أليس المسافر والمريض أولى بالتخيير؟

الكاتب عبد الصبور طنطاوي).

يقول المهندس شحرور: (قسم الله تعالى الناس في أيام الصيام إلى ثلاث فئات: المريض، المسافر، ومن يستطيع الصوم فهو ﻻ مريض وﻻ مسافر. المريض والمسافر تم إعفاءهما، أما من يستطيع الصوم فعنده خياران: اﻷول أن يصوم والثاني أن يفدي بإطعام مسكين كحد أدنى. فهناك خيار الفدية أو الصوم للذي يستطيع، ولكنه رجح لنا الصوم فقال: (وأن تصوموا خير لكم) أي الفدية جاءت للذي يستطيع، ﻻ للمريض وﻻ للمسافر، بل هما سيصومان بعد الشفاء أو العودة). ما يعني قول المهندس شحرور أن الله قد ترك للمؤمن غير المريض وغير المسافر خيار أن يصوم شهر رمضان أو لا يصوم، وإن ترك المؤمن صيام شهر رمضان حتى وإن كان مستطيعا قادرا على صيامه، فما عليه سوى الفدية التي هي إطعام مسكين. ولو وافقنا المهندس شحرور فيما ذهب إليه من أن الذي يستطيع الصيام ولا يريد الصوم فعليه أن يستبدله بالفدية التي هي إطعام مسكين، فسيضعنا هذا في كثير من المآزق. نذكر منها على سبيل المثال: إن الصيام عبادة سيستطيع الأغنياء الإفلات منها ومن علتها التي من أجلها كتب الله الصيام على الذين آمنوا، ألا وهي التقوى، فسيفلت الأغنياء بأموالهم ليس فقط من الصيام بل ومن التقوى أيضا، التقوى التي من أجلها شرع الله الصيام لا لشيء غيرها، لأنهم بكل سهولة ويسر سيتمكنون من دفع الفدية التي هي إطعام مسكين، بينما الفقراء وجوعاهم سيصومون رغم أنوفهم، لأنهم لا يملكون الفدية كما يملكها الأغنياء، لكنهم ربما يفوزون بالتقوى التي سيحرم منها الأغنياء. هكذا ينظر المهندس شحرور لأحكام الله وتقواه وطاعته وعبادته ودينه. فيظن أنه بأمواله يستطيع أن يستبدل طاعة الله وتقواه وعبادته وأحكامه بفدية مالية يطعم بها عددا من المساكين. ومن المآزق أيضا في كلام المهندس شحرور: أنه كان أولى بالله سبحانه أن يجعل الفدية للمرضى والمسافرين الذين أفطروا من أجل مرضهم وسفرهم، فهم أحق بهذه الفدية من الأغنياء الذين يستطيعون الصيام ولا يصومون زهدا منهم في التقوى ورضا الله، بدلا من أن يطلب من المرضى والمسافرين أن يقضوا الأيام التي أفطروها في أيام أخر! أنا لا أفهم كيف يلزم الله تعالى المريض والمسافر بوجوب القضاء بقوله: (فعدة من أيام أخر)، ويخير الصحيح المقيم بين الصيام والفدية، أليس المسافر والمريض أولى بالتخيير؟ كيف يرخص للمسافر أو المريض الذي لا يستطيع الصيام بالإفطار، ويؤمر بالقضاء بعد زوال العلة، بينما الذي يستطيع الصيام منهما، وأحب أن يفطر يؤمر فقط بالفدية دون القضاء؟ (مقال رد على المهندس شحرور،

 

شاهد أيضاً

مؤسسات سلطة بوسائل عصابات ومافيات ..

كتب علي يوسف:  لبنان بات المكان الأمثل  لتتعلم كيف تمارس مؤسسات الدولة وسائل العصابات والمافيات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *