حكاية منطقة من طرابلس……

تعتبر الساحات العامة في المدن والقرى الرئة التي من خلالها يتواصل أهالي المناطق وهي كالقلب الذي يمد شرايينها بالنمو والإزدهار والحياة… وهكذا هي ساحة التل بالنسبة لمدينة طرابلس، وهكذا كانت بالنسبة أيضا لمختلف المناطق الشمالية التي قصدها أبناؤها منذ تأسيسها للعمل والتجارة والدراسة والإستثمار، وهي التي بوشر في إنشائها منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر فحملت الطابع العثماني والأوروبي في مبانيها ومنشآتها الرسمية والسكنية والتعليمية والإقتصادية خلافا للمدينة القديمة التي بناها المماليك في القرن الثالث عشر. وتلك الساحة التي سرعان ما تطورت وتعددت منشآتها من السرايا الحكومية و”الكركون” (مقر الدرك) والبلدية ومن ثم الساعة ذات الطراز العثماني، فـ”المنشية” أو الحديقة العامة التي بنيت بعد إعلان دولة لبنان الكبير، سرعان ما تزامن كل ذلك ببناء عشرات الفنادق و”البانسيونات” ودور السينما واللهو والمقاهي والمسارح. ولا يفوتنا ان نذكر  دور المصورين الفوتوغرافيين الأرمن الذين كانوا يتخذون من زوايا السرايا العثمانية في ساحة التل مركزا لهم.  “التل “شهد إقامة ممرات خاصة للمشاة وللذين يودون الإنتقال من رصيف إلى آخر، وأن طرابلس كانت أول مدينة لبنانية تستخدم المسامير النحاسية لتحديد معالم هذه الممرات في مطلع ستينات القرن المنصرم…. في الزمن الجميل انتشرت فيها  الفنادق التي إشتهرت بجمالها وبرقيها وبتجهيزاتها التي كانت توصف بأنها فنادق درجة أولى أو خمس نجوم؟ هل نستذكر البانسيونات والمطاعم التي بناها وأنشأها أبناء المناطق من مطعم البترون إلى بنسيون قاديشا إلى كراج بشري والمقهى الزغرتاوي ومواقف الكورة التي أعطت الساحة المجاورة للتل إسمها ؟؟؟؟ التل هو القلب النابض للمدينة …  وقد مرت على التل دوائر ومراكز مختلفة للسلطات المحلية والرسمية بعضها ما يزال يتخذ مقرا له في التل وبعضها الآخر إنتقل إلى اماكن أخرى.  “التل ” هو حيز إقتصادي وتجاري هام وهكذا كان وعلى صعيد كل المناطق المجاورة ولكن هذا الدور آخذ نحو التقلص. وهناك بعد جمالي ما يزال قائما ويدل على الغنى المعماري من كل النواحي وحديقة تراثية إلى جانب إرث ثقافي متراكم. وقد مرت عليه أحداث مختلفة وهو موجود في الذاكرة عند الحديث عن كل شأن طرابلسي وهو مركز إستقطاب لكثير من المناطق إضافة إلى محيطه”. من أبرز معالم منطقة التل مقهى قديم يسمى (مقهى التل العليا)يقع على تلة في مدينة طرابلس اللبنانية تحت أشجار الليمون وعرائش العنب، حيث شهد في الماضي الجميل و هو المكان الهادئ على حلقات النقاش السياسية والثقافية لكبار الشخصيات البارزة في البلاد منذ القرن التاسع عشر. لم تتبدل ملامح “مقهى التل العليا” القائم وسط مدينة طرابلس اللبنانية منذ بنته الدولة العثمانية عام 1870 في القرن التاسع عشر. 

المصدر: مركز النهوض

شاهد أيضاً

غزة وحراك الجامعات الامريكية. الشعوب تتحد وتنهض لوأد العالم الانجلو ساكسوني.

ميخائيل عوض تطورت تشكيلات الوحدات الاجتماعية للبشرية ارتقاء من الجماعات البدائية في المشاعيات الى العائلات …