كُن أنت ولا تكن هم

بقلم معاذ صالحة


الأسوأ من النسخ أولئك الذين يريدون جعلك نسخة عنهم، لا يتقبلون اختلافك ويحسبونك من صف المختلين أو المنعزلين الذين يحبون الانطواء على ذاتهم وعقلهم، ليس بإستطاعتهم فهم أن روحك تميل لأشياء لا يمكن لعقولهم المتدنية أن تحبو نحو الاختلاف، إنهم كأكواب ماء مصفوفة بجانب بعضها لا تستطيع التمييز أي زجاجة مختلفة عن الأخرى، والأسوأ إنهم لا يعلمون هذا بل يظنون أن العالم يحب أمثالهم وأن التيار الذي ينجرفون معه هو الطريق إلى الخلاص، لا يدركون حقيقة أن تيارهم يذهب بهم إلى جرفٍ عالٍ ليلقي بهم في باقي المياه النتنة، لا يفقهون أن لبعض الناس ميلهم الروحي الخاص، أن بعض الأرواح يسطع بريقها بقوة عن الأخرين، بريق ليس بمقدورهم النظر إليه لأنه سيعميهم، بل يحاولون جاهدين أن يخمدوا بريقك ونارك التي شغفها تحويل جميع الأشياء المتكررة والمستنسخة إلى رماد، يحاولون ضمك إلى صفهم لأنهم يخشونك، يخشون نجاحك فيلقوا عليك الدروس البالية وكلامهم الفارغ عن تجاربهم الفارغة ويدعون بأنها محض فخر، يذرفون جهودهم لغسل روحك بعباراتهم اللاذعة لأنهم يخافون جداً بأن يروك في القمم وبينما هم في القاع والمستنقعات التي تعايشوا مع روائحها المثيرة للإشمئزاز، اندمجوا مع فكرة أن القاع هو قمتهم المثالية والعليا، لا يستطيعون الخروج خارج دائرة سخيفة تدور وتدور لتنتهي إلى نفس نقطة البداية، ولا يريدون رؤيتك تخرج وتصل إلى نقطة ليس بإمكانهم تقبل وصولك إليها، فهذه النسخ أخطر أنواع النسخ، يظنون إنهم يملكون التأثير والسلطة والحكمة والعلم، إلا أنهم يملكون تفاهات لا انتهاء لها ولا جدوى منها. فإن اختلافك وغرابتك وتنوعك وعدم قدرة عقلك الراجح والمتين على تقبل هؤلاء هي قمة النجاح الذي أنت باستطاعتك فقط الوصول إليه، وأن تشقيك السباحة عكس تيار النسخ هو أعظم أنواع الشقاء، وتعبك في الخروج عن دائرتهم هو أقصى أنواع الراحة، فاختلف لأن باختلافك تصنع عالماً جديداً، باختلافك تصل، وباختلافك ترديهم رماداً، فاختلف لأنك خلقت لتختلف.

شاهد أيضاً

احتجاجات الجامعات الأميركية مستمرة دعماً لغزة: الطلاب يواجهون إداراتهم

طلاب الجامعات الأميركية يستمرون بالتظاهر دعماً لغزة ورفضاً للعدوان الإسرائيلي، ويؤكدون رفضهم المحاولات المستمرة لتشويه …