الشاعر عباس أحمد شرف:

من الصعب أن تولد اللمحة الشعرية من دون الزمان و التوقيت المناسب كذلك من دون المكان الهادئ و الملائم

حوار الشاعرة دلال موسى 

هي لوحةٌ معلقةٌ هي حائط الحياة المزخرف ، تحفزّ الفنان على النظر اليها وبعد تخطف حدسه ، هكذا تكون القصيدة الحقيقية المخلوقة من ذات الشاعر الحقيقي .
فالشاعر الحقيقي هو الذي ينسجُ من خيطان المشاعر التي تختلج في النفس البشرية مشهدًا مصوّرا يزيّنهُ بصورٍ بيانية _ إبداعيّة ، ويُلقي عليه تعويذةَ الخيال والجمالية الشِعرية .

في هذه الحلقة ستحاور كواليس شاعر اختار الشِعر المحكي اللبناني وأتقنهُ ، حيث أن قصائدهُ من طرازٍ رفيع ، وتتنقل في أفق الجِنان الأدبي ، هو الشاعر عباس أحمد شرف .
وعندما طلبنا منه التعريف عن نفسه قال بأنه عاش في منطقة مشغرة البقاعية ، يكتب الشعر المحكي والزجل اللبناني وجميع أنواع العتابا .

أنجبَ أول قصيدةٍ له من رحم إبداعه وحبّه للشِعر عام 2002 ، لديه ديوان جاهز للطباعة ولكن سبب التأخير يكمن في الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها كشعبٍ لبناني ، شارك في العديد من الأمسيات والاحتفالات والمهرجانات وله اطلالات على مختلف الشاشة ، وتأهل للحلقة النهائية في برنامج أول قصيدة مع الشاعر محمد بنوت ، ويقدّم برنامج لمعة حلا على صفحة الشبكة الإعلامية .

*ما هو الفن برأيك؟

– الفن هو احساس  لا بل هو كل شيء جميل في هذه الحياة ، أنا أشبّه الفن بحديقة أو مشتل ورود يجمع كل أنواع الأزهار بعطور و ألوان و أشكال مختلفة.

*في عالم الأدب لغاتٌ كثيرة ، وأبوابٌ متعددة . لماذا اختار عباس باب الشِعر للدخول الى هذا العالم ؟

-الشعر هو الإحساس الداخلي الصادق الشفاف غير متلون بم يعبِّر به الشاعر بطريقته الخاصة فيعصر الأفكار و يُدوخها قبل سكبها في قالبها الجميل اي القصيدة ، و الشعر يدخل مباشرة إلى القلوب دون اذن مسبق سواء كان بالفرح أو الحزن فالجميع ينتظرسماع الكلام الذي يداوي قلبه ويترجم حال احساسه*

*من هو الشاعر برأيك ومن الذي يقيّم عمله؟

– الشاعر هو الفنان الخَلَّاق الذي جبل الكلام بمعضلة الاحرف وصوّر الصورة لتسطع بأبهى ما يمكن ، لذا فالشاعر يكون في تجدد مستمر دائما و لا يكرر نفسه في قصائده ، و يجمع في داخله الإبداع و الدهشة ، و النجاح هو الذي يُقَيِّم عمل الشاعر فنحن اليوم في العصر الذهبي للشعر حيث يوجد كوكبة من الشعراء بمستوى عال من الثقافة و الإبداع و التجدد و تعدد المنتديات الثقافية لها دور بارز في التقييم و القراءات الشعرية حيث يكون معظم الحاضرين فيها من الاشخاص الذين ذكرناهم.

*هل الثقافة لها علاقة بقصيدة الشاعر؟ كيف يتعامل عباس مع قصيدته؟

– طبعاً للثقافة دور كبير في صياغة القصيدة وفي خلفية صور الشاعر فالثقافة لا تخلق الشاعرية و الإلهام بل تزيد و تنمّي هذه الموهبة و تساعد كثيرا في صناعة القصيدة

فالمرحلة الأولى هي الأساس و التي يخلق الشاعر فيها زبدة قصيدته ومن ثم تأتي المرحلة الثانية مرحلة صناعة أو تعمير القصيدة و هنا يأتي دور الثقافة بصورة أساسية

*من هو الشاعر الذي قرأت له في بداياتك ؟ وهل تعتبر أن ما وصلت إليه الآن هو بفضل كلمات نسجها هو وأثرت بك ؟

-في الحقيقة لم أكن أركز في البدايات على شاعر معين في القراءة بل كنت أتذوق للكثير من الشعراء و الصور الأجمل التي أرى نفسي في قالبها و لكن يعود الفضل لجدي الذي كان شاعرا بالفطرة فنهلت منه الكثير و يعود له الفضل في إنطلاقة مسيرتي الشعرية.

 

* هل جربت أن تكتب الشعر الفصيح ؟ لماذا وقع عباس في هُيام كتابة المحكي والزجل تحديدًا؟

كانت لي تجربة صغيرة في الشعر الفصيح و هي عبارة عن قصيدة صغيرة من أربعة أبيات و لم أحاول مرة ثانية .

كلنا يعلم أن الشعر المحكي ولد من رحم الزجل اللبناني و تقريبا ٨٠% من شعراء المحكي كانت بداياتهم من الزجل ، و أنا كذلك بدأت من الفلكلور اللبناني كالعتابا و الزجل بكافة أنواعه إلى أن تعرفت على الشاعر الكبير الأستاذ مارون أبو شقرا منذ ٧ سنوات تقريبا و من هنا كانت النقلة النوعية من الزجل إلى الشعر المحكي و قد قرأت كتاب (الشاعر و الزجال و الشعر بينهما) للشاعرين مارون أبو شقرا و حبيب يونس و فيه الشرح الوافي للتمييز بين الشعر و الزجل مع ملاحظة صغيرة اني لا زلت من عشاق الزجل اللبناني و متابع لحفلاته لكن كتاباتي أخذت طريق الشعر المحكي*

 

* “المكان والزمان هما من أهم العوامل التي تؤثر على الهام الشاعر”  ما رأيك بهذه المقولة؟

من الصعب أن تولد اللمحة الشعرية من دون الزمان و التوقيت المناسب كذلك من دون المكان الهادئ و الملائم لا يتم إنهاء القصيدة بالحبكة الشعرية المطلوبة فهما الأساس في التأثير على إلهام الشاعر

*هل تعتبر أن عدم قدرتك على الكتابة لفترات طويلة ، جزء من المخاوف التي تداهمك في الحياة ؟ هل مررت بهذه التجربة مسبقًا؟

-الحياة سلسلة من المطبات وهذا جزء من حياة اي انسان و لا تخلو من المخاوف . انا بالنهاية مجرد انسان اتأثر بالمحيط ، وبالمجتمع ، وبالبيئة التي تحيط بي . وبالنهاية الحياة ستستمر والانسان لا يجب عليه الوقوف عند المحطات السلبية ، بل يجي عليه أن يضع نفسه في الإطار الايجابي ليرمم المخاوف والتعب ولسلك المسار الذي رسمه لنفسه. و بالطبع أنا لا أغصب نفسي على الكتابة لأن هذا سيؤدي حتماً إلى فشل القصيدة بل أتركها تأتي وحدها عندما تجد الزمان و المكان المناسبين.

 

*هل تؤمن بأن جلد الذات في قصيدة الشاعر يجعل منها لوحة مؤثرة وبشكل كبير في نفسية المتلقي؟

-جلد الذات قد يتجلى باللوم أو الشعور بالذنب يعني هو احساس ، والاحساس سواء كان جلد الذات أو مدح الذات فهو يخلق صورة شعرية تؤثر بالمتلقي ولا سيما بمن يعاني من هذا الشعور أو الاحساس أو لامس الكلام روحه ، فتكون ترجمات لكلام غير منطوق تجلى بصورة شعرية أو لوحة فنية

 

*خلال كتابتك للقصيدة ، هل تشعر أن من السهل عليك كتابة بداية القصيدة أو قفلتها؟

-عندما يتعلم الشاعر ويصبح ملك في كتابة الشعر لايستطيع ان يخرج دون قفلة للقصيدة بطريقة مميزة فهي من مطيبات العمل الشعري فهل يستطيع الطيار ركوب الطائرة دون اقفال الباب ؟ لذا فالعمل الشعري يجب أن يكون متكامل حتى لو استغرقت القصيدة أشهر للحصول على أجمل قفلة وتحفة فنية ، بداية القصيدة تكون نوعا ما أسهل من قفلتها لأن القفلة يجب أن تصب فيها اللمعة الشعرية

* ما هي فكرة برنامج ” لمعة حلا ” الذي تقدمه على شبكة timenews؟

-برنامج أونلاين على الشبكة الوطنية للإعلام timenews يجمع عدد من الشعراء ( ٣ أو ٤ ) يكون وقت كل شاعر ٢٠ دقيقة تقريبا مقسم على جولتين أو ثلاث حسب واقع الحلقة و قد حصد البرنامج عدد كبير من المتابعين و حقق نجاحا باهرا ، في الوقت الحالي متوقف و سيكون له إنطلاقة جديدة قريبا.

 

*هل القصائد الموجودة في ديوانك ستكون قصائد غزلية بحتة ؟ أم قصائد منوعة؟

_لن أسلك طريق واحد بل سأكون متنوع في الصور شعرية ، من غزل ، إلى الطبيعة وغيرها لأنني كالعصفور الذي يحب التحليق في فضاء واسع من دون التقيد بمنحى معين فالفضاء الضيق لا يسعني التحليق فيه وسط طموحاتي الشعرية.

* هل أثرت عليك المشاهد التي رأيتها على وسائل الإعلام في الحرب في غزة ومنعتك من الكتابة؟ أم كانت تمثّل حافزًا جهاديًا لك؟
شاركنا بقصيدة لك عن غزة .

الصورة هي إحدى مجسدات الخيال لاكتمال الشعر او القصيدة التي ستنظم فهي كانت حافزا وفورة غضب وثورة. فهذه المشاعر تعجن الحروف لتصبح كلمات والكلمات لتنظم قصيدة من وجع الصورة والاحساس والخيال

منظر الدمار و الأطفال بغزة و خاصة بعد مجزرة المستشفى تركت فيي غصة كبيرة و كانت هالدمعة الشعرية

*هونيك مطرح ما الحلم مزروع ….*

*في جلّْ بور الشَّوك بيعلِّي ….*

*وكل ما الحلم طربن طفالا طلوع ….*

*شوكة عتم بتكوبس الفلِّة ….*

*يا أم صوتِك بالسَّما مسموع ….*

*زيدي دُعاكي و الصَّلا علِّي ….*

*وقولي ل الله في طفل موجوع ….*

*بدو طقم ايدين تَ يصلي ….*

*والخَي عم يبكي بدون دموع ….*

*ما ضل عندو عيون تَ يشلِّي ….*

*وفي خي تاني بالإخت مفجوع ….*

*يجمِّع بازل (puzzle ) تَ جسمها يحلي ….*

*درب العدل ببلادنا مقطوع ….*

*و دياب لحم فراخ بتفلي ….*

*وفي بي بخيالو بفت الجوع ….*

*ما ضل غير غبار بالغلِّة ….*

*جاعو ولادو والاكل ممنوع ….*

*بينقع خيالو بالشمس تيزيد ….*

*تَ يقَطّعو وبطونن يملِّي*

 

*ما هي الكلمة التي ستوجهها من خلال مجلة كواليس للمتابعين وللأصدقاء؟

-عالم الشعر واسع والغوص فيه بحره رائع ونحن اليوم نبحر بسرداب مظلم في ظل وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي دخلنا في مرحلة خطر في ابتاعد الناس عن عالم الشعر، القراءة والمطالعة او حتى الابحار في معجم الكلمات . فاليوم اطلق صرخة العودة إلى المكاتب والنداء المستعجل للرجوع إلى الكتاب لنفتش عن جزء من الثقافة التي تكاد تبتر وسط هذا التطور الذي يغذي العقل البشري بالإعتماد على الأدوات دون إستعمال الأدمغة الموجودة*

*ختاماً كل الشكر لكم أستاذة دلال على هذه الإستضافة الجميلة والشكر أيضا لمجلة كواليس و مجلس إدارتها و إلى المزيد من التقدم والنجاح .

بإسمي وبإسم مجلة كواليس نتمنى لكَ التوفيق والنجاح والتألق الدائم في رحلتكَ الشعرية يا صديقي .

إلى اللقاء في حلقة قادمة من برنامج ” سيرة شاعر ” ، فكما قُلت مسبقًا أن دواء الروح يكمن في تجليات الفن .
كل الحب لقلبكم ، دلال موسى

شاهد أيضاً

فضل الله بارك لرضا فوزه بعضوية مجلس نقابة اطباء لبنان

  بارك السيد العلامة علي فضل الله، لرئيس التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني وممثل الرابطة الطبية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *