امريكا تخوض حربها والعالم الانكلو ساكسوني في غزة….

محاولة لفهم اعمق للدور الامريكي في حرب غزة..

التبس عند الكثيرين الاسباب والدوافع لمسارعة امريكا والاطلسي للدفاع عن اسرائيل والتحول الى قيادتها وتسمية خبراء للاستشارة وقيادة اركان جيشها والدفع بقوات دلتا فورس والمارينز وحشد احدث قطعها البحرية الى المتوسط والتهديد والانذار وادارة التفاوض والدبلوماسية والحرب الاعلامية على انها حربها هي والاطلسي وعالمهم الانكلو ساكسوني وليست حرب اسرائيل فقط الاداة والقاعدة والممكن التخلي عنها واستبدالها بأخريات وبمخططات وقوى تؤمن المصالح وتقوم بذات الدور الوظيفي…
في السوابق قاتلت امريكا والاطلسي بقواتها ومعداتها المأهولة مع اسرائيل واقامت جسور جوية لتأمينها في الحروب. كما في حرب تشرين ١٩٧٣، وفي حرب تموز وجولة سيف القدس، الا انها لم تتولى هي بصورة مباشرة قيادة الحرب واسرائيل.

وفي السوابق ان امريكا اجتاحت افغانستان والعراق لتامين اسرائيل وشاركت في غزو اليمن واحتلت اراض في سورية وقادت الحرب العالمية لتدميرها وتفتيتها خدمة لإسرائيل ولتأمينها وشاركت الاطلسي في غزو ليبيا وكانت قبل فوضت اسرائيل واسندتها في الحرب على لبنان وغزو بيروت ١٩٨٢.

الا انها في هذه الحرب تجاوزت كل ما سبق وقدمت نفسها القائد والمعني في الحرب وتخوضها كحربها هي مباشرة وليس مداورة او بالإسناد والادارة من الخلف.
الجديد ودوافعه في الدور الامريكي في حرب غزة يمكن لحظه في المعطيات الاتية؛

–        انهت عملية طوفان الاقصى العجائبية بضربة واحدة كاسرة اي كلام او تهويل او تصوير لإسرائيل بانها قوة فاعلة وقادرة وكشفتها اوهن من بيت العنكبوت قولا وفعلا.

–        نجاح غزة وكتائب القسام بيسر في عملية الاختراق والهجوم في اراض ال٤٨ اسقط كل الاوهام بعدم القدرة على تحرير فلسطين من البحر الى النهر فان فعلتها القسام ومن غزة فما المانع ان يفعلها المحور من كل الجبهات.

–        اسقطت العملية كل مشاريع التسويات والتطبيع والابراهيمية وقطعت السبل على اية مخططات لتصفية القضية الفلسطينية او تجاهلها والمماطلة بعودة الحق الوطني والقومي لأصحابه المقاومين والساعين لانتزاعه.

–        اسقطت مبرر وجود القوات والقواعد الامريكية في العرب والمسلمين، بما في ذلك النظم والجيوش التي انتدبتها امريكا لحماية مصالحها والدفاع عن اسرائيل وتأمينها.

–        وفرت كل المقدمات والشروط وكشفت عن حجم التحولات والتراكمات التي نضجت شروطها لنقلات نوعية بنتيجتها ستضطر امريكا والاطلسي للانحسار عن الاقليم وتاليا الانكفاء وكف يد امريكا وحلفها من نهب العرب والمسلمين، وابقائهم في حالة الفرقة والانقسام والاحتراب، كما تستعجل حرب غزة تحرر افريقيا وتاليا دفع امريكا لخوض معاركها معزولة ومهزومة في اوروبا والباسيفيك في مواجهة قوى عالمية حاكمة وصاعدة.

–        ايقنت امريكا بان هزيمة اسرائيل في مواجهة غزة وفصائلها سيطلق تفاعلات نوعية لتسريع انهيارها وربما زوالها وبذلك ينفتح العرب والاقليم والعالم على تحولات عظيمة الاهمية تبشر بعصر وبعالم جديد لا مكان فيه للعالم الانكلو ساكسوني الذي هيمن لأربعة قرون منذ تأسس في معاهدة وستفاليا ١٦٤٨.

–        لان اسرائيل هي النموذج الوحيد المصغر عن منتجات العالم الانكلو ساكسوني المتماثل مع تصنيع امريكا  فإسرائيل وامريكا هما الدولتان الوحيدتان المصنعتان واللتين قامتا على الغزو وابادة اصحاب الارض والحق والاستيطان بتجميع شتات شذاذ الافاق واللصوص والمجرمين وانشاء دولة لهم.
وان هزمت اسرائيل وانتهت كدولة مصنعة فذلك نذير بما سيكون عليه مستقبل امريكا نفسها.

لما تقدم ولأسباب كثيرة اخرى لا مكان لسردها هنا سارعت امريكا وكشفت عن انيابها وعن حقيقتها وطبائعها بان تحولت الى قيادة اسرائيل والحرب على غزة وتغطيتها للعدوانية الاسرائيلية وافعالها التي تنتمي الى نموذج الابادة ومجاوزة كل واي من التقاليد والنظم والشرعيات السماوية والارضية بما فيها التي انتجها العالم الانكلو ساكسوني نفسه وتعبر ايضا عن طبائعهما واليات واسباب تصنيعهما دول وظيفية لا تعيش الا على الابادة ومجاوزة القوانين والشرعيات.

اذن؛  امريكا والاطلسي والعالم الانكلو ساكسوني استشعر وادرك ان ايام اسرائيل العادية باتت معدودة، وانها في زمن الزوال المحقق والمسألة ايام اذا عصفت الحرب الملتهبة والجارية كحرب شاملة وواسعة وكبرى واقليمية وعلى تخوم الحرب العالمي. فان عصفت وتحولت الى يوم القيامة فالأمر بأيام وتحسم.
ومسالة اسابيع او اشهر اذا استمرت الحرب كحرب استنزاف كالجارية اليوم على الجبهات الست المفتوحة. ومسالة سنة وقربها وليس سنوات او عقود ان وقفت الحرب وبدأت الهدنة.

ولان هذه الحرب وخسارتها نذير بتسارع انهيار العالم القديم المأزوم والشائخ وستكون بمثابة عملية قيصرية لتسريع ولادة العالم الجديد البديل. انخرطت امريكا وتنخرط وتقود الحرب مباشرة، ولان امريكا وعالمها تدرك بان الحرب الجارية بنتائجها ليست ككلل الحروب فتجد نفسها مضطرة من موقع حماية نفسها ومشروعها وليس لان اسرائيل تقودها ولا لأنها ذات اهمية استراتيجية لا يمكن استبدالها، كما ليس لان امريكا لا تقبل الهزائم لحلفائها فقد قبلت هزيمتها في فيتنام وشرق اسيا وخرجت ذليلة من افغانستان واعلنت دولتها العميقة في تقرير بيكر هاملتون ٢٠٠٦ هزيمتها في العراق ولبنان ومع هذا لم تقود ولم تشارك في الحروب ولم تركب رأسها وقدمت نفسها دولة براغماتية قادرة على هضم الهزائم والبقاء قوة مهيمنة وقائدة وفاعلة كاهم الدول.

اليوم وبإزاء حرب غزة تتبدل وتتغير الظروف والمعطيات وتدرك امريكا وعالمها انها الهزيمة الكبرى وما بعدها الانحسار والازمات وربما اكثر وتغيب شمس العالم العدواني والاستعماري الذي امن استمراريته بتدمير وقتل الشعوب ونهب ثروات ومنتجات شعوب وامم العالم.

من حرب غزة وما اطلقته من تحولات وفي الحرب الواسعة الجارية سوف لن يطول الوقت لنقول؛ باي باي امريكا…
لن نشتاق لك ولعالمك المتوحش.
بيروت؛ ٢٠/ ١١/ ٢٠٢٣

شاهد أيضاً

قميحة: “انعقاد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني خطوة مهمة في مسيرة التطوير والتحديث”

رأى رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والابحاث – كونفوشيوس، رئيس جمعية “طريق الحوار اللبناني الصيني” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *