احتفال تأبين القاضي نادر منصور بمشاركة رئيس مجلس النواب ووزارتي الثقافة والعدل ودرع تكريمي من وزارة الثقافة

أقيم احتفال تأبيني للمحامي الاستئنافي العام في جبل لبنان القاضي نادر منصور، تكريمًا ووفاءً لشخصه ومناقبيته في قصر “الاونيسكو”، في حضور النائب فادي علامة ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، امين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة ممثلًا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الشيخ محمد عساف ممثلًا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الشيخ حسن عبدالله ممثلًا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، المحامي نشأت هلال ممثلًا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، وزيري الثقافة والعدل القاضيين محمد وسام المرتضى وهنري خوري، وحشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وشخصيات سياسية وقضائية وعقيلة المكرم القاضية أميرة صبره منصور وأفراد العائلة.

بدأ الاحتفال بتلاوة من آيات الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني وقصيدة رثاء للشاعر نزار فرنسيس تناول فيها تفان ومناقبية وعدل القاضي نادر منصور تلا ذلك كلمة ترحيب من الإعلامي والكاتب روني الفا

والقى الوزير المرتضى كلمة بالمناسبة جاء فيها :”هناك في مُرْتَقى الجبل، حيثُ تتعثَّرُ الريحُ بهبوبِها، تعثَّرَ قلبُك بنبْضِه الذّبيح، وسالَ الأحمرُ على الأبيض الثلجيِّ، كما يسيلُ غروبُ الشّمسِ على الزبدِ في آخرِ الأفق. كأنَّ المنيَّةَ التي لم تَنتظرْها شاءَت لك القمَّةَ العليا منطَلَقًا إلى الأعلى، أو كأنَّها عرَفَتْك لا تهوَى السفوح، فترصَّدَتْك في شاهقٍ من ترابٍ لتُسْلِمَكَ إلى شاهقٍ من سماء. وما كنتُ أحسبُ يومًا يا صديقي أنّني سأقف هذا الموقف راثياً لك، أو أنّ قلبَكَ الذي رقَّقَتْه العدالةُ يقسو عليك وعلى عائلتِك وزملائك وصحبِك، ويدفعُ بك إلى غيابٍ ممتلئِ الحضور في منازلِ الذاكرة. فقد كان أمامكَ لو استبقَتْكَ الحياة، متَّسَعٌ رحيبٌ من شباب يرتوي بعطائكَ واستقامتِك، وعلمِكَ ومناقبِك، وحبِّكَ العائليِّ الذي سكبتَ به نفسَكَ داخل بيتِك، على دفءِ لقاءٍ بزوجةٍ وأبناءٍ وأهل، أولئكَ الذين من أجلهم عشتَ، كما من أجل العدالة التي رهنت لها العمر على رِفعةِ مودَّةٍ مع القضاة وتعاونٍ مع المحامين واحترامٍ لدى المتقاضين. لكنَّ قدرَك اختارَ لك شيئًا آخر، أن تسمعَ سريعًا سكانَ الغيومِ يدعونَك للذّهابِ إليهم، فمضيتَ إلى حيثُ تلَجْلَجَ الخفقان، باسطًا يدَيْك نحو السماء وقائلًا: الآنَ صارَ بوسعي أن أصعدَ إلى جوار الله”.

أضاف: “يا نادرَ طيبةِ القلب، عرفْتُك مِن أوّل عهدِك بالقضاء، بل قبله، على أَوْدعِ ما تحملُ النفسُ البشريةُ من سماحةِ خُلُقٍ ونقاوةِ ضمير وإتّقاد ذكاء. وتلمَّسْتُ فيك مِن تشاركِنا في العمل اليومي لأداءِ رسالة الحق، أنّك في شغلِ العدالةِ لا تلتفِتُ إلاّ إلى الحقيقة التي آمنتَ بأنّها تحرِّرُ الواقعَ من أسرِ العبوديّة. كان همُّكَ ألّا تُطفِّفَ الميزان، في أيِّ قرارٍ أو تدبيرٍ أو إشارةٍ تَتّخذ، واضعًا نُصْبَ عينيك قولَه تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين﴾، ومستهديًا على الدوام بنصوص القانون وتفسيراتِه المنتِجة، وموازنًا بأمانةٍ كُليّة بين مصلحة المجتمع وحقوق الإنسان. ولعلَّ من أشدِّ صفاتِكَ رُقِيًّا ذلك البعدَ الإنسانيَّ في تعاطيك مع القضايا الجزائية التي أكسبَك المِراسُ فيها قدرةً كبيرةً على معرفةِ انتهاج الأفضل من غير عنفٍ ولا ضَعف؛ حتى لَيُشارُ إليك، حاضرًا وغائبًا، بانحناءة التقدير، في زمنٍ قضائيٍّ بَئِسَ فيه المصيرُ ويَئِسَ النصير. نعم يا صديقي لقد ادلهمَّ فضاءُ القضاء في لبنان، لأسبابٍ كثيرةٍ عرفتَها أنت ونعرفُها نحن، لولا نجومٌ وهّاجةٌ فيه، كثيرةُ العددِ والنور، منتشرةٌ على مدى اتّساعِه، ما زالت تضيءُ ليلَ الوطن. وهل ينهضُ وطنٌ بلا قضاء؟ كلّنا يا صديقي على يقينٍ أنّ لبنان سينهضُ من محنِه، وقضاءه سيستعيدُ الهيبةَ والمكانة والثقة، لأنّ إرادةَ الحياةِ في أرضِنا أقوى من إرادات الجحودِ والجمود والأنانيات، وأمتنُ من كلِّ المؤامرات والإعتداءات والأجندات”.

وتابع: “وإلى الزميلة العزيزة أميرة، وإلى الحبيبين آدم وجاد، وأبي نادر وأم نادر، والأخ أحمد، وسامر ومايا ومهى، والى سائر زملاء نادر وأصدقائه أقول: أقسى ما في العمر أن يكونَ اللقاءُ بلا لقاء، مقصورًا على الصورةِ والذكرى ولواعج الحنين. لكنكم جميعًا تعرفون أنَّ الإنسانَ الذي هو أكبرُ من النسيان، لا يعلنُ ذلك صراحةً إلاّ بارتحالِه من بيننا. لقد قال نادر ذلك بصوتٍ عالٍ بل بموتٍ عالٍ وحياةٍ أعلى. الآن أنظر حولي وتنظرون، فنرى الحزنَ ممتزِجًا بالرجاء، والدمعَ منسكِبًا في إناء التسليم بقضاء الله وقدره، فلا يسعُنا، أنا وأنتم، إلاّ أن نُردّدَ مع الشاعر: وما المالُ والأهلونَ إلا وديعةٌ ولا بدَّ يومًا أن تُرَدَّ الودائعُ.

وختم: “طابت ذكراه حيةً على الدوام ، الهمنا الله والهمكم الصبر والرجاء والسلام عليكم جميعاً ورحمةٌ منه وبركات.”

خوري:

بدوره قال وزير العدل في كلمة: “دنيا الغرور لا نُدرك لها أجلٌ كالغمض نكبر ومثل النسم نرتحل. نادراً كنتَ بالأخلاق متسماً منصوراً بما كنتَ من مزايا تختزل كم أدمى فقدك قلوباً أحبتك يا ليت دنيانا بغير الموت تكتمل. إذا كان الرثاء حقاً للفقيد، فإنه بلا شك صعبٌ على الراثي أن يكتب حياةً في سطور، ويُفرغَ ذكريات بكلمات معدودات مهما كثُرت، كم يصعب عليّ أن أرثيك، وماذا أقول؟ وقد أدمى الخبر قلوبنا وصغُرت بأعيننا الحياة الدنيا وما فيها، ماذا أقول وقد أسكت موتك كل قول؟ فلو قلتُ إنه لم يخطر في بالي أن أقف يوماً لأرثيك، لخالفتُ حكم الله، وعصيتُ حكمته بأن ” كل مَن عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام”، ولو قلتُ أنك غادرتنا باكراً في ريعان شبابك يستحضرني قوله تعالى بأنه “أينما تكونوا يُدرككم الموت ولو كنتم في بروج مُشيّدة”، ولو قلتُ أننا مؤمنين بقدر الله، سنرضى بمشيئته وأنك في مكان أفضل مع الأبرار والصالحين”.

أضاف: “لقد كان المرحوم القاضي نادر مثالاً للشاب العصامي المندفع المُحب المتواضع ك”عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هَوناً واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، أحَبَّه كل من عرفه لدماثة أخلاقه ورحابة صدره، خسره القضاء وهو في عز عطائه، لكنها إرادة الله التي لا مفرّ منها، فالموت هو أكبر المصائب التي يختبر الله بها عباده، والصبرُ رحمة من الخالق لمَن امتحنهم”.

وختم: “لعل عزاءكم يا أهل نادر وإخوته وزوجته الزميلة أميرة وولديه جاد وآدم أن المرحوم أورثكم كنزاً لا يقدّر بثمن وهو الأثر الطيب الذي خلّفه بين الناس يشهد له هذا الجمع الغفير من الأهل والأقارب والزملاء والأصدقاء، فابنوا على الأساس الذي وضعه لكم، وحافظوا على مسيرته، ستبقى ذكراك يا نادر محفورة في وجداننا علّنا نعتبر أن الحياة الدنيا لعبٌ ولهوٌ، رحمك الله وألهمَ عائلتك الصبر والسلوان.”

علامة

وكانت كلمة لممثل الرئيس بري النائب علامة جاء فيها : “شرّفني دولة الرئيس نبيه برّي فكلّفني بتمثيلهُ اليومَ بينكم في لقاءٍ نجتمعُ فيه لتكريمْ وتخليدَ ذكرى رجل كان له بصامتهِ في مساحةِ العدل وإحقاق العدالة في هذا الوطن، وكلماتِه المضيئة في كتاب القانون، الذي نتمسكُ به. ودولة الرئيس المشرّع الأول في وطننا هو أفضل من يعلم قيمة وأهمية رجال القانون كالقاضي المرحوم نادر منصور ودورهم في تعزيز فكرة الدولة ومفهومها وإحترام القوانين وتحقيق العدالة ِ .وقد حمّلني الرئيس نبيه بري كل مشاعر العزاء والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلتهِ الكبيرة سائلاً الله تعالى أن يسكنه الفسيح من جناته ولكم الصبر والسلوان.”

أضاف: “شكل خبر رحيل الرّيس نادر صدمةٌ كبيرةٌ لنا جميعاً وكأن غيمة من الحزن قد سكنت فضاء قلوبنا المصابة بالحرقةِ والألم ، ونحن الذين تربطنا علاقة صداقة ومودة وترابط عائلي ومناطقي وحلم كبيرٌ يجمعنا ببناء وطن نستحقه جميعاً وإزدهاره على مختلف الأصعدة ، أحمل اليوم اليكم كلمات المواساة العفوية ، فكل عائلات ساحل المتن الجنوبي ولبنان فقدت عزيزا برحيل الريس نادر وكلهم كعائلة واحدة يحتضنون عائلة الريس ويلتفون من حولها بالحب … وكلهم يرفعون هاماتهم فخراً بالقاضي المتميز بأنه لم يميز بين أحد يوماً وأنه كان مُتزناً في الحكم بميزان العدل … الشاب المكافح والطموح والمثقف والمهذب الخلوق الذي عمل ليلا ً ونهاراً وعلى حساب صحته وعائلته ورفع إسم القضاء وإسم منطقته وعائلاتها وشرفهم حيث حلّ …ونحن في لقاء لتكريم الراحل الريس نادر منصور الذي شغل منصب محامي العام بالإستئناف لجبل لبنان ، تستحضرنا العديد من الأسماء والرجالات القانونية ، سفراء ساحل المتن الجنوبي إلى القضاء اللبناني والذين تركوا بصمات مُجلية في قوس العدالة منذ ما قبل الإستقلال مع القضاة ، مصطفى وعلي الشيخ محمد رضا ، القاضي راغب علامة، الى القاضي عبد الكريم سليم ، والقاضي سامي بديع منصور ، والقُضاة كريم حرب ، وخليل اسماعيل ، وأمين حركة ، ومحمد سمير حاطوم ، والقاضية فرح ياسر حاطوم وسهجنان نواف حاطوم بالاضافة الى عقيلة الراحل الكبير القاضية صبرا (مع المعذرة في حال نسيت أسماء ساطعة أخرى) هؤلاء كلهم نجوم مُضيئة بأفكارهم وسلوكهم ، خير ممثلين وأبهى صورة لمنطقة ساحل المتن الجنوبي في القضاء اللبناني. هذا الحضور لم يأت من الفراغ ، إنما هو نتيجة ثقافة وتربية وإرث قائم على الإنتماء للبنان والتمسك بمنطق القانون وقُوته ، والسعي دوماً لبناء دولة ونظام يحفظ أبنائه وينصفهم . وهذه المبادئ قد اختزلها فقيدنا الراحل بصفاته وسلوكه الوطني العابر للمناطق والطوائف والمذاهب والمتمسك بفكرة العدالة والقانون”.

وتابع: “ونحن في حضرة قاضي نزيهٌ ومكافحٌ ربما تكريمه الأهم يكون من خلال السعي لتحقيقْ ما عاشَ لأجله وآمن به ، وهو وجود سلطة قضائية مستقلة تكون الأساس في تأمين حسن إنتظام الحياة داخل المجتمع اللبناني وفي إداراته ومُؤسساته من خلال دعم وتعزيز دور القضاة وتفعيل دور الأجهزة القضائية والرقابية كافة وملء الشواغر والتعيينات ورفد الجسم القضائي بالطاقات”.

وختم: “أصدقاء الراحل الكبير وعائلته الحبيبة ، بإسم دولة الرئيس نبيه بري ، أجددُ العزاءَ لنا جميعا برحيل الأخ والصديق الريس نادر منصور ولكم منا خالص مشاعرَ الحُب والمواساة … والفُقد واحد والحُزنُ مشترك .”

 

منصور

كلمة اهل الفقيد ألقتها عقيلته باسم العائلة القاضية أميرة صبره منصور وجاء فيها: “أُرَحِّبُ بِالحضورِ الكِرامِ فَرْدًا فَرْدًا، لَكُم مِنْ أَعْماقِ القلبِ ألف تَحيَّة. أَعتذرُ عنْ ذِكرِ أسمائِكم السَّامية، فهي محفورةٌ في قلبِ القلب. نَجْتَمِعُ اليَومَ، مُؤَبِّنينَ ومُعَزِّينَ بزَوجي الحبيب، الفقيدِ الغالي، القاضي نادر منصور، بَعدَ مرورِ قرابة شهرين على رحيلِه، لنَقولَ له: لَئِنْ بَتَرَ الموتُ عُمرَك، وحَجَبَ التُّرابُ وَجْهَك، فهيهاتَ أَنْ يَحجُبَ ذِكْرَك. ستبقى بَصَماتُكَ متلألئةً حَنَانًا ودِفْئًا وحُضُورًا، وسيَبقى طَيْفُك حاضِرًا في أعماقِ القلوبِ والوجدان، عَصيًّا على الأُفولِ والنِّسيان. أنتَ ما غبتَ يا حَبيبُ، ولَكنْ قدْ أَعارَتْكَ لِلخلودِ السَّماءُ”.

أضافت: “مضى النَّادرُ في صفاتِهِ كاسْمِهِ، وكأنَّ مقولةَ أَبي تمّام قد فُصّلتْ عليه تفصيلًا: مَضَى طاهرَ الأَثوابِ، لَمْ تَبْقَ رَوْضَة غَداةَ ثَوَى، إِلَّا اشْتَهَتْ أَنَّها قَبْرُ. زوجي الحبيب: بأيِّ الكلماتِ أَرثيك؟ وكيف يُطاوعُني لساني على رثائِك؟ لماذا استَعجلتَ الرَّحيل؟ أقولُ لك بكلِّ صدق، إِنِّي لا أَقوى على تَصوُّرِك راحلًا. ماذا عسايَ أن أَذكرَ عنك، وشهادتي مجروحةٌ في حَقِّك، لكنَّ الزَّوجَةَ سِرُّ زَوْجِها، فلقد عَهِدتُكَ ذا قلبٍ عامرٍ بالخير، نابضٍ بالمحبَّة. لَقَدْ كنَّا ولا زلنا فخورين بك، جَعَلْتَ كُلَّ أَيَّامنا مَواسِمَ سَعِيدة، وبَذَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ لِتَمْلأَ قَلْوبَنا بِالفَرَح، وها هي القَلوبُ الَّتي أَحْبَبْتَها كَثِيرًا، تَشْتاقُ إِلَيْكَ كَثِيرًا كَثِيرًا .حَقًّا إِنَّكَ تَسْتَحِقُّ وِسامًا عَظِيمًا في حُسْنِ التَّربِيةِ والتَّفانِي والتَّضْحِيَة، لأنك نَذَرتَ حَياتَكَ، وأَنْفَقْتَ وَقْتَكَ في تَربِيَةِ ابنَيْكَ جاد وآدَمَ على المَبادِئِ والقِيَم والأخلاقِ ،وفي إِفادَتِهِما مِنْ خُبُراتِكَ وتَجارِبِكَ، وطالَما صَحِبْتَهُما في أَسْفارِكَ، وعَلَّمتَهُما: الصَّيْدَ، والسِّباحَةَ، ولُعبَةَ كرةِ القدم، مَعَ صِغَرِ سِنِّهِما، كَأَنَّكَ أَرَدْتَ أَنْ تُؤَهِّلَهُما قبلَ أَنْ تَتْرُكَهُما، لِيُطِلَّا عَلى الدُّنيا مِنْ بابِها الواسِع، أَعِدُكَ وأُعاهِدُكَ أَنْ تعبك لن يذهب هدرًا، وان يبقَى ابْناك جاد وآدم يَسيرانِ على دربِك ومِنْهاجِك، ويَترسَّمانِ خُطاك؛ ويُمارِسانَ الأَنشِطَةَ ذاتها الَّتي كُنْتُ تُحِبُّها؛ فاطْمَئِنَّ بالًا، وقَرَّ عَيْنًا، إِنَّهما بعيني وسوف أسعى جاهدة ليكونا عند حسن ظنك واملك، وأُوَجِّهُ رِسالَةً مِلْؤُها الشَّفافِيَةُ إِلى والدَيْ نادِر، العَزيزَيْنِ، الحاج أبو نادر وتانت أحلام قائِلَةً: إِنَّكُما خَسِرْتُما اِبنَكُما البارَّ نادر، لَكِنْ رَبِحْتُمْ مِئاتِ الأَبْناءِ مِنْ أَحِبَّتِه؛ وسَتَرَيانِ ابْنَيْهِ آدمَ وجادَ صُورَةً ناصعةً، ومِرآةً لامِعَةً عن أَبيهما نادِر، وسأكمل مع سامر ومايا ومهى رِسالَتَهُ ومَسيرَتَهُ المشرقة، وسَنَبْقَى معكُمْ وإِلى جانِبِكُمْ، يَدًا واحِدَةً، وعائِلَةً واحِدَةً؛ هذا عَهْدنا وَوعدُنا لكم جَميعًا. فكما ان نادر قد أَوقفَ عُمْرَهُ وحَياتَهُ لِلمُساعَدَةِ والعَطاءِ، وكانَ يَشْعُرُ بِالسَّعادَةِ عندَ قَضاءِ حَوائِجِ النَّاسِ، فكانَتْ يَدُهُ البَيْضاءُ تُعطي كما يُعْطي الرَّيْحانُ عِطْرَهُ لِلنَّسيمِ دونَ مِنَّةٍ، أَوْ رَغْبَةٍ في إِذاعَةِ فَضيلَة؛ ونَحنُ سَنَبْقَى نَقْتَفي أَثَرَهُ، ونَحذو حَذْوَه، نَمُدُّ يَدَ العَوْنِ والمُساعِدَةِ لِكُلِّ طالِبِ حاجَة، وسَيَبقَى بابُ بَيْتِهِ مَفْتوحًا، كما كانَ قلبُهُ مفتوحًا لِلجَميع. نادر، كُنَّا نتمنَّى أنْ يكونَ هذا الاحتفالُ تكريمًا لعطاءاتِك، بعدَ تقاعُدِك، لكنَّ سهامَ القدَرِ حالتْ دونَ ذلكَ، فجمَعَتنا الفاجعةُ في حفلِ تأبينِك”.

وقالت: “دخل نادر منصور القضاءَ في 10/9/2004، وأَمضى فيه نحوَ عشرينَ عامًا، شغَلَ خلالَها مناصِبَ قضائيَّةً متعدِّدة، ليَختِمَ مسيرَتَه القضائيَّةَ محاميًّا عامًّا استئنافيًّا في جبلِ لبنان، إلى أنْ وافتْه المنيَّة بَغتةً، وهو في نَضارَةِ شبابِه، وعزِّ عطائِه وعُنفوانِه. لقد كانَ نادر أَشهَرَ منْ نارٍ على مَنار، وأوضحَ منَ الشَّمسِ في رائِعةِ النَّهار، اسمُه يدلُّ عليه، وأعماله تشهدُ له، كما شَهِدَ عارفوه، أَنَّه كانَ عصاميًّا في حياتِه، مُمَيَّزًا في مَسيرتِه القضائيَّةِ، يتمتَّعُ بمزايا القاضي الصَّادق، المجتهدِ، والنَّشيط، وكان يسعى دائِمًا إلى إحقاقِ العدلِ، وتأمينِ الحقوق، وكان مخلصًا ومتفانيًّا في المَهامِّ الَّتي أُنيطتْ به، وهذا ما جَعلهُ يَكسَبُ بامتيازٍ محبَّةَ زملائِه، إضافةً إِلى احترامِ وتقديرِ كلِّ مَنْ تَقاضى أَمامَه”.

أضافت: “نادر ، يا عابر القلوب….. هكذا كان القضاء، ولكَ في قلبي كلُّ الوفاء، لكنِ اعذرْني لا تُسعفُني الكلماتُ لتَأبينِك، لأنَّ حُزني أكبرُ منْ كلِّ حروفِ الرِّثاء، بموتك ماتتِ الكلمات، وبقيتِ الذِّكريات، وأرخيتُ شَلَّالَ الدُّموعُ للتَّعبير. لا شيءَ بَعدَك يَملأ القلب الحزين، أَيُّها الحِضنُ الدافىء، أَيُّها الصَّديقُ الصَّدوق، أَيُّها الإبن والأخ الحَنون، أَيُّها الأَبُ العَطوف، لقد أَصابَنا اليُتمُ مِن بَعدِك؛الأَلمُ يَعتصرُ قلوبَنا، وبَعدَكَ لا طَعمَ لأَعيادِنا، لا حَياةَ لنا، يا كُلَّنا، ويا فَخرَنا، وعزَّنا، وتاجَ رؤوسِنا. يا شمسَ سَمائِنا، سنَذكرُكَ معَ إِشراقة الصَّباح، وطُلوعِ القَمرِ. وَداعًا يا رفيقَ العُمر، نَمْ قريرَ العينِ، ستَبقى ذِكراكَ محفورةً في ذاكرتِنا، ساكنةً في أعماقِ قلوبِنا. لا يسَعُنا حِيالَ رحيلك وقُبالَةَ فقدِك، إلاَّ أنْ نَتَسلَّحَ بالصَّبر، علَّنا نَحوزُ جزيلَ الثَّوابِ والأَجر، ونُرَدِّدُ مُسَلِّمينَ لمشيئَةِ اللهِ: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِليهِ راجعون. رَحِمَك الله، وأَسكنكَ رَوْحَه ورَيْحانَه، وجَنَّتَه ورِضوانَه، وإلى اللِّقاء”.

وختمت: “في نِهايَةِ المَطاف، باسْمي وباسْمِ جاد وآدم وآل منصور وآل صبرا، نَتقدَّمُ منْ كلِّ الَّذِينَ شاطَرُونا مصابَنا الأَليم، بأَسمَى آياتِ الشُّكر والتَّقدير، ولا سِيَّما الَّذينَ تَجَشَّمُوا وتَحَمَّلُوا مَشاقَّ السَّفَرِ، والَّذين اتَّصلوا بنا، وأبرَقوا لنا، معزِّين ومواسين؛ وأَخصُّ بالشُّكر، السَّادةَ الكرام، الَّذينَ تعاقبوا على الكلام، وأتحفونا ببيانهم، وغمرونا بلطفهم: شُكرًا لكم جميعًا، وإلى روحِ زوجي القاضي نادر منصور، وإِلى أَرواحِ أَمواتكُمْ عامَّة، نُرسِلُ أَسمَى هديَّة، ثوابَ قراءةِ السُّورةِ المباركةِ الفاتحة، والسَّلامُ.”

عبد الصمد

كلمة أصدقاء الفقيد المُكرم القاها خالد عبد الصمد وقال: “أن أرثيَّ نادرْ، لحظةً ووقفةً. مِنبراً وكلمةً. حتماً كُلُهَا ما كُنتُ أتمناها.. وليتَ هذا الإمتحانُ الصعبْ لم يأتِ، إلّا أنها مشيئةُ اللهِ. فمنَ الترابْ.. وإلى الترابِ نعودْ. أن أرثيَّ نادر، هيَ مراثينا كُلُنا نحنُ أصدقاءْ وأحبةْ نادر. كيفَ لا.. وأنتَ كُنتَ تُقاسمُنا الفرحَ والحُزنَ. النجاحَ والتحدياتْ. وكُلَ تفاصيلْ التفاصيل. كيفَ لا.. وأنت كُنتَ كُتلةً مُتقدةً منَ الحيويةِ والنشاطْ. منَ الجديةِ والصداقةْ. منَ العفويةِ والطُمأنينة. نادرْ، يا أخي ويا صديقي، إسمحْ لنا أنْ نلُومَكَ. أن نعتَبَ عليكَ أشدَّ العتبْ. نلومُكَ.. لأنكَ لمْ تستأذنْ الرحيلْ، ونعتبُ عليكَ.. لأنكَ جعلتنَا نتجرعُ كأسَ الفُقدانْ مُبكّراً… يا أولَ الراحلين منْ مجموعتِنَا. أينما حللتَ يا نادرْ، كُنتَ تَتركُ بَصمتَكَ بين الناس. فيْ المدرسةِ… في الجامعةِ… فيْ قصورِ العدلِ وأقواسِ المحاكمِ. فيْ الحقلينْ العامْ والخاصْ. فيْ مِهنتِكَ المُتعِبةْ. فيْ رِعَايتِكَ لِعائلتِكَ واهتمامِكَ بِكُلِّ أحبائِكَ. كبُرَ القضاءُ بكَ يا نادرْ، وأكبرتَ أنتَ فيْ الناسِ ألّا يترددُوا فيْ الطلبْ. كُنتَ مُدرِكاً أنَّ حاجاتَهمْ أكبرَ منْ قُدرةِ مُجتمعِهمْ على تلبيتِهَا. ومعْ الوقتْ، صارتْ خدمةْ الناسِ فيْ صُلبِ حياتِكَ وشخصيتِكَ ويومياتِكَ.. ترعرعتَ يا نادرْ فيْ بيتٍ يتحدىْ الصعابْ. صارَ المُمتنَعُ مَعكَ سَهْلاً وأضحىْ المستحيلُ حقيقةً وباتَ المنصِبُ خِدمةً والتزاماً وسهراً وليس مِنّةً لأحدْ. لقد أسّستَ. ناضلتَ. سهِرتَ. تَعِبْتَ. راكمتَ… حانَ القُطافُ، ولكنَّ القدرَ شاءَ أنْ يَخطِفكَ في عزِّ العطاءْ”.

أضاف: “نادرْ منصورْ، يا اوفى الاوفياء… أيُّها العابرُ للطوائفْ والمذاهبْ، أيُّها العابرُ للمناطقْ والجسورْ، أيُّها الساعي إلى تكبيرِ المساحاتْ المُشتركَةْ؛ سَنبقَى دائماً نُردّدُ بحسرة: “لماذا فَعلتَها”؟ نعم، برحيلِكِ يا نادر، انعقدتْ ألسِنتُنا وتكتّفتْ أيدينا وتعبتْ عُيونُنا وشُلّتْ حناجِرُنا. صَدِّقْ يا نادر، لمْ نحْسَبُكَ قابلاً للكسرِ والرحيلِ. إعتقدنا أنكَ على عَادتِكَ، صَلباً قويّاً إلى حدِّ المستحيلْ. أيُها المَازحْ بجديةِ الكبارْ، أيُها الجَدّيُّ بابتسامةِ الصغارْ. أيُّها القَلِقُ والمُطمئِنُ، يا ناثرْ شعورْ الأمانْ على كُلِ مَنْ محيطك. نادر، يا حبيبَ القلبْ ورفيقَ العُمرْ، صورتُكَ صورتُنا. عائلتُكَ عائلتُنا. أحلامُكَ أحلامُنَا. بيوتُنا مُشرّعةٌ لعائلتِكَ.. يا ابنَ العائلةِ الكريمةْ، مماتُكَ إرادةٌ ربّانيةٌ، وأولادُكَ أمانةْ في أعناقِ كُلِّ واحدٍ مِنَّا. أأرثيكَ يا نادر أمْ أرثيْ حالُنَا وأحوالُنَا؟ حُضورُكَ كان سر اطمئنانِنَا.. وغِيابُكَ مَدْعاةُ حُزْنِنَا. تواضُعُكَ نمطُ تربيةٍ وحياةْ. ثقافتُكَ واجتهادُكَ.. إستثناءٌ فيْ زمنِ السهلِ والاستسهال. عِشتَ يا نادر بُرهةً قصيرةً وغنيةً وقرّرتَ غيبةً طويلةً في عليائِكِ الأبديةْ. هناكَ حيثُ تنامْ يا نادر. هناكَ حيثُ صمتُ القبورِ ورائحةُ البخورِ، هناكَ حيثُ تغرقُ في قيلولتِكَ الطويلةْ؛ تذكّرْ يا نادر أنَّ الأرضَ التي أغنيتَها بِعُمرِكَ القصيرْ ستبقى مدينةً لكَ، عسىْ أنْ تكونَ الجنةْ التي تستقرُ فيها أكثرَ غناءً بكَ ومعكَ. هلْ أتعبتكَ كلماتي يا نادر، إذا كانَ كَذَلِكَ، أعتذرْ مِنْكَ يا صَديقِي. فَقَدْ أتعبَنا الرحيلْ. عزاؤٌنَا بِحُضورِكْ المستمرْ بجادْ وآدمْ، عسى أن يَحمِلَا أحلَامَكَ ويُتابِعَا مسيرتِكَ”.

وختم: “أسعدَ اللهُ مساءَكَ يا نادر. انتهتْ كَلِمَتيْ.. لكنَّ حُبَّنَا لكَ لنْ ينتهيْ.”

ألفا

عريف الاحتفال التأبيني الكاتب والإعلامي روني الفا كان استهل اللقاء بكلمة جاء فيها :” سُكونِ محكمةٍ تنامُ مطرقةٌ تهجُسُ بِأصابِعِ القاضي. حينَ يجلِسُ ليُذاكِرَ وقبل النُّطقِ بِحكمِ الشَّعبِ كان يرفعُها صوبَ لوحِ الوصايا ويهوي برأسِها فوقَ لوح الخَشَب ومِن لا تَقتُلْ الى اسلِك سراطًا مستقيمًا إلى أحِبّوا بعضُكم بعضًا كانت خُيوطُ الحقِّ المتينَةِ تتناثَرُ من رأسِ مطرَقَتِه لتُقطِّبَ بالعدلِ جراحَ الجريمة. حمل نادر منصور مطرقَتَهُ هذه وقفَزَ الى الضفَّةِ الأُخرى. لم يترك لنا فرصةً لاستئنافِ أو تمييزِ قفزته. قرَّر الا تلتئم الهيئةُ هذه المَرَّةَ ومَنَعَ النَّظَرَ بدَعوانا شكلًا وفي الأساس. أسرعَ ذات يومٍ كما يُسرِعُ الوميضُ في برهةِ توهُّجِه. رَكِبَ موجةً عاتِيةً واجترحَ البَحرَ ماخِرًا عبابَ الغَفلَةِ كسفينةٍ محمَّلَةٍ برذاذِ الشواطئِ البعيدة وبِوعودِ الموانئِ للمَراسي. بسَطَ نادر منصور ذراعيهِ المحمّلَتَينِ بِعنبٍ ينتظرُ عناقيدَهُ بفارغِ النضوج ويحلُمُ بِحَبّاتٍ أوشَكَتْ أن تتدلَّى وبكرمةِ عمرٍ لم تُلوِّحها شمسُ الصباحاتِ الدافئَةِ فأتى القطّافُ على خفرٍ يحتسي شبابَهُ رغم اعتراضِ الجرارِ في الخمّارَات المعتَّقَةِ بإكسيرِ العتمةِ ونبيذِ السُّكوت. ماتَ القاضي وعلى بيادرِ أحكامِهِ ألفُ قضيةٍ كان بودّه أن يحصِدَها بِمِنجَلِ الإنصاف ويحرُثَها بأثلامِ العدل ويطعِمَها للجائعين الى العَدل. موتُه يعاندُ الموت. كلّما عفّرَ وجهَهُ بالتراب صرَخَ التُّراب: ليسَ منّي ولا أعرفُه. وكلَّما غطّى النسيانُ ذكراه بإزارٍ من قماشِ الهفوةِ صاحَ القماشُ بالكفن : لا يُكفّنُ القاضي! يُذكَرُ ولا يُتَذَكَّر ولِمْ لا وهو حاضرٌ حضورَ الشِّفاه في القُبلةِ والجالسُ على قوسِهِ مجالسَةَ الوحيِ للعلماء والناظرُ في الدعاوى كَمَن ينظرُ الى وجه عليّ في العِبادة ووجه المسيحِ في الشهادة”.

أضاف: “تركتَ من عبيرِكَ جادَ وآدم. اصطحَبتَهُم فوق أعشابِ المَلاعِبِ يركُلونَ كرةَ القَدَم، تواكبُهُم تحت أعشابِ المَثاوي يَركُلونَ كرةَ الحياةِ، تواكبُهُم في مسالِكِها كَما تُواكبُ المآقي زخّاتِ الدموع فابقَ على هِتافِكَ لهم من ملاعبِ المطلق فَيَحمونَ الشِّباكَ ،وفي كل ميداليَّةٍ تعلَّقُ حولَ اعناقِهم ستكونُ انتَ الميداليةَ الذهبيَّةَ في مبارياتِ الأبوّة وبطولةِ وأخالُكَ أيها النادِر تخاطبُنا اليوم قائلًا: لا تَبحثوا عنّي في قُصورِ العدلِ وقاعاتِ المحاكم. أنا تحررتُ مِن حلْقاتِ المُذاكرةِ ودخلتُ حلْقاتِ الذِّكر. حيثُ انا قضايا العالمِ مكتظَّةٌ. ملفّاتي كثيرَةٌ. تَفكَّروا في طَيفي وقد مررتُ عابِقًا بالحب. تذكَّروني بالسنوات الرائعة التي أحببتُكم فيها وأنا أعدُّها مستَعجِلًا. صورَكُم كلُّها في حقيبتي. استقِلّوا قواربَ الذكريات فَنلتقي في منتصف الطريق . أنا أهبطُ قليلًا وانتم ترتفعون قليلً. الى عبير وآدم وجاد . لست بعيدًا. أنا معكم هنا. اسمع صمتكم. يلفحُني لهاثُ تأوُّهِكُم. اذا حاصَركُمُ البُكاء لا تبكوا هبوطًا صلّوا صعودًا وتأكَّدوا أنْ حيثُ أودعتموني لَم أعُد هناك. أنا أوّلُ دمعةِ مَطَرٍ فوق بلَّورِ التأوه وأولُّ خيطِ نور من موزاييك الكنائس. و أشهى إفطار في رمضان وأجملُ شجرةٍ تستقبلُ يسوع فرجاءً رجاءً لا تزوروني حيث أودعتموني لِتَبكوا. أقسِمُ لكم. لستُ هناك. لست هناك.”

فرنسيس

وجاء في القصيدة التي ألقاها الشاعر نزار فرنسيس: “يا موت يا مْقَطِّف سنين العمر

بتاخد الفيه الداء.. والداوَى

كلّن لعندك رايحين بْأمر

أعمار.. عَ أعمار.. تتهاوَى

كلّنا مْنتساوى بِقلب القبر

لاكن عند ربّي البإيدو الأمر

هونيك مش معقول نتساوَى..

 

هونيك في بعد هالرحلة حساب

هونيك في صوت السما الهادر

شاهد أيضاً

بوليتيكو”: محامون أميركيون يدعون بايدن إلى وقف الدعم العسكري لـ”إسرائيل”

مجلة “بوليتيكو” تفيد بأنّ تحالفاً من المحامين داخل الإدارة الأميركية وخارجها يدعون بايدن إلى وقف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *