أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

ريتا الحكيم من سوريا، مجازة في الأدب الفرنسي.
عملت في التدريس لفترة طويلة.

غزيرة الإنتاج، كثيفة النّشاط في المواقع الأدبيّة. معظم قصائدها من نوع الشّعر الفكريّ . وجلّ موضوعاتها من اللّون الاجتماعيّ، مع الانفتاح على آفاق إنسانيّة، بواسطة رؤية نقديّة نسويّة تدين تحجّر التّقاليد المتوارثة وتصبو إلى مستقبل أفضل تنعم فيه المرأة  العربيّة بالمزيد من الحرّيّة والاحترام.

تميل إلى استثمار الطّاقات الانفعاليّة التي تنطوي عليها الموضوعات المطروقة أكثر من تصميم الصّور المبتكرة المباغتة.

شاركت مرَّتين في أنتولوجيا صادرة في الهند وهي تتضمن نصوصاً شعرية لشعراء من مختلف دول العالم.

نشرت لها قصائد وقصص قصيرة في عدة صحف ورقية والكترونية ولديها عدة إصدارات مشتركة مع كتاب وشعراء من عدة دول عربية.
من اصداراتها:


-مجموعة شعرية “كما لو أن النوتة سقطت سهوًا “
-مجموعة قصصية “نَزَق ” عن دار المختار في مصر
-مجموعة شعرية “الموت أنيق حين يقف أمام الكاميرا” عن دار التكوين في دمشق.
أُدرِج أحد نصوصها القصصية في كتاب “فن كتابة القصة القصيرة ” تأليف الدكتور مختار أمين .
وأدرجت إحدى قصائدها في كتاب “قصيدة النثر العربية المعاصرة بمنظور ذرائعي ” تأليف الدكتورة عبير يحيى وهو صادر في مصر .
قلم يستحق المتابعة بما يتميز من عطاء وانفتاح على مواضيع اجتماعية متعددة.

الشاعرة السورية ريتا الحكيم:

القصة القصيرة تزيِّنها الشِّعرية في السَّرد ودون ذلك تغدو كخبرٍ أو مقالٍ في صحيفة..

*يبدأ الميل إلى الكتابة في اللاوعي، ليصير لاحقًا كل الوعي.
حدثينا عن ولادتك الشعرية؟

  • أن تكون شاعرًا أو كاتبًا ليس قرارًا يُتَّخذ.. الكتابة فعلٌ عفوي ينهلُ من مخزونٍ وتراكمات على مدى سنوات بدءًا من الطفولة إلى إن تحين الفرصة المناسبة لتنبثق الفكرة ومن ثم تتولَّد منها الأفكار تباعًا، وتتجسَّد في بوحٍ على الورق من خلال نصوصٍ أو قصائدَ او حتى مقالات.
    أضيف إلى ذلك القراءات الكثيفة وفي عمر مبكِّر تزيد من هذه الملَكة وتصقلها.. مع أنني بدأت بنشر ما أكتب في وقت متأخر إلا أن ذلك لم يكن عن قصدٍ بل كان لظروف العائلة والأولاد.. ثم جاءت الحرب وخيَّمت علينا عشر سنوات متتاليات وكانت الكتابة بالنسبة لي في هذه الفترة تخفيفًا لهذا الكابوس الذي عشناه، والذي كانت عواقبه وخيمة على البشر والحجر..

*الشاعرة ريتا الحكيم مزدوجة اللّسان، غزيرة الإنتاج
هل سنشهد لك إصدارًا باللغة الفرنسية إلى جانب إصداراتك باللغة العربية؟

  • كتبت باللغة الفرنسية ونُشرت لي عدَّة قصائد في مجلة “مشارف” الإلكترونية في تونس وأتمنى أن أتوصَّلَ إلى ذلك ذات يوم.

*قلمك النسويّ كيف يساهم في مواجهة تحجر التقاليد التي تحاصر المرأة العربية؟

  • لا نستطيع تجاهل أو إنكار الحصار المفروض على المرأة من خلال تقاليد مجتمعية لم تعد صالحة لأي زمان وفي أي مكان.. الأمر يتطلب جرأة منها لمواجهة هذا الإجحاف بحقها في كافة المجالات مع التنويه إلى التفاوت في حجم الظلم الواقع عليها بين مجتمع وآخر.
    لا يكفي أبدًا أن نضع هذه القضية تحت المجهر بل يجب إيجاد الحلول لها وهذا لن يحدث بجهد فردي، على المرأة أن تتسلح بالعلم فهو السلاح الأقوى الذي تواجه به هذه التحدِّيات.
    لم أكتب يومًا إلا عن الإنسان وبلسانه وقلبه دون التمييز بين الجنسين.. الكثير مما كتبتُه جاء على لسان رجل.
    من أين يبدأ التغيير المطلوب؟ من قانون الأحوال الشخصية الذي ما زال يعتبرها ضلعًا قاصرًا رغم أنها تواكب الرجل في كلِّ مناحي الحياة، الفكرية منها والعملية.
    ولا أنكر أن جزءًا من المسؤولية يقع على عاتق المرأة وذلك برفضها وإصرارها على ألا تكون سلعةً يتداولونها.. المرأة الحرَّة تستمدُّ حرِّيتها من ذاتها؛ فالحرية حقٌّ وليست هبةً أو مكرمةً، والسكوت عن الحق يعود على صاحبه بالويلات سواء كان رجلًا أو امرأة.

*حدثينا عن مشاركتك في “أنطولوجيا أمارافيتي الهندية” وعن هذا التلاقي الثقافي الجامع?

  • المشاركة في أنتولوجيا “أمارافيتي الهندية” هي تجربة غنية وجديرة بالتوقف عندها.. مشاركتي إلى جانب شعراء من مختلف دول العالم وبجميع اللغات أمر يستحق، علمًا أنني كنتُ قد دعيتُ إلى الهند من أجل الاحتفال بهذين الإصدارين في عاميّ 2018 و2019 لكن ظروف الحرب حالت دون ذلك.

*بين الشعر والقصة، أيهما الميدان الذي يصول فيه قلمك بحرية، أو هما يتكاملان في لغتك؟

  • القصة القصيرة تزيِّنها الشِّعرية في السَّرد ودون ذلك تغدو كخبرٍ أو مقالٍ في صحيفة.. أجد القصة القصيرة مكانًا أكثر رحابةً من حيث تعدُّد الشَّخصيات وتنوُّع الأمكنة.
    أحبُّ كتابة القصَّة القصيرة لأنها تمنحني حريَّةً التعبير، لكن الشِّعر يكمِّل ويثري تلك الفسحة التي كانت ملاذي في أوقاتٍ عصيبة ووجدت نفسي متورِّطةً فيه دون قصدٍ مني.. ويا لها من ورطةٍ ممتعة.

*الثورة هي الكلمة الأكثر بطولةً في جميع اللغات.
هل نجحت ثورة المرايا في القضية التي اعتنقتها؟

  • لم يُخلَقِ الإنسان إلَّا ليكون ثائرًا.. ضد الظلم والاستبداد، ضد انهيار القِيَم التي يؤمن بها والتي اتَّخذها أسلوبًا لحياته لا نقاش فيه.. ضد الفقر والجوع.. ضد التخلُّف والجهل، وحتى ضدَّ نفسه في حال انحرف عن الخط المستقيم الذي رسمه لنفسه.
    “ثورة المرايا” قصة قصيرة من مجموعة “نَزَق”.. الثورة تبدأ من داخل الإنسان حين يتشتت بين ما يقوم به من أفعال وبين ضميره وما المرايا إلا انعكاسًا ضبابيًّا لا يفصح عن حقيقة الإنسان ونوازعه.. من هذا الحيز يتمدَّد مفهوم الثورة ليشمل الدائرة الأصغر المحيطة بالإنسان إلى الدائرة الأكبر والتي تتمثل بالمجتمع وبالأنظمة السائدة في البلاد.
    “ثورة المرايا” هي دعوة لإعادة النظر في سلوكنا بهدف تصحيحه وتقويمه.
  • *الثقافة تحدد مكانة المجتمع ومدى تطوره.
  • كيف تصفين المشهد الثقافي العربي عامة والسوري خاصة؟ هل نحن على قيد المعرفة؟
  • لم يخلُ يومًا المشهد الثقافي من المحسوبيات والشللية وهذا ليس بأمر جديد، وله تأثيرات سلبية بشكل عام.
    أما عن المشهد الثقافي السوري خلال العشر سنوات الماضية؛ فقد أفرز مواهب كامنة لدى جيل من الشباب كانت تداعيات الحرب عليهم قاسية من تهجير وتدمير لممتلكاتهم.. ومن هنا نشأ أدب جديد من قلب الألم وطفا على سطح المعاناة شعرًا، نثرًا وقصًّا.. وهذه الإنتاجات كانت خارج الحدود الجغرافية لسوريا، ولا نستطيع إغفال إنتاجات، وإبداعات مَن بقيوا داخل سوريا وبكل الأحوال الساحة مفتوحة للجميع ولن يصحَّ فيها إلَّا الصَّحيح.

*الإصدارات المشتركة مع كتاب وشعراء من عدة دول عربية هل هي فعلًا تمازج ثقافي يغني المجتمعات، أم حلّ أمام التكلفة المادية التي تواجه الإصدارات؟

  • أرى أنها نافذة فسيحة للتعريف بالمشاركين وقد لجأ إليها كثيرون ليس فقط لهذا السبب ولكن أيضًا بسبب التكلفة المادية خاصَّةً وأننا اليوم نواجه صعوبات معيشية على كافة الأصعدة.. بعد خوضي لهذه التجربة في البدايات لا أحبذ تكرارها، وطبعًا هذا رأيي الشَّخصي.

*أترك لك الختام مع قصيدة تهدينها لقراء كواليس...

  • القصيدة أدناه مُدرَجة في إصدارٍ جديدٍ سيرى النور
    في وقتٍ قريبٍ.

إهداء إلى لا أحد ——————–

ألتهمُ الوقتَ من ألفهِ إلى يائهِ
أجدُني بعد ذلك بدينةً..
مُتخمةً بالفراغِ
*
مَن يهتدي إلى مخبئي السِّري
بين دفتيِّ كتاب..
يعجزُ عن تقليبِ صفحاتهِ
ويبقى عالقًا بصفحة الإهداء،
حيث لا شيء فيها ينبئ عن أنفاسٍ لاهثةٍ
وتأوُّهاتٍ تعلو وتيرتُها فيما لو نجحَ بالانتقالِ
إلى تلك التي تليها
*
الحبرُ دمٌ يتخثَّرُ في أوردةِ النُّصوصِ..
النُّصوصُ تُهَمٌ لا تموتُ بالتَّقادمِ
سأسألُ الزائرَ المُرتَقبَ:
كيف لرجل مثلكَ أن يحجبَ عنِّيَ الضَّوءَ ويملأ به قواريرَ الفراغ؟
كيف لامرأةٍ مثلي اعتادت أن تتوارى خلفَ ستائرِ قصائدِها،
أن تقتنعَ أنَّكَ حقيقةٌ وسطَ زيفِ الوجوهِ وتعدُّدِ الأقنعةِ؟
*
يكفي أن تتثاءبَ شياطينُ الوقتِ في جوفي..
يكفيها أن تفيقَ من وعكتِها
لتتغاضى أنتَ عَنِ اختفائي
بعد أن حجبتُني عنكَ
وتركتُكَ مصلوبًا على صفحة إهداءٍ
لا تحملُ اسمكَ.. ولا رائحتي
*
غدًا سأبدو خاليةً منكَ
أتقيَّأ الفراغَ.. أعيدٌ للوقتِ ما لهُ بذمَّتي
وعلى جسدي عطرُ رجلٍ غريبٍ
ساقته الأقدار إليَّ صُدفةً
دون أن تُتاحَ ليَ الفرصةُ
لملءِ فراغِ الإهداءِ باسمهِ.

ريتا_الحكيم

شاهد أيضاً

هذا ما فعلته إيران .. فماذا فعلتم انتم يا عرب …؟!!

هيام وهبي أيران أهدتنا اجمل هديّة تمنيناها منذ أكثر من سبعة عقود .. هدية تساوي …