وائل..

الكاتبة: سوزان حسن علو

هزت الأم عرش الرحمن بصراخها وبكائها، وهي تستنجد بكل من في المشفى حتى يسمحوا لها بلمس ولدها ولو لمرة واحدة، ولدها الذي راح ضحية فيروس كورنا..ولدها الذي عانى من غسيل الكلى..صبرت عليه الأسابيع وهي تتأمل شفائه لكن الفيروس لم يحتاج إلا لخمسة أيام حتى يسرق منها كل لحظات الصبر.
كانت أحلام الطبيبة الشابة ذات السابعة والعشرون من العمر تتأمل ذاك المشهد بعينين يختلط فيهما الكحل والدمع معا..بخطى متوترة متعبة سارت نحو غرفتها.. حملت هاتفها الجوال وقررت أن تكتب له كعادتها اليومية فكتبت رسالتها
– أنا متعبة حد الوجع ياوائل ..ضاقت الأيام بنا كما ضاقت الأحلام.. الشوارع غسلت نفسها منا.. حتى ياسمينها ما عاد يشبهنا.. حظر التجول مستمر حتى انتهاء الوباء.
اليوم ودعت مريضا آخر..شاب بدوي حمل كل صفات خجل الرجل الشرقي..قال لي:أحب الحياة يا دكتورة..تمنيت وقتها أن أكون فراشة..ألم تقل لي أن الفراشات يحيين الزهور..لقد وجدت فيه الزهرة التي تستحق الحياة
مايؤلمني أن الموت صار عادة..عادة ترافقنا كل يوم..كوقوفنا في طوابير الإنتظار..أو نزولنا وصعودنا مرات عديدة على السلام لرفع قاطع الأمبير..لقد اعتدنا الموت ياوائل
أخبرني عن نفسك..فحبنا كحجم هموم هذا الوطن وإني أشتاقك..مازالت مسامات جلدك تنتشر في داخلي لتفوح رائحة الياسمين أملا..مازالت أصابعك تعزف على شفتي كل أغاني الحنين..مازلت مدينتك يا وطني..أحتاجك وأشتاقك ومازلت أحبك..كن بخير
أحلام.
لم تمض دقائق حتى أتاها الرد سريعا:
-ياكل أحلامي لاتتعبي..سأعود إليك قريبا حتى نملأ الشوارع عشقا..سنحيها من جديد..سيكون لنا بيتنا..لن نجعل الموت عادة بل سنجعل الحياة عادة فنحن نحبها ونستحقها..وهذه المدينة تستحق منا الكثير رغم البلاء ورغم الحرب..كوني بخير..

شاهد أيضاً

قائد الجيش استقبل الامين العام للمجلس الأعلى السوري اللبناني

  استقبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة الامين العام للمجلس …