تلاطم في القصور الملكية وكوشنر في الرياض للتهدئة

  • حسن العمري- حركة الحرية والتغيير السعودية

أخبار متضاربة تتوارد من قصور آل سعود الملكية تحكي عن نوايا مقيتة يكنها ولي عهد سلمان لأعمامه وأبناء عمومته وحتى لوالده وإخوته ربما تسير نحو إراقة الدماء في العائلة الحاكمة، والأنباء الواردة تشير إلى ارتفاع عدد الأمراء المعتقلين بذريعة “مكافحة الفساد” أو “جائحة كورونا” بلغوا أكثر من 200 شخص تم نقلهم إلى جهة مجهولة في إحدى الجزر السعودية في البحر الأحمر وقطعت عنهم الاتصالات ولا أحد يعرف عن مصيرهم – وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

مسعى أخير من محمد بن سلمان لاعتلاء العرش قبل رحيل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” من البيت الأبيض في يناير القادم، ما أربك أوراق المسؤولين الأمريكيين فتقرر إيفاد صهر ترامب “جاريد كوشنر” الى الرياض يرافقه كل من “آفي بيركوفيتش” مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، و”بريان هوك” المبعوث الأمريكي السابق لإيران؛ وذلك في الدقائق الأخيرة من عمر ولاية ترامب بذريعة رأب صدع العلاقات السعودية القطرية منذ أن فرضت السعودية وأخواتها حظرا جويا وبحريا وبريا على دولة قطر في يونيو 2017 لاتهامها بالتقرب من إيران؛ بالدعوة لفتح مجالها الجوي أمام الطيران القطري سعيا إلى توجيه ضربة جديدة لإيران التي تحصل على 100 مليون دولار سنويا في هذا الخصوص، لكن الحقيقة أن الزيارة التي تعتبر الثانية من نوعها منذ أن أصبح “جو بايدن” رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل تهدئة الأوضاع باعتباره المعلم والمحامي، داخل القصور الملكية التي تعيش التخبط والاضطرابات كل ساعة وكل يوم.

التعجيل في التطبيع هو الهدف الآخر لزيارة كوشنر الى الرياض الذي يعتبر “أكبر جائزة” للموفد الأمريكي – وفق صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية، هو ما زاد الطين بلة وأدى لمواجهة بين ابن سلمان وفريقه من جهة وبين والده وعشرات كبار الأمراء من جهة أخرى حيث التوقيت لم يسمح للقيام بمثل هذا، ودفع بالرياض إلى التراجع حتى عن موافقتها السماح للطيران الصهيوني التجاري العبور من أجواء بلاد الحرمين نحو الإمارات بعد أن كانت قد تمت الموافقة عليه خلال اللقاء الثلاثي الذي جمع بن سلمان ونتنياهو وبومبيو في مدينة “نيوم” قبل أيام.

مصادر مطلعة کشفت عن مفاجآت مدوية واحتدام الصراع الخفي على السلطة في السعودية، مع تنامي انقسام الآراء داخل الأسرة الحاكمة لسياسة محمد بن سلمان وبقائه في السلطة، مشيرة إلى وجود وساطات خليجية وأخرى غربية لدى سلمان لإصدار عفواً ملكياً عن الأمراء المعتقلين بتهمة “محاولة انقلابية” وفي مقدمتهم الأمير أحمد بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن نايف، اللذان اعتقلهما ولي العهد برفقة آخرين المتواجدين في “قصر الضيافة” تحت القٌامة الجبرية، لكن الجهود قد باءت بالفشل حتى لحظة كتابة هذه السطور. والوساطات الخليجية تؤكد أن المعتقلين من أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز عددهم كبير بينهم أميرات أيضاً، معتبرة هذه الإجراءات بأنها “تصعيد خطير” يرفع من نسبة الاصطدام الدموي بين “أبو منشار” وسائر أفراد الأسرة الحاكمة داخل القصور الملكية بشكل لم تشهده من قبل – حسب وكالة “أسوشيتد برس” وصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكيتين.

“توماس شوارتز” مؤرخ وباحث في شؤون الرئاسة الأمريكية والسياسة في جامعة “فاندربيلت”، يقول: أن زيارة كوشنر والتي تأتي بعد أيام من اغتيال العالم النووي الإيراني “محسن فخري زاده” هي في الحقيقة إعطاء ولي العهد ووالده نصيحة أخيرة للإسراع في عملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي خلال المدة الباقية من عمر حكومة ترامب لتعزيز بلوغ محمد بن سلمان العرش قبل دخول بايدن البيت الأبيض الذي سيعيد تقييم العلاقات الأمريكية السعودية وتأديب ابن سلمان فيما يخص قضايا حقوق الإنسان وربما وقف بيع السلاح للرياض – حسب ما وعد به خلال حملته الانتخابية، مشيراً الى أنه تم الإيعاز لوسائل الإعلام الأمريكية والخليجية التركيز على التقارب بين الرياض والدوحة لتعزيز الجبهة السعودية الإماراتية البحرينية الإسرائيلية المعادية لإيران، وكذا عملية التطبيع.

إنجاز “اتفاق إبراهيم” الذي وضعه الصهر كوشنر والذي دشنت كل من أبو ظبي والمنامة من جهة وتل أبيب من جهة أخرى لم يفلح في إنقاذ “ترامب” من الهزيمة والسقوط؛ وفي بلاد الحجاز فتؤكد التقارير الاستخباراتية الأمريكية والغربية تنامي حالة السخط العام بين أفراد وجماعات الأسرة الحاكمة وتسريبها إلى أطياف كبيرة تجاه سياسات محمد بن سلمان، فباتوا يعربون عن استيائهم بالعلن من التغيير في أجيال الخلافة بالعرش من قبل سلمان، والتي كان أبرزها الإطاحة بمحمد بن نايف من ولاية العهد بمكر وحيلة وتنصيب محمد بن سلمان بدلا منه.

مايكل ستيفنز، من معهد مركز أبحاث الخدمات الموحدة الملكي “Rusi”، قال لبي بي سي: ما زالت الانتقادات توجه للملك ونجله مع كل حدث، منها رفض أفراد العائلة المالكة للتدخل العسكري في اليمن منذ مارس 2015، واستنكارهم لحملة الاعتقالات التي قام بها “بن سلمان” في 2017 والتي ادعت السلطات أنها تهدف للقضاء على الفساد، لكنها في الحقيقة كانت تهدف إلى تحجيم خصوم عرشه ومنتقديه، وهي الخطوة التي تسببت في تزايد الفوضى والاستياء داخل العائلة الملكية. أضف إليها التصعيد مع إيران وحصار قطر وتنشير جمال الخاشقجي واتساع نطاق الاعتقالات بالجملة في داخل المملكة.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بدورها نشرت مقالا للكاتبة الصحفية الأمريكية المعروفة “كارين هاوس” وهي متخصصة في الشأن السعودي وصاحبة كتاب (السعودية شعبها ماضيها دينها ومستقبلها)، بينت فيه ضرورة عزل “ابن سلمان” من المشهد السياسي للمملكة لضمان عدم حدوث أي قلائل فيها في المستقبل، لسبب سياسة الطيش والبلطجة التي ينتهجها وغبائه الكبير وعدم معرفته بأدنى رموز السياسة، شاب متهور وعدم إبعاده من الساحة في السلطة سيؤدي إلى تفجير راع دامي عنيف داخل القصور الملكية، ويؤدي إلى دخول المملكة فيما يعرف بعنف الأمراء”.

مراقبون للشأن السعودي يقولون، أنه مع كل “ترقية” يحصل عليها الأمير الشاب يزداد سخط الكثير من الأفراد داخل الأسرة الحاكمة، والحديث عن صراعات وخلافات داخل العائلة تطفو على السطح. ثم أن التّسريبات التي نشرتها صُحف أمريكيّة مِثل “وول ستريت جورنال” صحيفة ترامب المُفضّلة، عن عزم كوشنر وفريقه تحقيق المُصالحة بين السعوديّة وقطر هو كذب وافتراء وتضليل لإخفاء الهدف الرئيسي من هذه الزّيارة المذكورة آنفًا؛ فإذا كان الهدف المصالحة بين الرياض والدوحة فلماذا لم يقوم كوشنر طوال السنوات الأربع الماضية بأي محاولات جدية للمصالحة، ولماذا تذكرها قبل 6 أسابيع من مغادرته وسيده السلطة؟.

يقول البعض الآخر ممن يهتم بالشأن الأمريكي الإسرائيلي أن الهدف من هذه الزيارة هو التعجيل في إعلان اتفاق الرياض وتل أبيب بالعلن عن علاقتهما السرية منذ عقود طويلة لتكون ورقة رابحة بيد ترامب وباقي الفيلة في خوض المعركة الانتخابية الرئاسية القادمة بعد أربع سنوات، حيث من المقرر أن يتم اللقاء في مدينة “نيوم” السعودية أيضا وربما بحضور كوشنر وبن سلمان و”نتن ياهو” برفقة رئيس جهاز الموساد “يوسي كوهين” الذي حضر الاجتماع الأخطر قبل أسبوعين في المكان نفسه بمُشاركة “مايك بومبيو” وزير الخارجية الأمريكي، الذي قيل إنّه وضع خطة حرب الاغتِيالات، وتدمير المُنشآت النووية الإيرانية لجرّ القيادة الإيرانية إلى الرد، وبالتالي الوقوع في مصيدة الحرب؟ وفق “الفاينناشال تايمز”.

صراع العرش في بلاد الحرمين بات اليوم مكشوفاً وبدأ بالخروج للعلن حتى بين الأب والابن العاق الذي لا يستطيع الانتظار أكثر وخصوصا بعد تجهيز كل الأمور وتهيئة الأجواء والقضاء على كل من يعارضه داخل الأسرة الحاكمة، بدعم واشنطن وتل أبيب ومحمد بن زايد الذي يبغي الانتقام من آل سعود وحلحلة العقدة الكامنة في نفسه منذ عقود، لكن الرياح لا تسير كما تشتهي السفن وحتى الآن لم يوافق سلمان التنازل عن العرش لصالح ابنه المدلل، مع أن الأخير وعده بحفظ مكانته كملك طوال حياته.. ولكن هل رأيتم أي ملك سعودي تنازل عن عرشه حتى لو بلغ من العمر مديا وفقد صوابه؟! حسب مراقبون.

شاهد أيضاً

تكتل “التوافق الوطني” التقي فرونتيسكا في دارة كرامي

التقى اعضاء تكتل “التوافق الوطني” النواب فيصل كرامي، عدنان طرابلسي، محمد يحي ،حسن مراد، وطه …