من استراليا🇦🇺… زاوية يطل من خلالها الإعلامي د. وسام حمادة على تجربة مهاجرين حملوا احلامهم وحرفهم وتركوا بصمتهم الإنسانية والثقافية على تلك الجزيرة البعيدة ” استراليا” ومقالة العدد عن الفنان حبيب شمص الحامل للهوية اللبنانية والجنسية الأسترالية

حبيب شمص حامل للهوية اللبنانية والجنسية الأسترالية، مواليد بلدة الهرمل في البقاع اللبناني.

ممثل وعازف، عملت مذيعاً لمدة 30 عاماً وما زلت أعمل مع شركات الإعلان.

قمت بأعمال الدبلجة لعدد من الفنانين والشركات، منها أعمال للفنان مرسال خليفة وبرج العرب والخطوط الجوية القطرية.
والآن أصبحت متقاعداً، لكنني أمارس النشاطات الموسيقية كما أضع حكايتي على ورق الذاكرة من طأطأ لقبل السلام عليكم في كتاب سيصدر عمّا قريب.

أحيانا أعمل في تدقيق عمليات الشركات الحكومية والخاصة. Company Auditor

في العام 1972 وأثناء تصويري لمسلسل مقامات الحريري في المملكة الأردنية الهاشمية مع الفنان الراحل رشيد علامة وعبد المجيد مجذوب وسمير شمص وآخرين والإخراج لصفوت غطاس التقيت بشريكة حياتي الأسترالية وبعد عودتها إلى وطنها الأم استمرت علاقتنا عبر المراسلة إلى أن عادت إلى بيروت لنتوج العلاقة عبر الزواج

ولنستقر في لبنان حيث عملي كمُدَرّس في مدرسة الغبيري الثانوية. وفي العام 1974 كانت هجرتي الأولى إلى أستراليا والتي لم تدُم لأكثر من يومين فقط قضيتهما في سدني لأعود مسرعاً إلى لبنان خوفاً من خسارتي لوظيفة التعليم وعملي في حقل التمثيل بالإضافة إلى خوفي من حضارة أسترالية غريبة عني، حضارة كنت أجهلها ولم أستسغها كوني من مدينة الهرمل المحافظة.

في العام 1975 وبعد اندلاع الحرب اللبنانية وإعلان الجنرال الأحدب عن انقلابه العسكري كانت المحطة الثانية مع هجرة ثانية وكان الهروب المفروض تجاه دمشق عبر شتورا، لتبدأ معها رحلة الألف ميل، رحلة مَشَقة وعناء سفر ليحط الرحال بنا في عالم جديد لجزيرة بعيدة تدعى أستراليا، ولم يكن رأس مالي حينها سوى دعاء من أهل أشتاقهم ومبلغ من مال لا يتجاوز الماية دولارا أمريكيا فقط لا غير، حاملاً في جعبتي هَمّ التأقلم وحاجز اللغة وفراق أحبة وأهل يعيشون على وقع أزيز الرصاص والقذائف العشوائية، أحبة يلتحفون زرقة سمائهم وخوفهم من غد مجهول.
وفي ظل المصاعب الجَمّة والمجهول الذي يعيشه المهاجر كان الإصرار وكان السعي والسهر نحو تحقيق الذات، وكانت محطتي الأولى الكلية التقنية ودراسة الإدارة والمحاسبة وبرمجة الكومبيوتر لأصبح معها مُحاسِباً مالياً مُحَلّفاً، مع ماجستير في إدارة الأعمال، ولمدة عشر سنوات عملت في الكلية التقنية كمُدَرّس للبرمجة، ومن ثم مديراً مالياً لمحطة التلفزيون الحكومي، ودخلت أيضاً القطاع العام على صعيد البلدية والولاية والحكومة الفدرالية، وكذلك تشرفت برئاسة المجلس العربي في سدني، كما كان لي محاولة دخول الندوة البرلمانية عبر الانتخابات الفدرالية كمرشح مستقل، ولكن الحظ لم يحالفني فاستقلاليتي لم تسعفني مع الجالية العربية عموماً واللبنانية خصوصاً، فالجالية حالها حال الوطن الأم مبعثرة حاملة لأزماته السياسية وانقساماته الفكرية والعقائدية.

وفي عالم الحرف والكلمة والأنشطة الثقافية في أستراليا حصة لا بأس بها من حياة المهاجر الحامل لهويته العربية وثقافته الموروثة، فالمنتديات والجمعيات تعيش حالة من النشاط الثقافي المستدام وهي في حالة حراك دائم لا تهدأ، فالإصدارات لا تُحصى والتواقيع لا تعد لكتب منوعة تحمل عناوين مختلفة مرفقة بلقاءات فكرية وأدبية من كل حدب وصوب والقاسم المشترك بينها ومع الأسف عدم مقدرتها العبور نحو الآخر وعجزها عن تشكيل جسراً للتواصل مع المجتمع الأسترالي من الأصول الأنجلوساكسونية وغيرها من الجاليات الغير ناطقة بلغة الضاد، وربما ذلك يعود إلى إرث مأزوم حمله معه المهاجر والمثقف عبر المحيطات ليحَطّ في رحاب المنتديات.

وللوطن الأم سعي جاد ومحاولة لقاء بعد غياب، ففي العام 2018 كانت زيارتي إلى لبنان بعد طول غياب برفقة زوجتي التي أحبت لبنان عموماً ومدينة الهرمل مسقط رأسي خصوصاً، وهناك قضينا أسبوعين فقط، عدنا بهم على أجنحة الخيبة حاملين حزننا الكبير على وطن يعيش خريفه العربي، وهذا الأمر طبع بصمته المُرّة في وجداننا وجعل من فكرة العودة إلى الوطن الأم والعيش مع الأولاد والأحفاد على جغرافيا نعشقها تزداد بُعداً وغربة، فالواقع الذي يعيشه لبنان حتى كتابة هذه الأسطر واقع قاتل في ظل سلطة وشعب معظمه غير معني بما يجري من حوله من تدمير ممنهج للوطن والمجتمع وغير مُقدر لقيمة ما لديه من ثروة وهبه إياها الله دون مِنة جعلت من لبنان حلماً نعيشه في ذاكرتنا ونرسمه في أحلامنا المبعثرة بين وطن نسكنه ووطن يسكننا.
وها نحن اليوم نطل من على شرفة الثمانين من عمر لم يبقى منه أكثر مما مضى، حاملاً معه جيتاري وأنغامي لأغني لحني الحزين:

بكرا لما يدب الشيب ويا ختيار ينادوني
خدوني على بيروت وعالمطار تركوني

خدوني على بيروت قبل ما هالعمر يفوت
يا خسارة لو خلص العمر وبهالغربة دفنتوني …

شاهد أيضاً

حمدان: “التوحش لشيوخ الإجرام رايناه في الكونغرس الأميركي بالتصفيق لهذا المجرم، وسنصل إلى تحرير كل فلسطين وقدسنا الشريف”

استقبل أمين الهيئة القيادية في حركة “الناصريين المستقلين – المرابطون” العميد المتقاعد مصطفى حمدان، في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *