كاظم الغيظ وراهب بني هاشم

تكتم الفاطمية

لعل القراء يهمهم الإطلاع – قبل كل شيء – على اسباب سجن الإمام، والتعرف على دور محنته الكبرى أيام اضطهاده في السجن .
سمو شخصية الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) من ألمع الشخصيات الإسلامية في ذلك العصر فهو من أئمة المسلمين، وأحد أوصياء الرسول (صلى الله عليه وآله) على أمته، كما دان بإمامته جمهور كبير من المسلمين، وقد أجمع المسلمون على اختلاف مذاهبهم في عصره عن علومه وتقواه وورعه ومكارمه، وكان هارون نفسه ممن يجله ويعتقد بأن الخلافة الإسلامية هو أولى بها.

وعمد فريق من باعة الضمير والدين الذين انعدمت من نفوسهم الإنسانية إلى السعي بالإمام (عليه السلام) وبالوشاية به عند هارون ليتزلفوا إليه بذلك، وينالوا من دنياه، وقد ابتلى بهم الإسلام والمسلمون. وبهؤلاء الأوغاد يستعين الظالمون في جميع مراحل التاريخ على تنفيذ خططهم الرامية إلى إشاعة الظلم والجور والفساد في الأرض.

كانت وشاية هؤلاء المجرمين بالإمام ذات
جباية الأموال له:وانطلق بعض الأشرار، فأخبر هارون بأن الإمام تجبى له الأموال الطائلة من شتى الأقطار الإسلامية، وأنه قد اشترى بها ضيعة تسمى: (البسرية) اشتراها بثلاثين ألف دينار، فأثار ذلك كوامن الغيظ والحقد في نفس هارون، فإن سياسته كانت تجاه العلويين تقضي بفقرهم ووضع الحصار الاقتصادي عليهم، لان فقرهم أحب إليه من غناهم – كما قال لولده المأمون – وقد ذهب ابن الصباغ إلى أن هذه الوشاية من جملة الأسباب التي دعت لسجن الإمام .

وفي أحد الليالي كان الإمام الكاظم
يعيش في بغداد وهناك رجل معروف يقال له بشر ، وكان ممن يشار إليه بالبنان
وحدث يوماً أن كان الإمام الكاظم عليه السلام ماراً من أمام بيت بشر وكان يسمع أصـوات اللهو والطرب تملأ المكان
فصادف أن فتحت جارية باب الدار لإلقاء بعض الفضلات وحين رمت بها في الطريق
سألها الإمام الكاظم عليه السلام قائلا :
«يا جارية، هل صاحب هذه الدار حر أم عبد»؟ !
فأجابته الجارية وهي مستغربة سؤاله هذا وبشر رجل معروف بین الناس
وقالت : بل هو حرا
فقال الإمام الكاظم عليه السلام :
«صدقت فلو كان عبدا لخاف من مولاه»
قال الإمام الكاظم عليه السلام هذا الكلام وانصرف، وحينما عادت الجارية إلى
الدار كان بشر جالساً إلى مائدة الخمر
فسألها : ما الذي أبطأك ؟
فنقلت له ما دار بينها وبين الإمام الكاظم
عليه السلام وعندما نقلت له من قول الإمام الكاظم عليه السلام “صدقت لو كان عبدا لخاف من مولاه»
اهتز هزاً عنيفاً أيقظه من غفلته وأيقظه من نومته ، نومة الغفلة عن الله
ثم سأل الجارية عن الوجهة التي توجه إليها الإمام الكاظم عليه السلام فأخبرته فانطلق يعدو خلفه،حتى أنه نسي أن ينتعل حذاءه
وكان في الطريق يحدث نفسه بأن هذا الرجل هو الإمام موسى الكاظم عليه السلام .

وفعلا ذهب إلى بيت الإمام الكاظم عليه السلام فتاب على يده واعتذر وبكى ثم هوى على يد الإمام يقبلها ويقول : سيدي أريد من هذه الساعة أن أصبح عبداً ولكن عبداً الله
لا أريد هذه الحرية المؤلمة التي تأسر الإنسانية فيّ وتطلق العنان للشهوة الحيوانية
لا أريد حرية السعي وراء الجاه والمنصب
لا أريد حرية الخوض في مستنقع الذنوب
وأغدو أسيرا لها..أريد أن أصبح عبدا لله ولله وحده .
وتاب بشر على يد الإمام الكاظم عليه السلام
ومنذ تلك اللحظة هجرالذنوب واتلف كل وسائل الحرام واقبل على الطاعة والعبادة .
كانت حياة الامام الكاظم مدرسة فاعلة ومؤثرة في المجتمع حيث يغترف من علمة المحبين والباحثين عن الحقيقة في العلوم الدينية والانسانية وعلوم الفقة في زمن ظهر فيه الالحاد والاختلافات فكان مدرسة يحتذى به .

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *