أعمل طبعاً بوصيتك: الرشوة والمال الحرام لا ولن يعرفا لي طريقاً

القاضي حسن نمر الشامي

*رغم الظروف الصعبة جدا في البلاد، ورغم أن مآسي الناس حولنا قاسية للأسف، من واجبي في ذكرى مرور عامين على غياب والدي” نمر الشامي” أن أشارككم هذه اللحظة، لعل فيها بعض وفاء له، وعبرة لنا جميعا، ومناسبة للترحم على من رحل من أحبائكم، والدعوة بطول العمر لمن ما زال منهم يزين حياتكم…إليكم مشاعري وما إستطعت تلخيصه…مع دموعي وحبي واشواقي وتمنياتي بدوام الصحة عليكم جميعا وعلى وطننا الحبيب “لبنان”:

《 عامان على غيابك كأنهما دهرا أو كأنهما أمس


سنتان من فقدان موجع لحنانك الذي لم نعتد على العيش دونه، حتى وصل بنا “الطمع” أن ندمن عليه وعليك.
منذ ٢٣ آذار ٢٠١٩ عصراً وقلوبنا تعتصر، ونكاد لا نصدق أنك لم تعد هناك، حيث سريرك واريكتك ووسادتك ومسندك في الباحة الخارجية.
هناك: كل شيء موسوم بك: صوتك، طهر أنفاسك، بسمتك، صحن طعامك، وسيجارتك التي لم تفارقك.
هناك: كنت تدبك مع “رضا”، تحضن “رجا”، وتنتظر “حلا” قادمة من الدكان تجلب لك ما تحبه.
أبي: هل تظن أن شريط الذكريات يمر علينا هينا؟
هل تعلم أننا أولادك الثمانية ما زلنا في حالة عجز عن رد الجميل إليك؟ وعن حمل ارثك؟ وعن الندم على كل ما فاتنا معك؟ وأننا رغم فخر الانتماء إليك، نعيش ونحيا على الدعاء إلى الباري عز وجل أن يغفر لنا أي تقصير أو “أوف”؟
وأنا تحديداً: أدرك أنني كنت جاهلاً، استقوي عليك بتدليلك لي، وأعمت غشاوة شقاوتي ما كان علي أن اقدره: لم تكن ترضى أن تأكل إذا كان “حسن” زعلان، ولا يهنأ لك عيش دون الاطمئنان إلى كل ما يتعلق بي، حتى وصل بك الأمر أن تحرص على الإتصال ليل كل أحد للتأكد من وصولنا إلى بيروت.
لكني يا “حاج” ما زلت احتفظ بساعة يدك، أجلس حيث كنت تجلس تماما(لمن يسأل دائما لماذا أحرص على تلك الكرسي)، أعمل طبعا بوصيتك: الرشوة والمال الحرام لا ولن يعرفا لي طريقا ، وخدمة المساكين نعمة من الله…أروي قصص اصطحابك اياي إلى وظيفتك في التفتيش المركزي، وأحاول أن اتباهى أنني كنت ابادلك لاحقا: “المشبك” وتوسلي إليك أن توصيني جلب ما تشتهيه من لبنان أو الخارج…لكن هيهات…فأنا مهما فعلت: صغير صغير صغير…لا ارفع رأسي إلا عندما يذكر أحدهم أني إبنك…وانت: “فخامة أبي” كما قال عزيز على المنبر في ذكرى اسبوع رحيلك.
أبا يحيى: ٢٣ حفيدا و١٠ أولاد أحفاد، يتلحفون اليوم ببركة أم يحيى تعوض لنا من حبك الكبير.
ختاما: يكفي للدلالة على ما تركته من أثر في القلوب: أن صديقا للبيت وجدني منذ أشهر اعدل في ساحته نوعا ما لضرورات التوسعة، فما كان منه إلا أن بادرني بعتاب مشفوع بالدموع وهو على سجادة صلاتك: “لماذا يا حسن”؟ مع أني لا اتجرأ على محو أي حجر فيه لمسة من يدك، أو شجرة اعتادت عنايتك، أو ركن رسمته بعرق جبينك، وأنت مثال من عاش ٨٩ عاما جلها فقر وتعب، حتى كبرنا وكان هدفنا أن نقتل ذلك الفقر بسيفنا كما تمنى الإمام علي ابن أبي طالب يوما، في عظة مؤلمة لكل الأجيال. 》

شاهد أيضاً

طرابلس عاصمة للثقافة العربية

  المرتضى من بلدية طرابلس: مرحلة الانقسام والتجاذب رحلت ولن تعود ونستبشر بمرحلة جديدة تجلب …