بين الموضوعي والواقعي في الصراع مع الكيان الصهيوني 

بقلم الدكتور حسام الدين خلاصي


عندما يخطر لأبناء هذا الجيل أن يتفكروا بطبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني وينظرون للواقع الذي يحيط بهم ، عليهم قبل التوصل لإستنتاجات وتشكيل حلول أن يتحلوا بالموضوعية وأن يطلعوا جيدا على تاريخ الصراع مع هذا الكيان منذ نشأته على الأرض العربية في بلاد الشام أولا وعلى تاريخ الفكر اليهودي النازي المجرم هذا .
ولكن من المهم أيضا وقبل النظر للواقع العربي والإسلامي والمسيحي الحالي في مواجهة هذا الكيان وتقييم أدائه أن يكونوا موضوعيين في دراسة تاريخ المقاومة السياسية والعسكرية لهذا الكيان الغاصب، ومعرفة أسباب ما آلت إليه الأمور .
كانت الخيانة وإضاعة الوقت والإهمال والإنفعالية من أهم ميزات الأنظمة العربية والإسلامية المدعية لحمل لواء القتال والتحرير لفلسطين .
واشتغلت دول الشمال الأوربي وخاصة بريطانيا وفرنسا جنبا إلى جنب لترسيخ أنظمة عربية تعتمد الانفعالية الوجدانية وتبتعد عن العلمية والتجريبية في الصراع مع الصهيونية ، إلى أن أطلت أمريكا برأسها لاستلام الملف الصهيوني وتغير وتكشف الغطاء عن أنظمة عربية فاسدة متورطة حتى النخاع بالخيانة والتآمر على بعضها وعلى قضية فلسطين ، وبهندسة سياسية ومجتمعية أحد مفاصلها الربيع العربي تم التخلص من هذه الأنظمة وحكامها الواحد تلو الآخر ليتشكل في وعي الجيل الحالي الذي أتعبته الحروب أنه لاوجود للكيان الصهيوني بل هناك مايسمى دولة إسرائيل وعلينا التطبيع معها والاستسلام للسلام معها تحت ضغط الواقعية الإرهابية الإقتصادية والإجتماعية والإعلامية .
هذه الواقعية تقارب لحد كبير أو إنها مشتقة من الليبرالية الجديدة فتراها تحت عنوان ( هذا هو الواقع فاقبل به وتقدم للأمام ) ، وأغلب أنظمة العرب المتهالكة تبعية تجدها تروج لهذه الواقعية وتقنع شعوبها بها وتستمر بأنها حقيقة لاريب فيها .
ولكن الموضوعية التي تعاند هذه الواقعية وتجادلها وتحاربها وتتصدى لها تكمن في نظرية الحق والباطل ، فواقعية الباطل لاتلغي موضوعية الحق مهما تذاكت وأرهبت شعوب العرب ،فهناك من لن يقتنع إلا بالحلول الموضوعية التي ترتكز على استرداد الحقوق وطرد المحتل وعندها فقط تبدأ الواقعية الصحيحة التي تستند على الموضوعية التاريخية .
إن المعاصر لهذا الزمن سيوحى إليه أن الكيان الصهيوني مثلا أو الكيان الأمريكي قدر وواقع قوي لامفر منه والصدام معه خسارة والتطبيع شطارة ، ومن أجل ذلك يجب تناسي الحقوق والقبول بما تيسر لكي نعيش ويعيش الآخرون ، وطالما أنت ضعيف فاقبل بما تيسر .
ولكن هناك فئة أخرى معاصرة لها جذور تاريخية أصيلة موضوعية تعتمد على أن الكيان الصهيوني لزوال وأن المقاومة حق وواجب وشرف وتعد العدة كل مطلع شمس لهذا الصراع رغم كثرة الواقعيين في الجوار والمحيط .
إذا هو الصراع بين الموضوعي والواقعي كبداية للصراع مع الوجود الصهيوني وأشكال الاحتلال الأخرى وهو أمر شاق ولاشك ، ولو أن الجهود تكثفت لقصرت مسافات التحرير.
في سورية تصميم على استهلاك وتدمير كل ماهو موضوعي من سيادة وقوة واكتفاء ذاتي و قدرات لحساب واقعية الجوع والتعب والإنهاك والاحتلال وواقع التقسيم على أقرب حد ، ولكن شعبا اختار أن يتمسك بموضوعيته ويحدد حلفاؤه ويحافظ على سيادته وقراره بالانتصار رغم كل قذارات الواقعية اليومية والعدوانية والإرهابية .

شاهد أيضاً

تفقد انشطة الدورات الصيفية في مديريات القفر والمشنة وريف إب والظهار بمحافظة إب اليمنية ..

تقرير /حميد الطاهري تفقد اليوم مسؤول التعبئة العامة بمحافظة إب”وسط اليمن ” عبدالفتاح غلاب ، …