كنوز مذهلة بين ثنايا التربة

-1-

الكاتب أحمد فقيه

النفايات مصدر خصب للكثير من الإكتشافات العجيبة

    تتناول مجلة “فوربس” العلمية موضوع النفايات والكنوز التي تُخبئوها، والفوائد التي يتم إستخلاصها منها، فتقول المجلة: هل تريد العثور على عقار مدهش، أو على مادة كيميائية مفيدة في العديد من الأغراض الصناعية، أو حتى الحصول على مادة أفضل لتنظيف الملابس.. إذًا حاول البحث في النفايات.

    وتصنف المجلة أحد علماء الأحياء وهو يقوم بهذه المهمة، وهو” رالف كولنز”من ماريلاند، فتقول:

    العالم “رالف كولنز” يحب التجوال بسيارته في الريف ليس من أجل الإستمتاع بالمناظر الطبيعية، بل لكي يجمع عينات من التربة المحلية وهو يقود سيارته على الطرقات. يتوقف كلما لمح بقعة من التربة تثير إهتمامه وعندها يغرف العالم بعض التربة بملعقة ويضعها في حقيبة أعدها لهذا الغرض..

ويتابع رحلته للبحث عن صيد آخر.

عينات لا تقدر بثمن

    وتمضي المجلة في توصيف هذه الكنوز، فتقول أي شخص يملك هذه العينات لا يفرط فيها أبدًا، وبالنسبة لكولنز فهي لا تقدر بثمن، ويأمل باحث المعهد البريطاني للسرطان أن يجد في هذه العينات علاجًا للأيدز والسرطان.

    كولنز باحث بيولوجي يجوب الطبيعة بحثًا عن مركبات قد تعمل على محاربة الأمراض أو تفيد في مجالات من الأعمال مثل: إزالة البقع عن الأنسجة والملابس وغيرها، والإحتفاظ بالخبز طازجًا، وغير ذلك من النشاطات والمجالات، في الوقت الذي يقوم فيه بعض الباحثين البيولوجيين بإختبارات على النباتات والحيوانات بحثًا عن مواد جديدة، فإن كولنز يتعامل مع أصغر عناصر الطبيعة وأكثرها وفرة وهي العضويات الدقيقة جدًا مثل الفطريات والبكتيريا.

يطرق لوكنز أبواب الطبيعة بحثًا عن أكثر عناصره وفرة.  

إن إفتتنان كولنز بما يكمن بين ثنايا التربة لأمر غير عادي.

    وينكب الآن العديد من شركات الأدوية الكبيرة وكذلك شركات التكنولوجيا الحيوية على دراسة المايكروبات وصولاً إلى عقاقير في مجال من المجالات وصولاً إلى عقاقير ذات فائدة معينة. ويساعد علماء الدولة والجامعات في هذه العملية عن طريق تجميع وتحديد الفطريات والبكتيريا من بيئات محتلفة حتى أن أصدقاء وأقرباء الباحثين يشاركون في البحث، وذلك بأخذ عينات من المواد المايكروبية من المناطق التي يقضون إجازاتهم فيها.

بكتيريا لإنتاج الجليد

    إن عمليات البحث في كنوز التربة قد أدت إلى الكثير من الفوائد والأحداث متعددة الجوانب، منها ما يلي:

*    بينما كان احد العاملين في مؤسسة سانروز للأدوية يقضي إجازة في النرويج أخذ معه بعض الطحالب، إستخدمت في إنتاج علاج يساعد الجسم على المقاومة  لعناصر الخارجية وأطلق على العلاج إسم سايكلوبورين وقد أحدث دويًا كبيرًا. 

*     في حقل الذرة، وجد طالب خريج من جامعة ويسكوفون نوعًا من البروتين البكتيري الذي يعمل على تكوين الجليد الذي يستخدم الآن في العديد من مراكز التزلج على الجليد لصنع الجليد الإصطناعي.

  *  في تربة معبد أندونيسي، نبش أحد العلماء نوعًا من الميكروبات الذي يستخدمه الآن العاملون في المشروبات الخفيفة لتحويل النشا إلى سكر. 

*أخذ أحد العلماء حفنة تراب من ملعب للغولف في اليابان تم إستخدامها في إنتاج علاج عدوى طفيلية تصيب الدواجن.

    وهذه ليست سوى بداية، إذ أن هذه النفائس المايكروبية عبارة عن مصادر للتوابل والمغذيات في تحضير الأطعمة والفينامينات، توفر هذه المايكروبات أساليب أرخص وأكثر فاعلية لتصنيع الجبل، الورق، العصير وغيرها الكثير. كما وأنها آمنة ذات فاعلية وجزئيات قابلة للتحليل البيولوجي. وتستطيع في أغلب الأحيان أن تحل محل مواد كيميائية أخرى ملونة تستخدم في المعالجات الصناعية.

مبيعات من النتاجات المايكروبية تصل إلى 570 مليون دولار

وصلت مبيعات الشركة الدانماركية نوفونودينا، المستخرجة من المايكروبات إلى 570 مليون دولار أميركي.

إبرة في كومة قش

    وذلك لا يعني أن العثور على العضويات المايكروبية عمل سهل، إذ أن عمليات التمحيص في آلاف العينات من التربة بصورة خاصة تشبه من يبحث عن إبرة في كومة قش، وفي المتوسط، كل عقار جديد قابل للتسويق يتم العثور عليه من خلال 20,000 مركب طبيعي يتم إختباره. ونتيجة لذلك قد تمر سنوات قبل أن تستطيع مجموعة الأبحاث العثور حتى على مادة كميائية جديدة ذات أهمية.

النتائج تستحق الإنتظار

    إلا أن الأمر يستحق هذا الإنتظار وهذا الجهد لأن إبداعات الطبيعة الخلاقة يفوق بكثير إبتكارات الإنسان. يقول آرت جيرارد، إختصاصي في المايكروبيولوجي لدى بفايزر (شركة أدوية) هامة، إن الطبيعة تعطينا أشياء لم يسبق لصيدلي أن حلم بها. ومن الأمثلة على ذلك العقار “آبفرميكين” الذي تسوقه شركة الأدوية العملاقة “ميرك”. إنه نتاج بكتيريا التربة، يقوم بمحاربة الإصابة بالديدان في الإنسان والحيوان، وبطريقة أفضل من أي عقار آخر. ومع ذلك فإن هذا العقار المدهش له طريقة كيماوية حيوية في العمل لم يكن بإمكان أحد التنبؤ بها، ذلك أنه يعمل على شكل الديدان عن طريق قطع عملية إرسال الإشارات العصبية.

سباق مع الزمن

    يقول توماس إيسنر، عالم البيئة، في جامعة كونيل، إننا لا نزال في بداية الطريق في مساعينا نحو المصادر الطبيعية الواسعة. إذ أن ما أستطعنا العثور عليه حتى الآن لا يتعدى جزءًا يسيرًا جدًا من جميع المايكروبات وإكتشاف ما تبقى عبارة عن سباق مع الزمن، وبسبب الفقدان السريع لأنواع عديدة متنوعة من العضويات البيولوجية عن سطح الأرض، يخشى هو وخبراء آخرون من إنقراض الأنواع المفيدة حتى قبل أن يعلم احد بوجودها.

    رسالة واضحة إلى كل من يعمل في مجالات علم الأحياء (البيولوجي)، مع العلم أن بلادنا، والحمدلله مليئة بالتنوعات الطبيعية التي تعرض ذاتها لكل من يتجول بين روابيها.

والله سبحانه وتعالى يهدي كل من يريد الهداية.

وإلى اللقاء في حلقة مقبلة مع المزيد من التفاصيل

شاهد أيضاً

الحبال وتعاون جديد مع شركة focuson top productino

اعلن الحبال عبر مواقع التواصل الأجتماعي خبر توقيع عقد ادارة اعمال مع شركة focuson top …