( شهادة إبداعية )

أ. عبد الباسط محمد الكيالي

ديوان ( إيقاع بوح )
الشاعرة الدكتورة : سكينة مطارنة .
صادر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع

لأول مرة عبر مسيرتي الأدبية والنقدية الطويلة ، أقف منشدها أمام لوحة فنية ترقرق مدادها
فوق شفيف بساط حفه نضيد خمائل استوطنتها أسراب طيور ، ماست على إيقاعها الرتيب شجيرات دفلى روّى عروقها هدير نهر متجدد المشاعر.
هكذا وقفت أمام ( ديوان ( إيقاع بوح ) للشاعرة الدكتورة سكينة مطارنة ، الديوان الذي دفعه بين يدي الأديب الناشر الأستاذ / وائل عبد ربه ، مدير عام دار يافا العلمية للنشر والتوزيع في عمان العاصمة ؛ بغية تنقيحه وتدقيقه لغوياً ونحوياً .
ومنذ النظرة الأولى لعنوان الديوان ( إيقاع بوح ) ، ارتسمت في مخيلتي لوحة تعبيرية تخفي في ثناياها الكثير مما يجب أن يقال. حيث تحول تخيلي إلى واقع وأنا أتصفح سطور قصائد الديوان النثري ، وشذرات من لآليء الحروف تترقرق لتتآلف بيد صائغ ليشكل جوهرة نظمت في لجين سمط لتزين جيد الأدب . تعزف برتابة تتابع أصوات وحركات كاشفة ما اختلج في النفس عبر مسيرة لم تثنها مطبات اصطناعية ، صوبتها بوصلة إرادة لا تنضب .
وبقراءة لقصيدة الشاعرة الدكتورة سكينة مطارنة الأولى ( إيقاع اللاوعي ) ، نجد أن الشاعرة تسبح في ملكوت لا متناه برتابة واتزان ، تخاطب ذاتها بدعابة أمومة، موظفة عناصر المونولوج ، لتبدع صوراً فنية بعفوية دون تكلف ، أو لجوء لصنعة أدبية متكلفة. فنراها تقول :
جلست أسأل الذات عن ذاتي .
وطال حوار الروح .
فالشاعرة تسائل نفسها ، ذاتها ، تناجي روحها لتجسد اللحن بصورة مخلوق بشري ، يستعذب معاناتها وألمها ، وحرقة أنينها .فينبري الإيقاع برتابته ، ووضوحه لخطف مناغاة النوم من عينين شخصتا تنتظران الآتي من خلف سراب الغيب .
وتسترسل الشاعرة في وصف معاناة مسيرة ، لنجدها تمتشق سيف الإرادة والتحدي ، متمردة على سرمدية ليل في فضاء ممتد لا نهاية لسطوته ، حيث تصل إلى مرفأ اليقين فتقول :
الوعي يعاتب اللاوعي.. في تمرده .
واللاوعي يرفع النصر رايات .
أشياء كثيرة تخفيها الشاعرة بين فواصل الحروف ، ليس بخلاً ، ولكنها حنكة وتمرس في توظيف الرمز للوصول إلى دلالات واقعية .
أما في قصيدتها الثانية ( أجيد الصمت ) ،فنرى الشاعرة هادئة ، صوفية المنطق ، تعتزل توجسات الذات ، تبحث خلف حجاب الصمت عما ستحمله قوافل الزمن الآتي . حيث تقول :
أعتنق الهدوء ديانة .
أرتل آيات التجلي .
أتلو منها لما هو آت .
فالشاعرة استطاعت بجدارة من خلال خبرة اكتسبتها عبر مسيرتها أن تُعبر عما يجيش في مفاصل ذاتها ، وفي فواصل حروفها ، مستنطقة الحرف ، تحاكي الواقع الذي سعت إليه بإرادة وهمة وإصرار .
ومن الجدير بالذكر أن الشاعرة استطاعت بقريحتها الشعرية المتدفقة أن تخرج من إطار واقعها الإقليمي في الإبداع والنشر لتمخر سطور صحف عربية غير صحيفة الدستور الأردنية مثل : صحيفة كواليس الجزائرية ، النيل والفرات المصرية ، كواليس لبنانية ، سما نيوز اليمنية . حيث تنشر الشاعرة كتاباتها وإبداعاتها في صحيفة النيل والفرات في صفحة فضاءات عربية ، إضافة للنشر في مجلات عربية ومحلية ، حيث ترجمت بعض قصائدها للغات أجنبية ، لا سيما أن الشاعرة حاصلة على درجة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية . ونظراً لعمق ما تكتب فقد تناول النقاد قصائدها المنشورة نقداً وتحليلاً .
وتثميناً لنشاطها الإبداعي في الكتابة والنشر ، فقد حصلت الشاعرة على عدة أوسمة ودروع محلياً وعربياً ، إضافة لعضويتها في الاتحاد العالمي للمثقفين العرب ومقره السويد ، وكذلك في اتحاد الكتاب والأدباء والأردنيين .
أبارك للشاعرة الدكتورة : سكينة مطارنة دفق عطائها الجديد ، لا سيما وأن الشاعرة أصدرت ديوانها الأول (بريق الروح )عام 2022م . وهي بصدد إصدار ديوانها الثالث ( تفاصل سفر ) ، إضافة لرواية اجتماعية لم تسمها بعد .
متمنياً للشاعرة مزيداً من العطاء ، والتألق في جميع محطات مسيرتها الأدبية والثقافية .
مع خالص مودتي وتقديري
الشاعر الناقد

أ. عبد الباسط محمد الكيالي
04/1/2024م

شاهد أيضاً

بعد موافقة حماس:اسرائيل تختلق الأعذار للتملص من الإتفاق

كتب حلمي موسى من غزة: ما أن أعلنت حركة حماس عن قبولها الاقتراح المصري كما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *