دراكولا لبنان

طعّان حبشي

للذين سبق لهم أن مرّوا او زاروا رومانيا خلال السفر او خلال الرحلات السياحيّة، فإنّهم يٌلاحظون الكثير من أوجه الشبه ما بين تلك البلاد ولبنان اليوم، خاصةً فيما يتراىء للزائر من النظرة الأولى من مشاهد الفوضى وتكدّس النفايات في الشوارع والطرقات. واللامبالاة التي يُبديها السكان تجاه ذلك. ومن التّحايل والمُخادعة التي تستكشفها عنهم من خلال تصرُّف فئة منهم وهي سائقي الأجرة، فهم يتشاطرون ويتماكرون على الغريب الذي غالباً ما يقع ضحية لمكرهم، وهذه العينة التي لا تلتزم بالقوانين والنظام تسري بمفهومها على الشعب كله، فمن المنطق أن يتماثل ويتشابه كل من يعيش ضمن البوتقة الواحدة والمجتمع الواحد.

واللافت للانتباه بانك وفور وضع رجلك في المطار أو في أي مكان على أرضها، تُطالعك مفخرة ورمزيّة دراكولا وبأشكالٍ مُتعدّدة، في الصور والملصقات والكتيبات والاعلانات السياحيّة والسير التاريخيّة وما إلى ذلك من الدعايات الاستقطابيّة للسّواح. وبالحقيقة إنّ قصّة أو حالة دراكولا هذه ليست سوى أسطورة خياليّة حصلت في رومانيا قديماً جوهرها الرعب والموت. بطلها مصاصُ دماءٍ أرسى من بعده أرضيّة خصبة مشبّعة برؤى وتخيّلات لعالمٍ نظيره من مصاصي الدماء الذين سادوا بأفعالهم المرعبة على أفكار وعقول الرومانيين القدماء .

أقصى حدود التشابه ما بين رومانيا ولبنان هو أنّ هذه الاسطورة نحياها حقيقة في لبنان، فيا ما أكثرهم عندنا مصاصي الدماء الحقيقيون الذين يمصّون دم اللبنانيين دون أن يرف لهم جفن أو يُوخز لهم ضمير، في لقمة عيشنا بتجويعنا، في كبريائنا وكرامتنا بإذلالنا ، في حرمة وجودنا بإخضاعنا على السفر وترحيلنا من وطننا مُرغمين، في إفقارنا بسرقة أموالنا ومُدخّراتنا، في التهويل علينا وأرعابنا بتخويفنا وقتلنا، وفي ضرب أنتمائنا وسلب هويتنا بتفريقنا وبتقسيمنا بتقوية روح الطائفيّة والمذهبيّة في صفوفنا، وزرع الكره والبغضاء فيما بيننا، وكل ذلك يقومون به خدمةً لمصالحم الشخصيّة وعمالتهم وإرتباطاتهم المشبوهة ومُخططاتهم المُدمِّرة ولدوام واستمرار كراسيهم ومراكزهم ولو على جثث مواطنيهم.

فكما أنّ دراكولا الاسطورة يمصّ الدماء ويزرعُ الموت فهكذا وبالحقيقة هم مُعظم السياسيين في لبنان يمصّون دماء اللبنانيين حتى الموت “فقطع الأرزاق من قطع الأعناق ” و “لا خيانة توازي قتل ُشعبٍ وإنهاءُ وطن”.