” نعوة” حملت الكثير من المعاني….

بقلم فلك مصطفى الرافعي ‏

انتقل بالوفاة احد ابناء طرابلس _يرحمه الله _وتم تعميم النعي عبر النشر …و قد لفتني كما لفت بعض الاخوة أن العائلة هي الناعية والأقارب ..ثم ..إضافة مُلفتة حيث كان السطر الأخير للجهة العائلية الناعية هم ..”جيرانه آل …وآل …وآل ” ..هزّت وجداني تلك الأريحية والشهامة حيث انضم جيران الفقيد الى جدول الأقارب وتلمّست الأسباب وقادني إحساسي ان ” الجيرة “ كانت في زماننا الماضي بمرتبة الأهل  والأقارب، وان النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالجار حتى توقّعنا ان يورثه، والأصل ان التشريع القرآني افرد المعاني الجليلة للجار القريب والجار البعيد، وهذا تكافل إجتماعي أفضل من ” المدينة الفاضلة”المفترضة وطبعا ان جيران المتوفي كانوا على اوثق العلاقات الأخوية والإنسانية معه، وربما هناك تفاصيل خدماتية ليس من حقي التطرق إليها لانها هي التقرّب إلى الله بالتقوى المطلوبة ..غير أني ابحرت طويلا في سجلات المدينة والحارة والزقاق مستفيدة من آلاف البيّنات التي توثق طهارة وتَدَيُّن وكرم “الناس الطيبين ” ومن المؤكد أن معظمهم من متوسطي الحال والفقراء لان الله سبحانه وتعالى يحب من عباده الفقير الكريم ..قرأت في صفحات وخواطر وخواصر الحكايات الصادقة عن “الحارة الصغيرة“عشية وفاة أحد أفرادها اذ يجتمعون ويتشاورون وكلٌ منهم يُخرج من ماله على قدره ووضعه، وذلك لتجهيز الميْت وشراء المواد الغذائية لطهي الأطعمة المختلفة “لأهل الميت “ومن يزورهم لتقديم واجب العزاء على مدى ايام دون أن يدوّنوا اسماءهم على مشترياتهم ، وتقوم نساء الحارة بمهام الطبخ والسكب والضيافة أسوة بنظام “السكبة “ وايضا بوصية نبوية كريمة بقوله المأثور “إصنعوا لآل عباس طعاماً، إنّهم قوم محزونون” “نعوة “اعادتنا الى الزمن الجميل … “نعوة “ فريدة لم نقرأ مثلها من قبل .. انه زمن الأصالة والطاعة واليد اليمنى التي تعطي دون أن تعلم اليسرى بما فعلت.. رحم الله الفقيد …و…مرحى للجيران الاوادم أبناء العز ، أبناء الناصية البيضاء ، أبناء الأخلاق الحميدة …….. “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون “…..

مركز النهوض

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …