البيوت التراثية في بيروت


9 بيوت تراثية في بيروت رسمها 32 طفلاً من دار الأيتام الإسلامية بإشراف الرسام البريطاني “توم يونغ”
وجنبلاط دعا إلى وقف هدم البيوت التراثية اللبنانية
كتب محمد خليل السباعي:
32 طفلاً من “دار الأيتام الإسلامية”، جسدوا ذاكرة بيروت التراثية والمعمارية، حيث رسموا بريشة أطفال نادي الرسم، في مركز قصر الأطفال، وبالتعاون مع الرسام البريطاني “توم يونغ” تسعة قصور وبيوت تراثية، منتشرة في شوارع مناطق الظريف، زقاق البلاط، سبيرز، والحمراء وتحت عنوان: ” بيروت الذاكرة والحلم” وبمشاركة فريق إستشاري ضم رئيس عمدة “دار الأيتام الإسلامية” فاروق جبر، والأعضاء: الدكتور خالد شبارو، فوزي بو ذياب، أحمد نعمة، فرح بوتاري، مازن الرفاعي، وزيادة كنعان، رانيا زنتوت، وغيرهم.
وفي هذا السياق، أكد رئيس حزب التقدم الإشتراكي، النائب وليد جنبلاط، عبر تويتر: “إلى أرباب النهوض الثقافي الجدد، تابعوا ما قام به الوزير روني عريجي، وأوقفوا هدم المنازل التراثية، في بيروت ولبنان”.
من جهته، تحدث مدير عام “مؤسسات الرعاية الإجتماعية – دار الأيتام الإسلامية”، الوزير السابق خالد قباني، فقال: “إن معرض “بيروت الذاكرة والحلم” هدف على إحياء التراث المعماري، لمدينة بيروت العريقة، من خلال رسومات هؤلاء الأطفال، الذين تدربوا على مدى 4 أشهر، على يد الفنان الرسام أحمد نعمة، حيث بدأوا برسم مبنى “الزاهر” المعتمد كمقر عام “لمؤسسات الرعاية الإجتماعية – دار الأيتام الإسلامية في لبنان”، وانطلقوا بعدها في فكرة رسم البيوت التراثية المعمارية والتاريخية، وبالتعاون مع الرسام البريطاني توم يونغ، وتم تجسيد المناظر الطبيعية الخلابة، بتقنيات رسم حرفية، تمتزج بعفوية الأطفال، الذين أدركوا من خلال رسوماتهم، أهمية الإرث الحضاري والثقافي والتراثي، ونمىّ حبهم لوطنهم، وتم إنجاز 50 لوحة، عكست عراقة الوجه التاريخي والثقافي للعاصمة بيروت”.
وأضاف قباني: “أحبّ الرسام البريطاني توم يونغ، الأطفال المبدعين الفنانين، رسموا لوحاتهم الخاصة، بما جاد وفاض به خيالهم، وصورت مشاعرهم المرهفة، وشاركوا مع توم رسم لوحات أخرى، أنيقة ومميزة وتراثية، كان أولها الزاهر، قصر الداعوق، \قصر خير الدين، قصر فرعون، قصر بشارة الخوري، مبنى النصولي، بيت حنينة، بيت الفنانة فيروز، ومبنى مدرسة الليسه عبد القادر، التي دخلها هؤلاء الأطفال، فإفترشوا حدائقها الغنّاء، فإخضوضرت أعينهم، وإهتزت منها القلوب وإرتعشت، ومها الأنامل، فخطّت على الورق، لوحات كانت قد أبحرت في مآقيهم وداعبت خيالهم”.


وأوضح قباني: “ان هذه القصور التاريخية والبيوت التراثية عددها تسعة، وتقع في منطقة أحبّ أهل بيروت، السكن والعيش فيها، بفعل وجود الأشجار والحقول والبساتين فيها، ونكشف في فصول كتاب بيروت “الذاكرة والحلم” الذي فيه وقائع تاريخية عن هذه القصور والبيوت التراثية والمعمارية، تنشر لأول مرة وهي كالآتي:
1- الزاهــر:
هو المقر العام لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان – دار الايتام الإسلامية، وبناه السيد وديع مزهر، عام 1920، واستعمل مقراً للبعثة اليابانية في الشرق الأوسط ، ثم تحول الى منزل للسفير البريطاني، وأقام فيه الجنرال ادوارد سبيرس في الأعوام 1941-1944. وبعدها، تملكته دار الأيتام الإسلامية في العام 1986، ليصبح المقر العام لها، مشتملا الإدارة المالية والموارد البشرية والمعلوماتية، لهذه المنظومة الخيرية والإنسانية. وقد حرصت دار الأيتام الاسلامية، بعد تملكها للمبنى، على المحافظة على الشكل التراثي، للبناء كما هو الأصل، مع الاهتمام بالمساحات الطبيعية الخضراء والأشجار المعمرة والأزهار، التي تتزين بها حديقة المبنى.

2- بيـت الإسـتقلال:
في العام 1870 بدأ آل حنينة، بتشييد بيت تقليدي، يتألف من طبقة أرضية وطبقتين علويتين، على العقار رقم 1761 – المصيطبة، على مساحة إجمالية، تبلغ 3200 متر مربع، يشبه بتصميمه العديد من المنازل البيروتية، من حيث تقسيمه إلى دار، يتوزع عدد من الغرف حولها، وشرفات ذات قناطر من الحجر، مزنرة بدرابزون من الحديد المشغول، وتحوطه حديقة زاهرة، تتوسطها بركة مياه ونافورة، ويكلله القرميد الاحمر. وبعد الاستقلال استأجرت الدولة كامل المنزل، وأصبح بالكامل مقراً لرئاسة الجمهورية، حيث تعقد فيه جلسات مجلس الوزراء، وتقام الحفلات الرسمية، ويستقبل كبار الشخصيات العربية والاجنبية.

3- بيـت حنينـة:
شيِّد منزل آل حنينة عام 1880، وفق الطراز اللبناني، الذي كان سائداً في حينه، للمنزل سلم خارجي يفضي الى الطبقة الأولى، وحوض رخامي وكرانيش وقرميد، وسقوف مكسوة بالمرايا. واشترت هذا المنزل عائلة مزهر، في مطلع القرن التاسع عشر، وأجرته للطبيب الفرنسي جوستين كالميت، بين الاعوام 1903 و1914، ثم تحول الى مقر لقنصلية الولايات المتحدة الأميركية، حتى عام 1934. بعد ذلك شغل الطبقة الأولى منه، الدكتور جوزف حنينة، وماري مزهر وزوجها، وأُجّرت الطبقة الثانية لجورج حداد وزوجته الكاتبة والفنانة ماري شيحا، ابنة السياسي والمفكر اللبناني المعروف ميشال شيحا. المجمع مؤلف من بنائين مترابطين، يعودان إلى العهد العثماني المتأخر، بين شارعي الظريف وبطرس البستاني. وقد شُغل بهو الوسط فيه، كردهة جلوس واستقبال أو مساحة لقاء، لمختلف شاغلي الغرف، كما كان الحال، عند وفود العائلات المهجرة، للعمل في العاصمة. ينعكس هذا التوزيع الداخلي خارجاً، من خلال الباب والنافذتين التي تُزيّن الواجهة بأقواسها الثلاث.

4- بيـت فيـروز:
في حي زقاق البلاط في بيروت. أبنية تُشيّد حديثا وبيوت تراثية، منها ما حظي بالترميم وأخرى لم يبق منها، إلاَّ القرميد الأحمر، مكلِّلاً سطوح بعض الأبنية، ومن بينها منزل طفولة الفنانة نهاد حداد، التي اشتهرت بإسم فيروز. لم يكن المنزل مستقلا، بل كان جزءا من مخافر للشرطة، شيّدتها السلطات العثمانية في الأحياء الرئيسية من بيروت، أواخر القرن التاسع عشر، وعُرفت وقتذاك باسم “الكركول العثماني”. ويتولى المجلس البلدي لمدينة بيروت، والقيمون على التراث اللبناني، اهتماما بحماية “بيت فيروز” واستملاكه وترميمه وتحويله معلماً ثقافياً وفنياً. المنزل يقوم على العقارين 565 و567، وتبلغ مساحة الأول 430 متراً مربعاً، والثاني 290 متراً مربعاً، ويتوزعان على 17 مالكاً.

5- قصـر فرعـون “متحف روبير معوض”:
شيد قصر فرعون، أواخر القرن التاسع عشر، وفق الطراز الأوروبي، الذي كان سائداً، في دول حوض البحر المتوسط في حينه. بناه فيليب فرعون، وأورثه في العام 1922، إلى ابنه هنري، الذي سكنه حتى أوائل التسعينيات، حين اشتراه رجل الأعمال روبير معوض، وحوله الى متحف مميز، بعد عملية إعادة تأهيل استغرقت سبع سنوات، افتتح مع نهاية العام 2004، حيث تجتمع فيه، القطع الحجرية المنحوتة، والرخام المتعدد الألوان، والخشب الملون، والقطع المعدنية القديمة، والبورسلان الصيني، والفخار الإسلامي، والتماثيل الفينيقية، والمنحوتات الحجرية الرومانية، ورؤوس الأعمدة البيزنطية، والمجوهرات والكتب والمخطوطات القديمة، في تناسق وانسجام مع أشجار الصنوبر، والنخيل والسرو والزيتون المحيطة به.

6- منـزل الداعـوق:
يقع منزل المرحوم عمر الداعوق، على تلة في رأس بيروت، بمحاذاة شارع بدر دمشقية. ورث محمد الداعوق هذا المنزل، من والده عمر الداعوق، (1875 – 1949)، رئيس بلدية بيروت، ورئيس الحكومة العربية الأولى في بيروت، ورئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، ورئيس غرفة الصناعة والتجارة في بيروت وجبل لبنان، أنشأ المنزل أحد كبار آل بيهم، في مطلع العشرينيات، واشتراه منه آل الإدلبي، تجار الأقمشة والجوخ، من مانشستر إنكلترا. وفي منتصف الثلاثينيات، اشترى المنزل عمر الداعوق، وسكنه في العام 1939. ويقع المنزل في عقار، مساحته 5000 متر مربع في وسط حديقة، وهو مصمم على شكل مستطيل، في كل زاوية منه، قاعة مسدسة الأضلاع. أما طراز البيت الخارجي، فهو فرنسي ملون بألوان فرحة، من الزهر والأبيض، يعلوه قرميد محاط بكورنيش مزركش، للبيت طابع جميل بسيط، وموقعه في المنطقة، التي عرفت سابقا بتلة الداعوق.

7- بنك البحر المتوسط (سبيرز) منزل النصولي سابقاً:
شيد الحاج زكريا النصولي، تاجر الجوخ والأقمشة والمنيفاتورة، المنزل مع بدايات القرن العشرين، على مساحة رملية، لم يكن بجوارها سوى منزل لعائلة اللاذقي، وتكون البناء من طابق واحد، وأضيف إليه لاحقا طابقين إضافيين. والمنزل ذو طابع تراثي، على الطراز العثماني، الذي كان سائدا آنذاك، متضمنا مدخلين يؤديان اليه، إحداهما من جهة منطقة الوتوات، والآخر من جهة منطقة سبيرز، كما احتوى مدخله بركة مياه، وحديقة وأدراج، تقود أهل البيت والزوار اليه، وامتزجت روعة البناء، بهندسة المنزل الداخلية والخارجية، فقد مثلت أعمدته الرخامية، والقناطر الموجودة في بهوه وبلاكينه، وسقوفه المزركشة وأرضيته الرخامية الحمراء، لوحة هندسية فنية فريدة، لتحيط به من الخارج حديقة، تمتع الناظر اليها، بأزهارها الفريدة والمتنوعة، وأشجارها المثمرة نذكر منها البلح والتوت والأكيدنيا.

8- المنزل الأبيض – منزل الشيخ سليم خير الدين:
تم بناء هذا المنزل الأبيض، على مراحل زمنية مختلفة، مما أضفى عليه ميزات، قل نظيرها في بيوت بيروت الأثرية. يتربع المنزل على أساس مبنى من الحجر الرملي، الذي اعتاد ابناء بيروت بناء عقود منازلهم منه، حيث كان يستخرج هذا الحجر الرملي الصلب، من مقالع متخصصة، ويرجح ان يكون قد تجاوز عمر البناء المائتي عام، واستخرجت احجاره من مقلع للأحجار الرملية، التي كانت قائمة على عقار بالمقربة من المنزل، باتجاه ما يعرف اليوم بمنطقة الزيتونة. أما البناء الظاهر، فيتميز بهندسة إيطالية، تأثر بها لبنان إبان وجود الأمير فخر الدين الكبير، في منفاه في توسكانا، حيث جلب لدى عودته الفن المعماري الإيطالي، كالقناطر الرخامية والقرميد ونظام التهوئة الذاتي وغيرها، مما كان معروفا لدى تلك الثقافة المعمارية، وتم ترميم هذا المنزل، من قبل الشيخ سليم خير الدين، في العام 2016، وفقا لخرائط تنفيذية، قام بوضعها المهندس الراحل بيار خوري، والتي راعت جميع الحقبات المعمارية، وحافظت على أدق التفاصيل خلال عملية الترميم.
9- ليسيه عبد القادر:
هي إحدى أعرق مدارس بيروت، أسستها البعثة العلمانية الفرنسية، مطلع القرن العشرين، في منطقة زقاق البلاط، في قلب بيروت. وحال الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري، بشرائه لها في العام 1985، دون اغلاقها أو إقفالها، وعهد الى مؤسسة الحريري، مسؤولية ادارتها بالتعاون مع وزارة الخارجية الفرنسية، والبعثة العلمانية الفرنسية، وقامت المؤسسة بترميم أبنية المدرسة التراثية، وبتجديد تجهيزاتها المكتبية، وتحديث مختبراتها، كما أضافت اليها مبانٍ جديدة.
كلام الصور:
1-2 قصر الزاهر
3-5 المنزل الأبيض
6- الطلاب الأيتام يرسمون في المنزل الأبيض
7- قصر بشارة الخوري
8-9 بيت الداعوق
10-11 قصر فرعون
12- مدرسة ليسه عبد القادر

شاهد أيضاً

وطن الإنسان”: “أي نية لتسييل احتياطي الذهب اللبناني مرفوضة”

توقف المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” في بيان صدر عنه ، بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة …