السيد محمد حسين فضل الله

الإستعداد لشهر الله


المرجع المجدّد السيد محمد حسين فضل الله 

اعداد وتنسيق د. علي رفعت مهدي


إنَّ الاستعداد لشهر رمضان لا بدَّ من أن يكون في داخل نفسك، فتطرد من عقلك كلّ فكر باطل وثقافة باطلة، ليكون فكرك فكر الحقّ، والتزاماتك الثقافيّة التزامات الحقّ، وتطرد من قلبك كلّ ما لا يحبّه الله من حركة القلب في نبضاته، فتبتعد عن الحقد على المؤمنين ، وعن المحبة للكافرين وللمستكبرين، أن يكون قلبك منفتحاً في نبضاته على ما يحبّه الله من العاطفة، وأن تطهّر جسدك من الذّنوب، وتطهّر عينيك مما حرّم الله النظر إليه، وتطهّر أذنيك مما حرّم الله الاستماع إليه، وتطهّر لسانك مما حرّم الله النطق به، وتطهّر يديك مما حرّم الله أن تحمل بهما أو تستعملهما لأكلك أو شربك، وتطهِّر بطنك من أن يدخل فيه حرام، وتطهِّر رجليك من أن تسيرا في مشروع حرام، وتطهِّر فرجك من كلّ شهوة حرام، بهذا يكون رمضان شهر الطّهور”.
شهر الدعوة الى الله :
وشهر رمضان هو شهر الدّعوة إلى الله والإخلاص له، وتعزيز المناعة الروحية والأخلاقية وفي ذلك يصف الإمام زين العابدين شهر رمضان : “شهر رمضان شهر الصيام – من خلال قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} – و شهر الإسلام – هو الشّهر الذي يعيش الإنسان فيه الإسلام في عقله وقلبه وحركته وعلاقاته وتأييده ورفضه، بحيث يكون كلّ كيانك إسلاماً، فتتحمّل في هذا الشهر مسؤوليّة نشر الإسلام ، لأنَّ الله أراد لك أن تكون الإنسان الّذي يدعو إلى الإسلام بحجم ثقافتك ومعرفتك ، وأن تعيش الاهتمام بكلِّ قضايا الإسلام والمسلمين، وتقف ضدّ كلّ من يحاربهم – و شهر الطّهور – الشّهر الذي تتطهّر فيه من الذّنوب والأخلاق السيّئة، ومن العواطف السلبيّة والنيّات الخبيثة، ومن معاصي الله في كلّ ما أراد الله لك أن تطيعه فيه ولا تعصيه – و شهر التّمحيص – وهو التّخليص، بأن تحاسب نفسك في نقاطها السلبية والإيجابية، لأنّ كلّ واحد منّا له نقاط سلب ونقاط إيجاب، فكما أنّ الإنسان يعاني في بعض الحالات من فقر الدّم، فإنّ هناك من يعاني من فقر التقوى وفقر الإيمان، لذلك علينا أن نمحّص أنفسنا من كلّ الأدران الّتي زحفت إليها من خلال علاقاتنا وقراءاتنا ومشاهداتنا وما إلى ذلك، بحيث يخرج الإنسان من شهر رمضان خالصاً مخلصاً لله تعالى – و شهر القيام “، الذي يزداد فيه وقوف الإنسان بين يدي الله في ليله ونهاره، ليحسّ الإنسان في قيامه بحضور الله في عقله وقلبه وحياته، حتى كأنّه يرى الله”.
“وقد تحدّث الإمام زين العابدين(ع) أيضاً عن صفات هذا الشّهر في دعائه، فقال: “اللّهمّ هذا شهر رمضان ، الذي أنزلت فيه القرآن، وهذا شهر الصّيام، وهذا شهر الإنابة – وهي الرجوع إلى الله لأنّ كلّ واحد منا في هذه الدنيا يشرّق ويغرّب، فيذهب في رحلة سياسية واجتماعية واقتصادية مع الشياطين، وفي هذا الشَّهر يدعونا الله للعودة إليه، وهو قريب كما وصف نفسه تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}. فلنرجع إلى الله، ولندرك أنَّ هؤلاء الذين نتبعهم من شياطين الإنس والجنّ، لا يملكون لأنفسهم ولا لنا ضراً ولا نفعاً. لذلك، قبل أن يأتي شهر رمضان، اجلس بين يدي ربّك وقل له: يا ربّ، لقد ابتعدت عنك كثيراً، وسرت في طريق الغواية كثيراً، وها أنا راجع إليك، وسيتقبّلك الله تعالى، وهو الذي يعفو عن عباده – وهذا شهر التوبة – تب إلى الله، فإنه تعالى يحبّ التوّابين والمتطهّرين – وهذا شهر المغفرة والرّحمة، وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنّة”…


والحمد لله رب العالمين

اعداد وتنسيق د. علي رفعت مهدي

شاهد أيضاً

البيسري بحث والسفير البلجيكي في جدول زيارته المرتقبة إلى بروكسل في 22 ايار الحالي

  الامن العام يعلن المباشرة باجراءات ضبط وتنظيم ملف السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية إستقبل …