بورصة بيروت تحذّر.. وسلامة يدعم “هروب” المصارف

بات خروج بعض المصارف من السوق أمراً محتوماً. والبعض الآخر يتحَضَّر للدمج. وذلك، من خلال عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي يودِّع أيّام عِزِّه، لكنّه يأبى ترك هذه المرحلة بسلام، بل يعمَد إلى قلب الطاولة على الجميع، وأوّلهم أصحاب الحقوق مِن مودعين وحَمَلَة السندات ومتداولي الأسهم. فالمصارف لا تريد إعطاء الحقوق لأصحابها، بل تتّجه لتحميلهم الخسائر، أسوة بخسائرها المزعومة نتيجة انحدار الأوضاع الاقتصادية والنقدية.
مصرف لبنان من ناحيته، لا يلعب دَورَ الحَكَم الحيادي، بل ينحاز لشركاء دربه، مشرِّعاً لهم مساراتٍ للهروب، ستُفضي في نهاية المطاف إلى تصفير اللعبة وتأسيس أخرى جديدة، تنقطع تماماً عن الماضي. وأصحاب الحقوق يشاهدون بلا حَولٍ ولا قوّة.

ملاذات آمنة للمصارف
التغيير الذي سيصيب القطاع المصرفي، جعل المصارف غير آبهة بما قد يحصل مستقبلاً، لا للقطاع ولا للمودعين ولا حتى للبلد باقتصاده وماليّته وأسواقه، وبالتالي، لن تكترث المصارف لمصير مستحقّي أرباح الأسهم التفضيلية، على غرار عدم اكتراثها لأصحاب الودائع.
الأسهم التفضيلية هي بمثابة شهادات توجِب أرباحاً بنسب محدّدة مِن المصارف. وتصدر الأسهم بهدف جذب سيولة تُجَمَّد في المصارف لآجال متوسّطة، تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات. ولسنوات، روَّجَت المصارف لمخاطر شبه معدومة لهذه الأسهم، ما شَجَّعَ الناس على التداول بها، مطمئنِّين إلى قوة القطاع المصرفي وتحكّمه بالبلاد. ولم يكن أحد يتوقّع انهياراً سريعاً تذهب معه الأموال والسندات والأرباح.
الاعتراض على ما آلت إليه الأمور من احتجاز المصارف لمستحقات عملائها، لم يجد صداه الايجابي لدى حاكم مصرف لبنان، الذي يصدر تعاميم وقرارات بلا فائدة تُذكَر سوى للمصارف. إذ تطمئنهم إلى أنَّ أحداً لن يمَسَّهم، وإن كان صاحب حق. ويندرج القرار الأساسي رقم 13298، الصادر بتاريخ 9 كانون الأول، ضمن الخانة نفسها. فالقرار، إذ يدعو المصارف إلى تسديد نِسَب الأرباح للأسهم التفضيلية، عن العام 2019 وما يليه، بالنسبة المتفق عليها مع أصحاب الأسهم في شروط إصدارها، إلا أن القرار لا يحمل صبغة رادعة للمصارف الممتنعة عن التسديد. ذلك، أن سلامة أشار للمصارف إلى إمكانية التهرّب، عن طريق “تكوين مؤونة خاصة بعملة إصدار هذه الأسهم، توازي قيمتها ثلاثة أضعاف مجموع الأرباح غير المدفوعة، العائدة للأسهم التفضيلية المسوقة بشكل مخالف للأصول، وذلك لحين تسوية أوضاعها، وإما تكوين احتياطي خاص لدى مصرف لبنان، من دون أي فائدة بعملة إصدار هذه الأسهم، وذلك لحين تسوية أوضاعها”.
ويناقض سلامة كلامه، وهو العارف بذلك، من خلال التلويح للمصارف التي لا تتقيّد بأحكام قراره، بالمادة 208 من قانون النقد والتسليف. فالتلويح بحدّ ذاته منافٍ لمسارات الهروب التي وضعها الحاكم، لأن المادة المذكورة تسمح للحاكم باتّخاذ عقوبات ضد المصرف المخالف، تبدأ بـ”التنبيه، خفض تسهيلات التسليف المعطاة له أو تعليقها، تعيين مراقب أو مدير مؤقت، شطبه من لائحة المصارف”، فضلاً عن “تطبيق الغرامات والعقوبات الجزائية”.

ولأن سلامة يدرك أن قانون النقد والتسليف واضح، وَضَعَ في متن قراره عبارة ملغومة، هي: “لحين تسوية أوضاعها”. هذه العبارة بفترة زمنية مفتوحة، تسمح للمصارف التعلّق بها كخشبة خلاص من عقوبات المادة 208، فيمكن للمصارف التأكيد على رغبتها في دفع المستحقات لأصحابها، لكن “لحين تسوية أوضاعها”. أي اوضاعٍ هي المقصودة؟ أيضاً غير محدَّدة، فيمكنها أن تكون الأوضاع التي تمر بها البلاد عموماً، لأن المصارف مرتبطة بها كذلك.
أمّا تكوين المؤونة والاحتياطي، فهي نكتة سمجة، لأن من يملك مؤونة واحتياطياً، فيمكنه دفع الأرباح وعدم الدخول في سجال مع أصحابها، إلاّ إن كان قد قرَّرَ عدم الدفع، مستنداً إلى جدار صلب، وهو المصرف المركزي.

تحذيرات بورصة بيروت
بقيَت بورصة بيروت خلف الكواليس طيلة فترة المعارك بين المودعين من جهة والمصارف ومصرف لبنان من جهة أخرى، حتّى أصابت سهام المعارك البورصة بشظاياها، حين امتنعت المصارف عن إعطاء الأرباح لنحو عامين، لمتداولي الأسهم التفضيلية. فالأسهم يتم تداولها عبر البورصة، لأن المصارف التي أصدرت تلك الأسهم، مدرجة في البورصة، ولذلك باتت بورصة بيروت معنيّة بشكل مباشر.
لكن دخول البورصة على الخط، لا يعني امتلاكها قوّة تُلزم المصارف بدفع الأرباح، لأنّها في نهاية المطاف “منصّة تداول، تشرف عليها هيئة الأسواق المالية”، وفق ما تقوله مصادر في البورصة. وبالتالي، يعود القرار النهائي في هذا الشأن إلى حاكم مصرف لبنان. وتشير المصادر في هذا السياق، خلال حديث لـ”المدن”، إلى أنَّ “الحاكم يعطي تعاميم وقرارات غير واضحة كلياً، وهذا ما دفع البورصة إلى التذكير بالقرار المتعلّق بالأسهم التفضيلية، علَّ المصارف تتحرَّك”. وأكّدت المصادر على أنَّ عدم دفع الأرباح “لا يؤثّر على البورصة وإنما على سمعة المصارف والشركات. وحرصاً على هذه السمعة، جاء التذكير بالقرار”.

المصارف أقوى
الخاسر الأبرز هو متداول السهم. فعدم دفع الأرباح يعني حرمان صاحبها منها وخفض قيمة التداول بسبب ارتفاع مخاطره. فإن كانت قيمة الإصدار على سبيل المثال، 100 ألف دولار، فإن تراجع قيمة السهم قد يجعل الاستفادة منه بنحو 10 آلاف دولار فقط.
لا أحد يضمن للخاسرين تعويضاً، فالمركزي في صفّ المصارف، والأخيرة حساباتها منفصلة عن حسابات أصحابها الذين يرمون المسؤولية على حاكم المركزي، ويستفيدون من تنامي المؤشرات السلبية للضغط على الحاكم لإخراجهم من الأزمة بأقل التكاليف. والضغط يأخذ أحياناً شكل الابتزاز والمجاهرة بعدم تطبيق القرارات، على غرار عدم تطبيق قرار زيادة رساميل المصارف، حين قالت المصارف للحاكم: زد رساميلك وادفع ديونك لنا، لنعطي المودعين أموالهم ونسدد ديوننا. وإلى حينه، نحن نمسك زمام الأمور.

شاهد أيضاً

ابراج اليوم توقعات اسرار الابراج: #يسعد_اوقاتكم_بكل_خير #توقعات_الابراج_ليوم_الجمعة_والله_اعلم

  مواليد اليوم الجمعة 26 نيسان ابريل من برج الثور. مواليد اليوم من برج الثور …