لحمايةِ كوادرِنا العلمية من الإستهداف الصهيوني

بقلم د.جمال شهاب المحسن(*)

العلماءُ والمخترعونَ والمفكرونَ العرب والمسلمون الجدّيون مستهدفون من العدو الصهيوني حيث أن الصهاينةَ يتخوّفون من إمكانية توصُّل هؤلاء العلماء الى نتائج علمية تضرُّ بالمصالح العليا للكيان الصهيوني الذي يسعى مع رُعاتِه الى إبقاء الفجوة العلمية والتقنية واسعةً بيننا وبين أخطارِ التقدم العلمي الإسرائيلي ، وذلك لمنعنا من تحقيق التميّز العلمي والتقني والثقافي والحضاري.
ويحضُرُنا الإستهدافُ الصهيوني للعلماء السوريين والعراقيين وكان آخرهم منذ فترة  الشهيد البطل الدكتور عزيز إسبر مدير مركز البحوث العلمية في مصياف … وما هو مؤكد ضلوع العدو الصهيوني في عملية الاغتيال عن طريق عملائه في الداخل حيث أقدم على استهداف مركز البحوث العلمية في مصياف أكثر من مرة عبر غارات طيرانه …  كما أننا لا ننسى الشهيدين المخترعين السوريين عيسى عبود واللواء نبيل زغيب.. وكذلك اغتيال مهندس الطائرات المسيرة في القسام محمد الزواري في تونس.
 
وكان الكاتب والروائى  المصري يوسف القعيد قد أثار الجدل حول العلّامة والمفكر الكبير جمال حمدان، الذى رحل عام 1993، وذلك فى صفحته المميّزة بجريدة الدستور المصرية “أشهد أنى عشت”، وفى عدد 23 يونيو 2010 بلغ الجدل ذروته بالاعترافات الخطيرة التى أدلى بها شقيق وشقيقة جمال حمدان إلى القعيد، وأكدا فيها أن حمدان مات مقتولا.
قال القعيد إن جمال حمدان قبل وفاته كان انتهى من ثلاثة كتب، أولها “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل” ويقع فى ألف صفحة، وكان من المفروض أن يأخذه ناشره يوسف عبد الرحمن، وكتاب ” العالم الإسلامى المعاصر”، الذى أصدره عام 1965 ثم توسع فيه حتى صار كتابا جديدا، أما الكتاب الثالث فهو عن علم الجغرافيا، ويقول القعيد :” لقد ذهبنا إلى الشقة فور علمنا بوفاته وعايناها، واختفت هذه الكتب التى كانت موجودة ورأيتها بنفسى”.
شقيق الدكتور جمال حمدان اللواء عبد العظيم حمدان قال أدلة أخرى ليوسف القعيد تؤكد  حتميةَ قتله، وهى أن الطباخ الذى كان يطبخ له فوجئنا بأن قدمه انكسرت وأنه سافر إلى بلده، ولم نعد نعرف له مكاناً، وأن جارةً كانت تسكن فى البيت قالت لنا إن هناك رجلاً وامرأة “خواجات” سكنا فى الشقة الموجودة فوق شقته شهرين ونصف قبل اغتياله ثم اختفيا بعد قتله.
هناك تفاصيل أخرى ذكرها القعيد تؤكد أن جمال حمدان تم قتله بفعل فاعل، وليس نتيجة تسرّب غاز أو أشياء أخرى كما قيل وقتها، والتى قادت شقيقته إلى القول:”المؤكد أن الموساد الإسرائيلى هو الذى قتل جمال حمدان”.
جزْمُ شقيق جمال حمدان بأن الموساد الإسرائيلى هو الذى قتل حمدان لا يحمل أى مبالغة، فتاريخ إسرائيل وجهاز الموساد فى سفك الدماء لا يحتاج إلى دلائل، فهى لا تتعقّب فقط من يحملون السلاح فى مقاومتها، وإنما تتعقب كل من يقدّم فكراً يؤصّل جرائمها ضد الإنسانية، وكتاب مثل “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل” الذى كان حمدان انتهى من تأليفه ، وكما يقول القعيد، أنه كان على موعد مع ناشره لتسليمه، هو ذروة المقاومة ضد إسرائيل فى مجال الفكر، الذى يقود فى النهاية إلى حمل السلاح ضدها، وبالتالى فإن قتل الرجل والسطو على الكتاب من البديهى أن تقوم به إسرائيل عبر جهازها المخابراتى “الموساد”.
جمال حمدان الذى يُعَدُّ كتابُه “شخصية مصر” المرجع الأول فى فهم الشخصية المصرية، المؤكد أن إسرائيل رأت فى كتابه “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل” أنه سيكون المرجع الأقوى فى فهم جرائمها، وبالتالى ارتكبت جريمتها، لكن السؤال الموجع فى هذا الأمر أن ملف القصة، كغيره من الملفات المماثلة يبقى دون إثارة كافية !!!!!…. فإسرائيل هى التى قتلت عالِم الذرة المصرى يحيى المشدّ، وهى التى قتلت العالم سعيد سيد بدير وغيرهما .
ولن ننسى جرائم الموساد الإسرائيلي بحق النخب العلمية والفكرية وحتى الأدبية الفلسطينية ومنهم الشهداء غسان كنفاني وكمال ناصر وماجد أبو شرار ومحاولة اغتيال رئيس مركز الأبحاث الفلسطيني الدكتور أنيس صايغ الذي نجا بأعجوبة في العام 1972 ولكنه أصيب بالنظر والسمع وبتر بعض أصابع يديه فبقيت هذه الإصابات تشهد على بشاعة الإرهاب الصهيوني حتى وفاته منذ عدة سنوات…
وبالمناسبة وفي العام 2005 كشفت “يديعوت أحرنوت” أن عملاء جهاز “الموساد” هم الذين اغتالوا غسان كنفاني في 8 تموز/ يوليو في العام 1972، وكانت العملية ضمن “حملة الثأر”، التي حملت توقيع غولدا مائير والتي طالت حتى المفكرين.
وفي لبنان فإن الحديث يطول ويطول حيث أن الإستهداف الصهيوني قد طال القادة الشهداء في المقاومة من الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية والحاج حسان اللقيس كما طال بعض النخب العلمية كالمخترع رمّال رمّال والعالِم غسان قانصوه وغيرهما.
 
باختصار شديد إن العدو الصهيونى المجرم يخافُ  العلماء والمخترعين والمفكرين العرب والمسلمين الجديين تماماً كما يخافُ المقاومة وقياداتها .. ولذلك هناك مهمةٌ ملحةٌ هي ضرورة حماية كوادرنا العلمية من الإستهاف الصهيوني.    

(*) إعلامي وباحث في علم الإجتماع السياسي

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة : أنقاض غزة تحتاج 14 عاما لإزالتها

قدرت الأمم المتحدة حجم الركام والأنقاض الذي يتعين إزالته في قطاع غزة بحوالي 37 مليون …