السيد محمد حسين فضل الله

في البدء كان الحب

المرجع المجدّد السيد محمد حسين فضل الله 

إعداد وتنسيق د. علي رفعت مهدي


في البدء كان الحب..
فالله بكل رحمته، وبكل حنانه أعطى للوجود وجوده، وأعطى للإنسان حياته ليكون العطاء _ ولا سيّما هذا العطاء المطلق_. من المطلق الذي لا حدّ لحبّه ، ولا حدّ لحنانه ، كما لا حدّ لقدرته ..
في البدء كان الحب .. وكان العطاء حركة الحب في الوجود يشير إلى كل عقل أن يحب الفكر ، ويحب الإنسان ليعطي من عمق معنى العقل في ذاته شيئاً للإنسان يمنحه في كل يوم عقلاً ليتجدد العقل بفعل الإنسان الذي يحب فيعطي الفكر ويعطي العقل ..


الزمن … الوعي:


وهكذا كان الحب وكانت الرسالة منذ انطلق الأنبياء بكل أحاسيسهم وبعمق الألم في الإنسان في الجهل الذي يحرق الإنسان فتنطلق الرسالة من أجل أن تفتح له أبواب النور في اتجاه العلم .. وكانت الرسالة حركة الحب في حركة الإنسان الذي انطلق من أجل أن يتمرّد على تخلّفه لأنه ينظر الحياة تتقدّم ويرى أن التقدّم ليس هو أن تقطع مسافات الزمن ولكن التقدم هو أن تقطع مسافات الفكر حتى يمكن لك أن تعطي الزمن عمر الوعي ؛ بعمر الفكر وعمر العقل ..

رسالات الحب:

كانت الرسالات رسالة الحب .. فكل رسالة انطلقت من وحي الله لتنغرس في قلب الرسول من أجل أن ينبض حباً لينصح وليعلّم وليرشد وليحرّك الإنسان في اتجاه الأعلى، وليتألّم وليعاني، ويعيش المأساة في حياته من أجل أن ينتصر على الذين يصنعون المأساة للإنسان عندما يصنعونها جهلاً وتخلّفاً وبغياً وظلماً وعدواناً..
وقد رأينا كيف أن السيد المسيح(ع) ينطلق ليختصر معنى الله في كلمة المحبة فيقول: “الله محبة” ولننفتح على رسول الله محمد لنستمع إليه وهو يربط بين الإيمان وبين الحب : “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لها” فأنت تعيش قلباً مفتوحاً على حب الإنسان حتى كأنّه أنت ، وكأنّك هو، إذاً فأنت مؤمن ، أمّا إذا كنت تعيش الحقد والبغضاء “صلّ ما شئت” و “صُم ما شئت” فإنك لست بمؤمن.. لأنه لا يجتمع في قلب إنسان مؤمن “الله والحقد” يوم لا ينفع مال ٌولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم “سليم من كلّ ما يشوّه معنى الإنسانية ..
هكذا كان الحب نبضة في القلب وإشراقة في العقل وحركة في الطاقة.. فلا بدّ لعقلك أن يحبّ فيعطي فكراً، ولا بد لقلبك أن يحبّ فيعطي عاطفة وحناناً ورحمة ولا بدّ لطاقتك أن تحبّ فتتفجّر عطاءاً بكلّ ما يحتاج إليه الإنسان من عطائك…!!!


والحمد لله رب ّ العالمين
بيروت 10 تموز 1998

إعداد وتنسيق: د. علي رفعت مهدي

شاهد أيضاً

طرابلس عاصمة للثقافة العربية

  المرتضى من بلدية طرابلس: مرحلة الانقسام والتجاذب رحلت ولن تعود ونستبشر بمرحلة جديدة تجلب …