البنزين مُخَزّن للإحتكار والتهريب..التنكة بين 75و240ألفاً في البقاع

الإضراب “أحجية” للتغطية على الفاسدين والفساد و”التسوية” أمام امتحان جديد

أحمد موسى

3200 محطة وقود على مستوى الوطن، يكتوي مواطنوه انتظاراً في طوابير لم يالفها لبنان منذ وجوده، طلباً لتعبئة سياراتهم بمادة البنزين أو المازوت والتوجه بها إلى وظائفهم ومدارسهم، فضلاً عن احتكار هذه المادة من قبل أصحاب المحطات وبيعها إما في السوق السوداء وبأسعال مرتفعة أو تهريبها خارج الحدود، في الوقت نفسه يتآمر المسؤولون على المواطن مع الشركات فتمعن الطبقة السياسة قتلاً لمواطنيها بين الإنتظار الطويل على محطات الوقود وعلى أبواب الصيدليات والسوبرماركات على أنغام الغلاء الفاحش دون رقيبٍ أو حسيب، ليطالعنا أحدهم متشدقاً ومبشراً اللبنانيين بإعادتهم إلى زمن الغجر.

محطات البقاع الغربي إذلال واحتكار فتهريب
مشهدية الذل توزعت على محطات الوقود من أقصى البقاع إلى أقصاه، وحاول المواطنون الإستفادة من آخر قطرات البنزين في حال رفع الدعم ولو بنسب متفاوتة، وعلى وقع ما بشّر به وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر بوصول تنكة البنزين إلى 200 ألف ليرة كإشارة لرفع الدعم الكلي، معيداً المواطن إلى زمن الذل في طوابير المحطات من أجل تعبئة 10 ليترات بقيمة 30 ألف ليرة في أحد المحطات في بلدة مشغرة و65 ألف ليرة للتنكة في سحمر، تقابلها تفاوت الأسعار بين بلدة وأخرى في البقاع الغربي، حيث تباع التنكة في لالا بـ70 ألفاً، وفي جب جنين كذلك، أما في كامد اللوز فتراوحت بين 75 ـ 100 ألف ليرة، أما في غزة فبيعت بين 90 و240 ألفاً، أما في برالياس ومجدل عنجر فتباع بـ85 ألف ليرة لبعض الوقت نهاراً، وسط رواجٍ كبير للسوق السوداء في الغالونات لكل 9 ليتر تتراوح أسعارها بين 35 و50 ألف ليرة، حيث تنشط تخزينها في كاراجات وديبويات تحت المنازل، ما يُنذرُ بـ”قنبلةٍ موقوتة” بين الأحياء وتحت المنازل السكنية، مخاوف سادة الأحياء دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكناً، وإن وجدت على المحطات فهي تخضع للإبتزاز والتهديد والتعدي أحياناً كما جرى ويجرى على محطات الوقود في تعنايل والمرج.


لعنة المحطات وسوق التهريب
مشهد أصبح مألوفاً لدى المواطنين، انتظار منذ ساعات الفجر وقبله، طوابير تطبع عليها طابع الذل والإهانة، لكن الأبشع من ذلك، مشهد أحد المحطات في بلدة يحمر في البقاع الغربي، وفضلاً على الإنتظار والإذلال للمواطنين في طوابير منذ ما قبل ساعات الفجر، ينتابك مشهد ذلٍّ من نوعٍ آخر على تلك المحطة، حيث يُلزم صاحب المحطة المواطنين بالإنتظار حتى التاسعة صباحاً لفتحها أمام المنتظرين لساعات، معطلاً بذلك الموظف عن وظيفته، والأستاذ عن مدرسته، وسائق باصات المدارس عن وصول الطلاب إلى مدارسهم منهكين متعبين، من دون أن يدرك عمداً تبعات فعلته، في وقت أن الموظف بالوصول على رأس عمله ووظيفته والطالب محكوم بالوصول إلى مدرسته قبيل الثامنة صباحاً، هذا فضلاً عن التأخير والإنتظار طويلاً ليأتي دورهم، فيكونون بذلك يموضون ثلث نهارهم ذلاً وقهراً تحت رحمة “حكم الولد”، في الوقت نفسه لم تحرّك القوى الأمنية ولا مصلحة حماية المستهلك ولا مراقبي وزارة الإقتصاد ساكناً، والحاضر الوحيد لهذه الجهزة “غيابها التام”، حيث تغيب الرقابة بشكل شبه تام عن الجولات التفقدية لهذه المحطات في تلك المنطقة.
“لعنة” نفاد المخزون عن المحطات وبشكل فجائي أمام المواطنين البقاعيين الرفيق الدائم لهم بعد عناء الساعات في طوابير الذل والمهانة، لم تحفظ لمواطنٍ انقطع به سبل النجاة على قارعة الطريق هنا وآخر يطلب العون “لدفش” سيارته بعد أن أفرغت من البنزين، إلا أن مشهدية الصورة وعلى إذلالها، فإن المواطن يشكل أساس هذه الفوضى كما الفساد في عينه الذي يخيم على البلاد.


غياب الرقابة وأجهزتها
مصادر متابعة تساءلت أين مراقبو وزارة الإقتصاد ومصلحة حماية المستهلك والقوى الأمنية في الكشف على كل المحطات اللبنانية، وتباعاً على خزاناتها وخزانات الشركات المستوردة، التي تتحجج المحطات بعدم تسليمها المواد، لتستخلص أن “الكل يحاول أن يستفيد على ظهر قهر المواطن”، وإن كان رفع الدعم الذي يتحفنا به مستشار أصحاب المحطات فادي أبو شقرا، فان الإرتفاع الجنوني لأسعار المحروقات الرسمية واعتماد أصحاب المحطات البيع بأسعارٍ جنونية نهاراً لساعات، فإن أصحاب تلك المحطات تعتمد ظلام الليل للتهريب وبيع المادة بأسعارٍ خيالية، ضمنت لأصحاب المحطات ومن خلفهم الشركات أرباحاً طائلة، فتقنين البيع للمادة نهاراً وإنفاذ المادة المخبأة ليلاً للتهريب والمهربين على عينك يا تاجر، جعلت من الثنائي أصحاب المحطات والشركات وبحماية الدولة والسياسيين في المنظومة المستبدة في الوطن والمواطن، أساساً في الإنهيار وفقدان المادة، وهذا ينسحب على باقي السلع من مواد غذائية ودواء والطحين قريباً سيواجه فقداناً في السوق اللبناني.


فساد الناس
من يراقب ما يصدر من مواقف وتصريحات وبيانات يرى حملة مدروسة تريد حرف الناس عن الفساد الحقيقي الذي نشأ مع نشوء لبنان واستشرى على مدى عقود من الزمن حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، ورعته زعامات ومؤسسات طائفية ومذهبية وجهات خارجية، فالبلد المُعَطَّلُ بشكلٍ عام يعلنُ الاضرابَ العام.
حشد الجميعُ مع الإضرابِ سياسيون واحزاب، وحتى جمعيةُ المصارفِ وكبارُ المحتكرينَ والتجارِ اَعلنوا الاضراب، وما تبقّى من عمالٍ واصحابِ مؤسسات، فاضرابُ مَن ضدَّ من؟.
حكومةُ تختنقُ بتصريفِ الاعمالِ تطالبُ بالاسراعِ بتشكيلِ حكومةٍ مكتملةِ الصلاحيات، فيما مساعي التشكيلِ يكادُ يقتلُها طَلَقُ المواقفِ والبياناتِ في زحمةِ الوقتِ وعندَ صعوبةِ المخاض.
وأزمةٌ تُستولدُ من ازمة وأزمات، وكأننا أمام حالةٍ تُمهّدُ الطريقَ للأمنِ الذاتي، وبالتالي للفوضى، فوضى الحساباتِ قد تأخذُ الامورَ الى ما لا يمكنُ استدراكُه، فالاستخفافُ بفكرةِ إنهيارِ الدّولةِ ومؤسساتِها امرٌ خطيرٌ بحسبِ رئيسِ المجلسِ التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، لانَ لبنانَ سيكونُ عندَها أمامَ حالةِ انفراطٍ من الصعبِ جداً أن يعادَ جمعُه ولـمُّه من جديد، داعياً الى بذلِ جهودٍ صادقةٍ وحقيقيةٍ لتداركِ ما أمكن.


الإضراب الأحجية
فـ”أُحجية” الاضرابُ انتهى خجولاً، ولم يخجل من ضيّعوه بتهافتِهم على تبنيه، ومنهم مِن اعتى بُناةِ هذه الازمة – المعضلة – التي تمرُ بها البلاد، الراعينَ لكلِّ السياساتِ الاقتصاديةِ والنقديةِ التي استنزفت الدولةَ وضيّعت قطاعاتِها الانتاجيةَ ومواردَها الحيوية، ولم تَرحم بسياساتِها ومشاريعِ هندساتِها الماليةِ اموالَ المواطنينَ التي ضاعت في بنوكِ بعضِ المضربينَ اليوم.
أُحجيةُ الاضرابِ من قبلِ اطيافٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وحزبية ممن صنع مأساةِ المواطنينَ لا تقللُ من صدقيةِ نبضِ الشارعِ كما قالت كتلةُ الوفاءِ للمقاومة، ولا من مشروعيةِ مطالبِه وحقِّه في التعبيرِ عنها ورفعِ الصوتِ لتحقيقِها.
وحتى ينتهيَ الاضرابُ السياسيُ الذي بدأَ بعدَ جولةٍ من اشتباكِ البياناتِ العنيفة، فانَ الامورَ معلقةٌ على ازماتِها، إلا أن “التسويات” أقرب لما قد تنتجه “المفاجآت” على وقع طوابيرَ البنزينِ وتصريحاتُ وزيرِ الطاقةِ المستقيلِ من مهامِه ريمون غجر، الذي “أحرقَ الآمالَ بايِّ حلٍّ للازمة”.


الجيش..فرار بعد قرار
ازمةٌ بتشعباتِها تهددُ الجيشَ اللبنانيَ كما حذرَ قائدُه جوزيف عون امامَ المؤتمرِ الدولي الذي عُقد استجداء لدعمِه، معتبراً انَ استمرارَ الازماتِ التي لا افقَ لحلِّها يهددُ المؤسساتِ العسكريةَ داعياً الى دعمِ الجيشِ ومساندتِه كي يبقى متماسكاً وقادراً على القيامِ بمهامِه. دعم يشوبه الكثير من المخاطر على غير هواه، قد تكون مقدمةً لتحذير أخير أشبه ببيان رقم (1)، كي لا يدركه الخيار الأخير في زمن المتغيرات والتسويات، ويكون لهذا التحذير مفاعيل لا تُحمد عقباه، بعد كل ما تشهده المؤسسة العسكرية والأمنية بكل فروعها وتشعباتها ومواقعها من عدوى الفرار بعد القرار الآخذ قدماً على أكثر من صعيد.

شاهد أيضاً

الشجر الغريب والعجيب…. الخيزران ..!

الشجر الغريب والعجيب…. الخيزران ..! تسقيها بالماء، وتنتظر سنة كاملة ولا ترى نتيجة !! تظل …