استفزاز المسلمين و حرق القران في شهر رمضان !

الدكتور وضاح الجندي

تستمر محاولات استفزاز مشاعر المسلمين وذلك بالتعرض لمقدساتهم بتدنيس و حرق القرأن الكريم, و اصبح من الواضح ان الامر لا يقتصر على حالة فردية عابرة من شخص مختل عقليا او حتى على منظمة او حزب متطرف.
ففي ثاني أيام الشهر الفضيل قام أنصار جماعة يمينية دانمركية متطرفة تطلق على نفسها (باتريوتس لايف) ببث حي على الفيسبوك امام السفارة التركية في كوبنهاجن لعملية حرق القرأن الكريم إلى جانب العلم التركي مع رفع لافتات و ترديد شعارات مسيئة للاسلام.
و ادانت الخارجية التركية بشدة ما اسمته “الهجوم الدنئء على كتابنا المقدس القرآن الكريم و علمنا المجيد”.

وقد تعددت الآونة الأخيرة حالات حرق المصحف الشريف, و كان اكثرها اثارة للرأي العام من السويد التي كانت من عقود رمزا للحياد و التعايش و ملجأ للمهاجرين, و لكن سياساتها تحولت في السنوات الاخيرة بشكل مقلق سواء في مواقفها السياسية الخارجية التي دفعتها نحو احضان الناتو او في ميل الحكومة و مغازلتها لليمين المتطرف المتصاعد في تعاملها مع المهاجرين و بالاخص الاقلية المسلمة, وهذا ما بدا حين أصدرت قراراً يسمح لزعيم حزب “الخط المتشدّد الدانماركي”، اليميني المتطرّف، راسموس بالودان، بإحراق نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى السفارة التركية في ستوكهولم.
مما خلق موجة من الاحتجاجات و التذمر في محتلف انحاء العالم, و اعترف محللون و حقوقيون بان التذرع بحرية التعبير يبدو حجة سخيفة حين يسمح بحرق كتاب سماوي ويمنع حرق علم المثليين.
وامام الوضع غير المطمئن يسعى المهاجرون و الاقليات و خاصة الاسلامية الى ضبط النفس و عدم الانزلاق الى العنف و الدفاع عن مقدساتهم وحقوقهم ضمن الاليات التي يضمنها الدستور السويدي و العمل على التاثير في السياسة السويدية خوفا من استمرار نمو التطرف اليميني فلجؤا مؤخرا الى تأسيس حزب
Visionpartiet
اي الرؤية الجديدة و هو اول حزب مرخص من قبل الحكومة السويدية يعنى بقضايا الاقليات و و خاصة العرب و المسلمين و يكافح لاجل تحقيق المساواة بينهم وبين جميع المكونات السويدية
وقال عبد الجليل جمالو ذو الاصول السورية و احد مؤسسي الحزب والاختصاصي بالأمراض النفسية والعقلية ، إن الحزب الجديد هو أول حزب يهتم بالقضايا العائلية والقوانين المتعلقة بها وحماية الأسر من أخذ أولادهم بشكل غير قانوني، ويركّز على قضايا حقوق الأقليات والحجاب وموضوع حرق القرآن على اعتبار أن هذه الأمر يُعتبر جريمة كراهية وليس حرية.
وبعد السويد، مزّق زعيم حركة “بيغيدا” المناهضة للإسلام في هولندا، إدوين واجنسفيلد، نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى البرلمان في لاهاي, نعم لاهاي حيث محكمة العدل الدولية التي قاضت العديد من الشخصيات الشهيرة بما فيها زعماء دول, تسمح و تحمي التعرض لمشاعر مئات الملايين من المسلمين تحت حماية السلطات.
و مع اقتراب شهر رمضان المبارك الذي انزل فيه القرأن الكريم و استعدادات المسلمين للقاء الشهر الكريم بقلوب و فكر نير, يتصاعد الاستفزاز لمشاعرهم بالتهديد بحرق القرأن في اول ايام الشهر الفضيل في بريطانيا, و لعل السلطات ادركت انها ستكون معرضة الى رد فعل قاسي, فمنعت المستفز النازي راسموس من دخول اراضيها وتنفيذ تهديده.
و يبدو ان اليمين المتطرف و النازيين الجدد الذين كانوا تاريخيا العوبة بيد الاجهزة الامنية و السياسات الامريكية يقومون اليوم بتنفيذ مخطط خبيث يستفز المسلمين و بالاخص المهاجرين في اوروبا لدفعهم الى ردود تحمل طابع العنف لاعادة استخدام فزاعة الارهاب الاسلامي و ضغط الحريات و التحكم بالرأي العام الاوروبي و جذب الشباب نحو التنظيمات النازية, هذا يذكر بالعوبة الارهاب و الترهيب لتمرير احتلال و تدمير افغانستان و العراق و ليبيا و سورية، و هكذا دفعت الدول الاوروبية المحايدة كالسويد الى المشاركة في الحرب غير القانونية على ليبيا و هكذا تدفع فنلندا و السويد الى احضان الناتو و تشارك سويسرا في العقوبات على روسيا و يشارك الشباب الاوروبي المتطرف الى جانب المنظمات الاوكرانية النازية في الحرب ضد روسيا.
و ضمن هذا المخطط نرى كيف يتابع الجنود النازيون في اوكرانيا تدنيس القرأن وتقطيع شحم الخنزيرعلى المصحف الشريف الذي وجدوه مع جثة جندي مسلم من الجيش الروسي ثم يحرقون صفحاته على خلفية اصوات السخرية و الشتائم نكاية بالجنود المسلمين الذين يقاتلون في صفوف الجيش الروسي.
و طبعا اثار انتشار الفيديو استنكارا و تنديدا واسعا على صفحات التواصل الاجتماعي,
فقد قال الشيخ سعد الفقي – احد علماء الازهر الشريف – إن “هذه جريمة كبرى في حق كتاب الله تعالى، والإسلام يأبى تدنيس الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل والقرآن، والتحقير من شأنها تمزيقاً أو تدنيساً يخالف كل القوانين الدولية التي تحفظ للإنسان دمه وعرضه ومعتقده”.
وأضاف الشيخ الفقي بأنه “ليس أقل من اعتذارعاجل من حكومة أوكرانيا على الجريمة لكل المسلمين في شتى بقاع الأرض، ومن شأن هذه التصرفات الحمقاء تأجيح الفتن بين أصحاب العقائد وبث روح الكراهية بين البشر”.
بينما أكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى “الشيخ عكرمة صبري” أن “الجنود الأوكران الذين أحرقوا القرآن الكريم ينتمون لخلفية تعصبية سوداوية فيها الكثير من الحقد ”
و ان السكوت الإعلامي عن هذا العمل يعتبر تقصيرا من وسائل الإعلام والدول العربية، و لا بد لنا أن نغضب لهذا الفعل الشائن، ولهذا التحدي الحاقد، ونحن نطالب وسائل الإعلام العالمية أيضاً، بأن تدين وتستنكر هذا التصرف، لأننا نحن بشكل عام نحترم الكتب السماوية، فلا يمكن للمسلم أن يقوم بأية ردة فعل ليعتدي على أي كتاب سماوي
وأدان مدير الإعلام والتوثيق للمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر، محمد البغداد ما وصفه بـ”الطريقة الوقحة” في تدنيس نسخ من القرآن الكريم على يد جنود من القوات الأوكرانية وان هذا يكشف عن تجرد المنظومة الغربية برمتها من أبسط القيم التي تنادي بها، وهي في الوقت نفسه تصر على إكراه الآخرين على الالتزام بها، وهي القيم التي تقوم على احترام المقدسات وتقدير الثقافات المختلفة، مما يجعل العالم يكسب دليلاً جديداً يثبت تناقض الغرب ومدى احتقاره للآخر المختلف عنه
وأكد البغداد هذه الجريمة تأتي بعد أيام قليلة من دعوة الأمين العام للامم المتحدة إلى ضرورة احترام مقدسات المسلمين والعمل على الاستفادة من شهر رمضان الكريم الذي هو شهر للتضامن بين الناس والكف عن العدوان والاحساس بالمكلومين والمظلومين من البشر”.
و اعتبر الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، أن حرق جنود أوكران القرآن في مقطع الفيديو الذي انتشر مؤخرا “دليل على تحول كييف نحو النازية وهذه حقيقة وليس مجرد دعاية.”.
وأشار إلى أنه من الغريب ان الفيالق الاجنبية التي تقاتل في صفوف القوات الاوكرانية تضم بنفس الوقت متطرفين نازيين و متطرفين من جماعات اسلاموية متهمة بالارهاب.
وقبل ايام من دخول الشهر الفضيل, ناقش المؤتمر ال 49 لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، ملف الاسلامفوبيا و التعرض للمقدسات و تدنيس القران, وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان «يأتي اجتماعنا عقب اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، والذي يعزز الوعي بخطر التعصب ضد الإسلام، إلا أن ما نشهده من محاولات للتعرض للمقدسات الدينية وحرق المصحف الشريف، وإثارة الكراهية تجاه الأقليات المسلمة، يحتم علينا أن نؤكد على ضرورة احترام قيم الوسطية واحترام الآخر والتعايش معه.
من هنا نلاحظ انه امام المخطط الواضح لاستفزاز مشاعر المسلمين و دفعهم الى ردود عنيفة, تحاول الزعامات الاسلامية و السياسية افشال هذا المخطط بالعمل الدبلوماسي و ضبط النفس, و يبقى اكثر المواقف حدة هو رد الزعيم الشاشاني
رمضان قديروف الذي حدد مبلغا ماليا لمن يقبض على الفاعلين و توعد جنود الجيش الأوكراني الذين سخروا واعتدوا على القرآن، بالقبض عليهم ومعاقبتهم جميعاً على فعلهم الذي وصفه بـ”التجديفي”.وأنّ هذا تجسيد للفاشية والشيطانية الحقيقية، متسائلاً هل كانوا سيجرؤون على لمس القرآن الكريم لو كان هناك شيشانياً أو مسلماً بالقرب منهم؟
يبدو ان هناك حاجة ملحة في الغرب لاستفزاز المسلمين و خلق أرضية لمنظمات إسلامية راديكالية جديدة بعد أن افل نجم القاعدة و داعش.
فالى متى سيستمر ضبط النفس ؟

د وضاح الجندي

شاهد أيضاً

لا تثق

بقلم فايز ابو عباس. / الخيام لا تثق بمن بنى القصور .. قلاعا وغدا … …