“مهنة الصيدلة في مهبّ الريح”

د. عباس وهبي

إنّ قرار تنزيل أسعار بعض أدوية الجينيريك غير حكيم لا بل يتّسم بالتسرع و يصبُّ في إطار البازار السياسي وادعاء اتخاذ القرارات الشعبوية المتغاوية وذلك للأسباب التالية:
أولاً : سوف يؤدي هذا الأمر إلى التوقف عن استيراد الكثير من الأدوية ولا سيّما أنها تباع على دولار على 1500 ليرة ، ورغم الدعم فإنّ استيراد بعضها لم يعد مغرياً لأمراء الوكالات! والذين قبل اتخاذ هذا القرار ما انفكوا يُقنّون تسليم الدواء للصيدليات ، و ذلك على طريقة “الاعاشة” المدفوع ثمنها…
ثانياً : التعويض على الصيدليات لن يحصل من قبل كثير من الشركات ولا سيما الصغيرة منها التي تستحوذ على كميات كبيرة من هذه الأصناف، و أمّا الشركات الكبيرة فبعضها سوف يتأخّر لأكثر من شهر وشهرين حتى تقوم بالتعويض ، وبالتالي سوف يخفي هذه الأصناف من الأسواق حتّى يتخلّص منها …
ثالثاً: لم يكن هناك أيّ مراعاة لحقّ الصيدلي في العيش الكريم نظراً لمعاناة هذا القطاع الذي تعرّض لكثير من الهزّات من قبل الوزارات المتعاقبة تحت راية الرأفة بالمواطن ، “وكأنّ عمّال القطاع الصيدلاني هم من جمهورية هونولولو!” وهذا ما أدّى إلى انخفاض الدخل لدى أصحاب هذا القطاع من صيادلة ومساعدين وعمال وموظفي الشركات والصيدليات لا بل إلى إفلاسهم … فالصيادلة يصرفون الدواء على دولار 1500 و مصاريف معيشتهم على دولار 8000 وما فوق!
رابعاً: هذا القرار قد تمّت تجزئته لأنه كان من المفترض أن يترافق مع زيادة جعالة الصيدلي على هذه الأصناف كي يصبح بالامكان تبديل الدواء الغالي الثمن بالأرخص سعراً !
وأخيراً هناك من يُحمّل هذا القطاع الصحّي الحيوي والصائن للأمن الصحي جنباً الى جنب مع الاطباء والممرضين أكثر من قدراته ، وعليه نتساءل يا سادة يا كرام أتحرير الانسان يكون على حساب أخيه الانسان ؟! أم أنّ هناك معايير وقيم يجب التقيّد بها ؟!
فكفى مهزلةً وادعاءً وتحقيق مكاسب واهمة على حساب الآخرين … واعلموا أنّ تحرير الأرض لن يكتمل إلاّ بتحرير الانسان من خلال محاسبة الفاسدين واسترداد المنهوبات
و بسط العدالة الاجتماعية وإيجاد السياسات المتوازنة الهادفة المبرمجة وليست الفلكلورية الديماغوجية ولا سيما على صعيد السياسة الدوائية …
وأخيراً كان الأجدر إستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين وليس ملاحقة عمّال القطاع الصيدلاني لتحقيق مكاسب “إستعراضية” من جيوبهم الخاوية !!!

05/01/2021