*الثقافة اولا*

د. جميل العلي

المكون الثقافي لأي مجتمع كلما انزلق نحو التدين حتى المعتدل ، فهو حتما ياخذ المجتمع نحو الإرتداد والتحجر والغيبيات ، وفي صلب الثقافة الدينية مهما اعتدلت ثنائية الأنا والٱخر ، وليست ثقافة الإندماج الوطني المعبر عنها ب (نحن السوريين أو نحن العرب… الخ)
في الموروث الثقافي للتدين الإسلامي اصابع ديناميت قابلة للإنفجار باي وقت عندما تتهيأ البيئه المناسبة ، وقد تكررت في تاريخ سورية المعاصر عام ١٩٦٤ ؛ ١٩٨٠ و٢٠١١ ، وطالما هذه الثقافة تتاصل وتتعمق ولو بالنوايا الطيبة ، يمكن ان تعاود انفجارها مستقبلا .
لا تستطيع اي جهه حكومية ان تسيطر بشكل مطلق على الإنحرافات التي يمكن أن تتجه إليها التيارات المتدينه ولا ان تفكك ارتباطاتها الخارجية وخاصة عندما يدخل المال والدولار اللعبة ، وثبت بالتجربة أن شريحة واسعة من رجال التدين قابلة للبيع والشراء والفتوى باسم الدين ،
التجمهر الديني خاصة ايام الجمع والمناسبات الدينية يهيئ لسيكولوجيا القطيع والشعور بالقوة والغلبة وشهوة السلطة، كما حدث عبر التاريخ في الحروب الدامية حتى بين الصحابة وعبر الانقلابات السياسية ذات الشعارات الدينية ، وكذلك في العصر الحديث عندما تسيدت الأسرة السعودية على الخطاب الديني ونشرت نسخة منه تشرع بل توجب القتل والخراب والدماء بين المسلمين انفسهم ولم تواجه لحظة واحدة اعداء الوطن وأعداء الإسلام .
كان للبعث ولبعض رواد الفكر التحرري التقدمي نظريات معاصرة لبناء ثقافة مجتمعية نهضوية جامعة وشاملة عابرة للاديان والطواىف والإثنيات والتقوقع الإقليمي ، ولكنها انكفأت وتهمشت تحت ضربات وانكسارات المشروع القومي/الوطني ،والتي نفذها الغرب الإستعماري الصهيوني منذ هزيمة 5 حزيران 1967 وعبر سلسلة من الموٱمرات والتصفيات واتفاقيات الذل والإستسلام .
مايهمنا اليوم ويعنينا كمسألة ملحة وخطيرة وبالغة الضرورة ، ان نعمل جميعا كنخب وطليعة ثقافية متنورة لإعادة بناء ثقافة مجتمعية شعبية مافوق الإنتماءات الدينية والدينية والمذهبية ، كاساس لابد منه لتحصين بلداننا وتصليب وحدتنا الوطنية لنتمكن بعد ذلك من تحقيق انتصارات نهائية في ميادين البناء والقوة والتنمية والتحرر .

شاهد أيضاً

الشارقة تتصدر المشهد اليوناني مع الاحتفاء بها ضيف شرف الدورة الـ20 من “معرض سالونيك الدولي للكتاب”

بدور القاسمي: لسنا مجرد ممثلين لدولنا ولكننا مسؤولون عن قصة إنسانية مشتركة ● عمدة مدينة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *