ماذا بعدكارثة تفجير المرفأ

اخوكم : حسين السيد عباس ابو الحسن

لن أتناول أسباب تفجير المرفأ ومن يقف وراءه والمتورطين . ولن أستبق نتائج التحقيق . غير أن الملفت للنظر أن تستغل هذه الكارثة استغلالا مشبوها من قبل البعض من السياسيين والناشطين الحراكيين لتتماهى مع المشروع الصهيو أميركي .

كيف ذلك ؟

بدلا من أن تؤدي هذه الكارثة الى توحيد اللبنانيين وتكاتفهم وتحميل المسؤولية الى الطبقة السياسية الحاكمة منذ 1992 او منذ توقيع اتفاقية الطائف إذ ببعض الجهات المشبوهة تستغل الحدث الكارثي لتفتعل شرخا فتنويا بين اللبنانيين وتحميل الجهة المعادية لإسرائيل المسؤولية بينما تصبح الجهة المتماهية او المطالبة بالحياد مع الصراع الصهيوني هي الضحية !!!!

والمسألة ليست بهذه السهولة .. وإنما تم التحضير لها منذ زمن بعيد حتى اذا ماقرب موعد توقيت الانفجار عمد البطرك الماروني الى طرح مسألة الحياد اللبناني عن الصراع مع العدو وكأن اسرائيل ليست بالعدو الذي اغتصب فلسطين العربية والذي مارس العديد من المجازر بحق اللبنانيين ونفذ العديد من عمليات التدمير والتهجير والاحتلالات على مدى عشرات السنين والذي يشكل تهديدا مستمرا على لبنان وخاصة في الجنوب وكأن الجنوب لا يعني كل لبنان وجميع اللبنانيين ولا يعني البطركية المارونية مع الأسف الشديد !!!! ومن المؤسف ايضا أن يعمد بعض المتظاهرين ( الحراكيين ) للتماهي مع هذه الدعوة الشيطانية ربما عفويا وعن دون قصد نظرا لهول الكارثة التي حلت ببيروت وأصابت جميع اللبنانيين بالرعب والخسارة البشرية والمادية والمعنوية !!!

وهنا نطرح السؤال الصاعق : لماذا تتوجه الاتهامات الى غير أصحابها الفعليين الذين احتضنوا المتفجرات ( نترات الأمونيا ) وهربوا بعضها أو تاجروا بها الى حين تفجيرها وهم ممن تعاقبوا على السلطة السياسية والادارية والأمنية والقضائية ؟ هل يتطلب مطالبة البعض من المشبوهين بنزع سلاح المقاومة أي إلغاء مشروع مقاومة العدو الصهيوني الى حد افتعال التفجير الكارثي او استغلاله أم ماذا ؟؟؟

صحيح أن هنالك الكثير من المآخذ السياسية والمسلكية على المقاومة وتحالفاتها وتبني مشاريع خارجية على الحساب الداخلي !!! غير أننا نعتبر أن سلاح مقاومة العدو الاسرائيلي هو سلاح وطني يجب التمسك به والمحافظة عليه لردع العدو أو لمجابهته في حالات اعتداءاته كما حصل سابقا في أزمنة متعددة ….

والموضوع هو أكبر من ذلك بكثير … إنه موضوع هوية لبنان … هل هو عربي أو غربي ؟ وهل هو ينتمي الى الأمة العربية أو لما يزل في حضن الأم الحنون فرنسا ؟؟؟ وهل يعنيه الصراع مع العدو الصهيوني أم أن هذا العدو ليس بعدو ويحق له العيش بسلام كما يدعي بعض المتعاطفين مع العدو من بعض الكهنة والسياسيين ( حديثي العهد ) ؟؟؟؟؟ وهل ان فلسطين أرض مغتصبة أم هي الأرض الموعودة لليهود الصهاينة ؟؟؟

أنها أسئلة عديدة تعيدنا الى الوراء عندما بدأ الحديث عن إنشاء دولة لبنان عام 1920 ضمن المباحثات التي جرت بين بطاركة ذلك الزمان ورؤساء الجمهورية وبين اللوبي الصهيوني والانتدابين الفرنسي والبريطاني وحتى حدوث النكبة الكبرى بأنشاء الكيان الاسرائيلي المغتصب !!! أنها فضائح كبرى يحتفظ بها التاريخ … ومنذ ذلك الزمن لم يتم أبدا تحديد هوية لبنان . هل هو عربي أو غربي أو متصهين !!؟؟؟ ومن أجل ذلك عمد الى إلغاء كتاب التربية الوطنية من التعليم لطمس الهوية … وللتاريخ أيضا يجب أن نعلم بأنه لم يكن هنالك دولة تسمى لبنان بكيانه الجغرافي الحالي لا في عهود الاحتلال التركي أو الأيوبي أو المماليكي أو الصليبي أو العباسي أو الأموي أو ما قبل مجيء الأسلام …وأنما كان تابعا او مندمجا ضمن محيطه الجغرافي والسكاني أسوة بغيره من البلدان العربية إن كانت سوريا او العراق او الأردن أو فلسطين أو أقطار الجزيرة العربية أو أقطار أفريقيا العربية … فهذه البلاد العربية التي تبلغ مساحتها ما يزيد عن ستة عشر مليون كلم2 مربع لم تكن في يوم من الأيام مقسمة جغرافيا كما الحال الآن الا بعد مؤامرة تنفيذ مشروع سايكس – بيكو المجرم الطاغي (الاستعماريين الفرنسي والبريطاني) .. أي بعد إنحسار الاستعمار العثماني عام 1920 وبعد وعد بلفور الانكليزي المشؤوم عام 1917 الداعي الى إنشاء وطن يهودي مصطنع في فلسطين ..!!! …

إن هذا القول ليس إفتراء .. فمن يريد الحقيقة فليتصفح دفاتر التاريخ … ولأنه لم تتحدد هوية لبنان الحقيقية وأنتمائه الى الأمة العربية حدث العديد من الفتن والحروب الطائفية بين من يعتبر أن لبنان هو عربي وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية وبين من يعتبره غربيا ذو وجه عربي بينما وجهه الآخر متصهين ولا يعنيه الصراع مع العدو الصهيوني … هذه هي الحقيقة .. وإن كانت مرة .. فعلينا أن نعترف بها .. وغير ذلك سيكون كلاما فيه الكثير من المداراة والنفاق والتضليل ..

إن هذه الكارثة التي حلت بلبنان الآن ليست بعيدة أبدا عن الكارثة التي حلت بفلسطين حيث احتل العدو العديد من القرى اللبنانية التي لا تقتصر على القرى السبعة المعروفة وأنما تتعداها الى ثلاث وعشرين قرية في منطقة سهل الحولة امتدادا الى الجليل الأعلى..

فما هو المطلوب ؟؟؟ :

1—- الادانة للطبقة السياسية الحاكمة منذ اتفاقية الطائف حيث يجب أخراجها من المسرح السياسي نهائيا .
2—- ألزام هذه الطبقة السياسية المسؤولية الفعلية عن حصول الكارثة والى الحالة الاقتصادية والمالية والاجتماعية المنكوبة القائمة الآن وعليها أن تدفع الثمن بإعادة الأموال المنهوبة او المسروقة .
3—- عقد مؤتمر لبناني عام يشمل ممثلين عن الفعاليات العلمية والثقافية والاجتماعية من شتى المناطق اللبنانية للعمل على إعادة كتابة التاريخ ووضع أسس قيامة لبنان اللاطائفي واللامذهبي واللامناطقي وأن تكون الكفاءة العلميةوالمهنية هي المعيار لتبوأ اي منصب سياسي او إداري أو أمني أو قضائي دون أي اعتبار للأنتماء المذهبي او الطائفي مع أبداء كامل الاحترام للمذاهب الدينية واحتضان تشريعاتها .
4 — التأكيد على الهوية اللبنانية العربية فقط لا غير وأن المرجعية للبنان في السياسة والانتماء لن تكون الا عربية .
5 — إعتبار إسرائيل هي العدو الأوحد للبنان ويجب الإعداد لمقاومة إعتداءاته . وأن المقاومة هي مشروع مؤقت الى حين امتلاك الجيش اللبناني القدرة العسكرية الفعلية لمواجهة العدو حال اعتداءاته . وأن الصراع مع العدو هو صراع حضاري ووجودي وأن مهمتنا تبقى قائمة للدفاع فقط . أما في حالة نشوب الحرب الشاملة ضد العدو فنحن شركاء مع الاجماع العربي أو على الأقل مع الدول المحيطة بفلسطين المغتصبة .
6 — لبنان هو لجميع أبنائه مسلمين ومسيحيين في الحقوق والواجبات والانتماء والمواطنية .
7 — علاقة لبنان مع محيطه العربي هي علاقة أخوة وإنتماء .. وعلاقته مع الخارج تحتمه المصالح العليا . فأين تكون مصلحة لبنان في المجالات الاقتصادية والتجارية والعمرانية والانمائية تكون علاقته ، وهي منفتحة على جميع بلدان العالم دون تمييز بين شرق وغرب أو شمال وجنوب .

إن ما جرى منذ 17 تشرين من انتفاضات ومظاهرات واعتراضات على الطبقة السياسية الحاكمة وحتى اليوم لم تجد نفعا اللهم الا في حالتين :
1 — كسر حالة الخوف
2– كسر حالة الاحباط
وهذا جيد .. غير أن إنتماء العديد من المنتفضين الى تيارات سياسية واجتماعية مختلفة ومتناقضة وعدم تشكيل قيادة موحدة ضمن برنامج سياسي واقتصادي وعلمي واجتماعي موحد أدى الى فشل هذه الانتفاضات مما أدى الى استغلال البعض لها لتحريفها عن بوصلتها الأساسية وأخذها الى صراعات فتنوية طائفية ومذهبية خدمة للعدو الصهيو — أميركي .

ولذلك وجب إعادة النظر بحركة الانتفاضة والاستفادة من الأخطاء تمهيدا لتشكيل حركة موحدة واضحة المعالم والمباديء والأهداف تتمتع بقيادة موحدة حكيمة ورصينة وببرنامج عملي شامل موحد … عندها سيبنى لبنان من جديد وتقوم قيامته المنشودة على أساس من المساواة والعدالة النابذة للطائفية والمذهبية والداعية لتأمين الحقوق والواجبات للجميع دون تمييز أو محاباة .

شاهد أيضاً

يمق زار مركز “الجماعة الإسلامية” في مدينة طرابلس معزيا” باستشهاد عنصريها

زار رئيس مجلس بلدية مدينة طرابلس الدكتور رياض يمق، مركز الجماعة الإسلامية في طرابلس، مُعزياً …