الدكتور وسام حمادة يرثي إبن خالته المرحوم حسان محمد حسين وهبي

غربتان…

غربة الجسد وغربة الروح عن الزمان والمكان، هذا واقع حال الأحبة الذين فُرضت عليهم جغرافيا نظام القتل على الهوية إبّان الحرب اللبنانية الداخلية وجغرافيا الإحتلال الغاصب للبيادر وحقول التبغ وأحلام الطفولة في قريته الجنوبية عيناثا وأن يكون البديل رحلة الخوف من المجهول نحو جزيرة بعيدة غريبة اسمها أستراليا، زاده بعض من أدعية حَمَّله إياها أحبة وأسئلة كثيرة لا يملك إجابتها، جزيرة لا يعلم عنها أشياء سوى أنها قد تجمع له آماله المبعثرة وتفتح له ذراعيها وتحتضن أحلامه الكسيرة وتطلعاته نحو عيش كريم وجغرافيا تحترم إنسانيته، وكانت الرحلة… رحلة اللاعودة ليبدأ معها مشوار غربة فُرضت عليه وسلخته عن حارات وأزقة أحبها وطرقات وحقول عشقها وملاعب صبية حملها أسراره بعد أن تعاهدا على لقاء قريب، هي غربة حرمته ضحكة المنتصر على ناطور التين وكرم اللوز والدوالي والبساتين وأرهقت جسده المرهف وروحه الجميلة ونثرت أحلامه المبعثرة على جناحي أمل العودة إلى تراب وذكريات عاشها وعشقها وكان لنا منها نصيب.

واليوم يشاء القدر أن تستقر أحلامك يا صديقي على تلك الجزيرة البعيدة بجوار أم وأخت وأحبة كان لهم من الغربة القاتلة نصيب لعل في ذلك مواساة لروحك الطاهرة المتعلقة بهم…

أيها الحبيب حسان أن تكون ابن خالتي فهذا أمر فرضته صلة الدم والقرابة والإرث العائلي، ولكن أن تكون صديقي فهذا اختياري الذي اعتز به، ستبقى يا صديقي وابن خالتي الحبيبة في القلب والذاكرة الجميلة التي احتضنت كل جميل عشناه على مدى سنوات العمر
لك الرحمة أيها الحبيب حسان وأرجو من الله- عز وجل- أن يسكنك فسيح جناته وأنت تستحق أجمل الأمكنة. تعازي الحارة للعائلة الكريمة وللأهل وكل محبيك وهم كثر…