأن الدراسات الصينية أظهرت أن خطر وجود محطة للطاقة الشمسية في الفضاء «لا يمكن إهماله» نظراً لاحتمال حدوث اهتزازات في المصفوفة الشمسية مما يتسبب في حدوث اختلالات في مسدس إشعاع الميكروويف.

ويعمل الفريق الصيني على التأكد من أن لديه نظاماً متطوراً للغاية للتحكم في الطيران للحفاظ على هدفه في بقعة صغيرة على الأرض.

ويعد الإشعاع خطراً آخر حيث لن يتمكن الناس من العيش في نطاق ثلاثة أميال من محطة الاستقبال الأرضية بمجرد صعود إنتاجها إلى غيغاواط من الطاقة.

ويقال أيضاً أن دولاً أخرى تستكشف فكرة الطاقة الشمسية في الفضاء بما في ذلك الجيش الأمريكي الذي يعتقد أنه يمكن استخدامها لتشغيل الطائرات بدون طيار والمواقع العسكرية النائية، حسب تقرير الصحيفة البريطانية.

كما حذر متخصصون في مجال الدفاع والعلوم العسكرية من أن هناك مخاوف بشأن تسليح الفضاء حيث يمكن استخدام حزمة الطاقة لإخراج الصواريخ والطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت من مسافة بعيدة أو حتى التسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة بأكملها.

وكانت وكالة الفضاء البريطانية قد قامت بإجراء دراسة جدوى لفكرة مماثلة في عام 2020 ووجدت أن خفض تكلفة إطلاق الصواريخ بسرعة سيجعلها قريباً وسيلة قابلة للتطبيق للحد من انبعاثات الكربون.

وتاريخياً جعلت تكلفة إطلاق الصواريخ والوزن المطلوب لمشروع بهذا الحجم فكرة الطاقلندن ـ «القدس العربي»: ة الشمسية الفضائية غير مجدية.

وتشير التقديرات إلى أن محطة طاقة فضائية كبيرة ستزن عدة آلاف من الأطنان مما قد يتطلب عمليات إطلاق متعددة للوصول إلى الفضاء.

ولكن على الرغم من ذلك، وجدت دراسة وكالة الفضاء البريطانية أن تكلفة الكهرباء التي تنتجها المحطات، وإرسالها إلى الأرض ستكون أقل من 3.79 جنيه إسترليني لكل ميغاواط/ ساعة.

وللمقارنة تبلغ طاقة الرياح الشمسية والبرية الأرضية حالياً حوالي 36 جنيهاً إسترلينياً لكل ميغاواط /ساعة، بينما تبلغ الطاقة النووية حوالي 50 جنيهاً إسترلينياً لكل ميغاواط ساعة، ما يعني أن تكلفة الإنتاج من المحطة الشمسية الفضائية أقل بكثير من نظيراتها.

شاهد أيضاً

عون التقى محفوظ في اليرزة

استقبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة رئيس عام الرهبنة اللبنانية …