محمّد بن سلمان بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة وروسيا ..

ممّا لا شكَّ فيه أنّ العلاقة الاستراتيجيّة التي تربط بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة والمملكة العربيّة السّعوديّة قويّة ، ولا يمكن أن تتخلّى الولايات المتّحدة عن المملكة تَبَعاً لتلك العلاقة عموماً ..
ولكن ما الذي يعنيه قرار الرّئيس الأمريكيّ جوزيف بايدن بأنّه ” سيتواصل ويتحدّث في الوقت المناسب مع نظيره السّعوديّ الملك سلمان وليس ولي العهد أي من نظير إلى نظير ” ، وهذا ما تمّ إعلانه يوم الجمعة الماضي وفق ما جاء على لسان المتحدّثة باسم البيت الأبيض ( جين ساكي ) في مؤتمر صحفيّ ، كما لمّحت إلى أنّ ” الولايات المتّحدة ستعيد تقييم علاقتها مع السّعوديّة ” ، وذكرت أنّ ” السّعوديّة لديها احتياجات ملحّة للدّفاع عن نفسها ، والولايات المتّحدة ستعمل مع السّعوديين على هذا حتّى مع توضيحنا نقاط الاختلاف ومكامن قلقنا ، وهذا بالتّأكيد يختلف عن الإدارة السّابقة ” .
ومثّل ذلك تغييراً في السّياسة الأمريكيّة ، لكنّه ليس تغييراً مفاجئاً ، كما أنّه ليس تخلّيّاً عن المملكة ، لكنّه لضبط إيقاع عمل محمّد بن سلمان في المملكة العربيّة السّعوديّة ، وربّما داخل الأسرة الحاكمة ،كما يمثّل تخلّيّاً عن تحالف استراتيجيّ بين الإدارة الأمريكيّة ومحمّد بن سلمان ، فالإدارة الأمريكيّة السّابقة في عهد ترامب منحت ابن سلمان غطاءً سياسيّاً قويّاً لحربه على اليمن ومقتل الصّحفيّ السّعوديّ جمال خاشقجيّ في استنبول ، وغير ذلك كثير في مجال حقوق الإنسان في المملكة ، والإدارة الجديدة قامت بوقف صفقات السّلاح الأمريكيّة إلى السّعوديّة والإمارات في إشارة لتكثيف الجهود الدّبلوماسيّة من أجل إنهاء الحرب فيها وتعيين مبعوث أمريكيّ لليمن ، وهذا له أهمّيّته الاستراتيجيّة في العلاقة بينهما ، ولا يغيب عن الأذهان مذكّرة الاستدعاء التي وُجِّهَت لولي العهد السّعوديّ محمّد بن سلمان وثلاثة عشر آخرين معه لإحدى المحاكم الاتّحاديّة في العاصمة الأمريكيّة واشنطن ، وهي منشورة في شبكة (c n n ) الأمريكيّة ، ومن الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى أنّ ابن سلمان سخّر كلّ الإمكانيّات السّعوديّة من النّاحية الماليّة والسّياسيّة لدعم الرّئيس الأمريكيّ السّابق ترامب في ترشّحه لولاية ثانية ، وربّما أنّ الرّئيس الأمريكيّ الجديد جو بايدن قرّر التّخلّي عن ابن سلمان كي تعمد الأسرة الحاكمة في المملكة العربيّة السّعوديّة لتغيير سياستها الدّاخليّة ، ومن ذلك تعديل ولاية العهد السّعوديّة ، ويبقى سؤال :
هل سيكون محمّد بن نايف وليّاً للعهد مرّة أخرى أو يبقى محمّد بن سلمان أو أنّ هناك أميراً جديداً سيحظى بولاية العهد السّعوديّة ؟! ، وهل ستكون تلك الوثيقة بالاستدعاء ورقة ضغط أمريكيّة بحقّ محمّد بن سلمان أوّلاً والسّعوديّة ثانياً ؟!..
وبعد قرار التّخلّي من الرّئيس الأمريكيّ بايدن عن ابن سلمان سارع الأخير للتّواصل مع الرّئيس الرّوسيّ فلاديمير بوتين عبر اتّصال هاتفيّ بحثا العلاقات الثّنائيّة وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات ، وتعزيز استقرار أسواق البترول ونموّ الاقتصاد العالميّ وبعضاً من القضايا الإقليميّة والدَّوْليّة ” ، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرّسميّة السّعوديّة .
فهل ستشهد الأيّام القادمة تغييراتٍ في السّياسة الأمريكيّة ومزيداً من الضّغط الرّسميّ الأمريكيّ على المملكة العربيّة السّعوديّة لإحداثِ تغييراتٍ في السّياسة السّعوديّة داخليّاً وخارجيّاً _ رغم أنّ التّخلّي الأمريكيّ عن السّعوديّة سيكون له تأثيرُه وتداعياتُه من وجهة نظرٍ أمريكيّةٍ _ ، أو أنّ المملكة ستسعى لتجنّب فتور العلاقة الاستراتيجيّة بالولايات المتّحدة ، وبالتّالي ستعمد إلى استمرار التّحالف التّاريخيّ الاستراتيجيّ بينها وبين الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، وستغيّر من سياستها الدّاخليّة والخارجيّة بما يؤمّن لها المحافظة على دورها في المنطقة ، أو أنّها ستذهب أبعد ممّا تتوقّعه الإدارة الأمريكيّة ؟!.

بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية

شاهد أيضاً

تعبئة وإستنفار

محمد القيري كعادتها اليمن في كل جمعة تخرج المسيرات في كل محافظات ومديريات الجمهورية دعما …