فراشة الحريق

عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه

 

الرابع من آب حريق العصر، اجعلوه القيامة لنستعيد البلد

قد مرّ عامٌ والحرائق
لم تزلْ
في كل قلبٍ لوعةً وحريقا

بيروتُ يخنقها البكاءُ
وأهلها
لم يلتقوا غير الجحيم طريقا

قد مرّ عامْ
والراحلونَ توحّدوا بالبحرِ
وانكسرَ السلامْ

والأرضُ قبرٌ للمدى الغافي
وقد ذبحوا الحمامْ

تمشي على شطّ الغيابِ فراشة الأطفالِ
تبحثُ في ركامِ الأمسِ
عن نبض الخزامْ

تمشي المراكبُ في اتجاه الرملِ
أشرعةٌ بلا هدفٍ
وأمواجٌ تحاولُ أن تصيرَ الصوتَ
يخنقها الركامْ

بيروتُ منذ الرابع المشؤومِ ترفض أن تنامْ

تمشي على هلعٍ
تدق البابَ دمعتُها العتيقهْ

هي أدمنتْ من ألفِ عامٍ
كيف تُغتالُ الحقائقُ والحقيقهْ

هي لم تعد كالأمسِ تركضُ خلف طائرةٍ من الأوراقِ
خطوتُها الرشيقهْ

هي في قياسِ الوقتِ صارتْ أرملهْ
أطفالها الأيتامُ
أهلوها الحيارى
في اختلال المرحلهْ

هي أدركتْ أنّ اللصوصَ الغادرونَ
توحدوا في الظلمِ
أنّ العالم العصريَ أكبرُ مهزلهْ

بيروت كانتْ أيةَ المعنى
كقرآن البنفسجِ
كالأناجيل النبيةِ مُنزلهْ

كقصيدةِ الآمالِ يكتبها الشذى الدهريُّ
أكرمَ سنبلهْ

هم ما استطاعوا رجمها بالشوكِ
قاموا يقتلونَ فراشةَ النجوى
بأبشع قنبلهْ

قد مرَّ عامٌ
كرّسوا الطوفانَ والسيلَ العتيقْ
والشعبُ غافٍ في انتظار الوعدِ
من عدلٍ غريقْ

هل تسمعون أنينها الموجوعَ
في صمتِ الضمائر
والطريقْ

بيروتُ سيدة العواصمِ والمشاعر
والبريقْ

ذاكَ الحريقُ المستبدُّ الوقعِ
يحتاجُ الرجولةَ والحريقْ

يحتاجُ وقفتنا الجسورةَ
كي نفيقْ

دقّوا إذاً أعلى نواقيسِ الرجاءْ
دقّوا على وجه السماءْ
دقوا على صبر الشواهدِ
واكسروا الأسوارَ
واقتحموا قصور الظالمينْ

يا شعبنا المفجوع ما نفعُ التمني والأنينْ
قمْ واخلعِ الجلادَ عن عرشِ الزبدْ
كي تستعيدَ من اللصوصِ الحلمَ
كي لا يدفنوا في جرح بيروتَ الحزينةِ
ما تبقى من بلدْ

شاهد أيضاً

في معنى أن أكتب نصاً عن غزة

          فراس خليفة  فكَّرتُ كثيراً في معنى، أن أكتبَ الآن، كلماتٍ …