الإسكوا والبنك الدولي عين على الدول العربية والأخرى على لبنان

الدول العربية بحاجة إلى أكثر من 570 مليار دولار لتمويل العمل المناخي.. وأصول الدولة اللبنانية تساوي جزءا بسيطا من الخسائر المالية المقدرة

أداء الاقتصاد الكلي في لبنان أسوأ من أداء دول زيمبابوي واليمن وفنزويلا والصومال

أحمد موسى – خاص

كواليس – خاص – تتأثر المنطقة العربية بشدة من ظاهرة تغير المناخ، التي تطال جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن البيئية. ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الآثار في السنوات المقبلة، وتتفاقم معها المخاطر على الأمن والاستقرار، إلا أن الموارد المالية المتاحة للتعامل مع هذا التحدي الهائل غير كافية على الإطلاق. فبحسب تقرير جديد أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) تحت عنوان ”الاحتياجات والتدفقات المتعلقة بتمويل العمل المناخي في المنطقة العربية“، تحتاج المنطقة حتى عام 2030 إلى تمويل يزيد عن 570 مليار دولار من أجل تحسين قدرتها على التكيف مع آثار تغير المناخ، وفي تقرير أصدره البنك الدولي “مرصد الاقتصاد اللبناني” بعنوان “حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف”، عدد خريف 2022، تناول فيه “التطوُّرات الاقتصادية الأخيرة والآفاق والمخاطر الاقتصادية للبلاد في ظل حالة عدم اليقين المستمرة منذ فترة طويلة، وذلك كله مع التأكيد على ضرورة المضي قدماً في توزيع الخسائر المالية بصورة أكثر إنصافا للمساعدة في وضع الاقتصاد اللبناني على مسار التعافي”.

ويعاني عددٌ من البلدان العربية حاليًا من محدودية الحيّز المالي المتوفر للإنفاق العام، ما يُقوِّد قدرتها على تخصيص أموال للعمل المناخي أو حتى الوفاء بالتزاماتها في هذا المجال. وقد زادت الصعوبات بعد ارتفاع الدَين العام في المنطقة في عام 2020 إلى مستوى تاريخي بلغ 1.4 تريليون دولار، ومن مسبباته الجهود التي بذلتها البلدان لمكافحة تداعيات جائحة كوفيد-19، إلى جانب الضغوط الناتجة عن ارتفاع معدلات التضخم وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التمويل الدولي للمناخ المُوجه إلى المنطقة العربية لا يزال دون المستويات المطلوبة. ففي العقد الماضي، تلقّت دولها 34 مليار دولار من هذا التمويل، أي ما يساوى 6% فقط من احتياجاتها للعقد المقبل. وهذا المبلغ أتيح في غالبيته على شكل ديون وليس منح، فوصل مجموع القروض إلى 30 مليار دولار، أي أكثر من سبعة أضعاف قيمة المنح التي قُدِّمَت إلى بلدان المنطقة. وفي حين طالبت هذه البلدان بالحصول على تمويل أكبر للتكيّف مع آثار تغير المناخ، إلا أن التركيز جاء بصورة أساسية على تمويل التخفيف من آثاره، حيث بلغ ثلاثة أضعاف التمويل المخصص للتكيّف.

وبحسب الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، قدم 11 بلدًا عربيًا فقط تقديرات لاحتياجاته المالية لتنفيذ مشاريع متعلقة بالعمل المناخي وفقاً لاتفاق باريس. وسلّطت دشتي الضوء على أهمية قيام البلدان بتحديد كلفة احتياجاتها من أجل تلقي التمويل، مضيفة أن الإسكوا يمكن أن تساعد في تطوير القدرة على القيام بذلك.

ووفقًا للتقرير، هناك أيضًا اختلال بين توزيع التمويل عبر البلدان العربية، وبين القطاعات المختلفة. فالبلدان العربية الستة الأقل نموًا تتلقّى 6% فقط من الدعم المخصّص لتمويل المناخ. وفي حين أن قطاعا المياه والزراعة يمثّلان أولوية للتكيف في المنطقة نظرًا لشدة تأثرهما بتغير المناخ، إلاّ أن قطاع الطاقة تلقى ضعف التمويل مقارنة بقطاع المياه بين عامي 2015 و2020، وخمس أضعاف مقارنة بقطاع الزراعة.

وحثّت دشتي على تطوير الاستراتيجيات والقدرات الوطنية للاستفادة من التمويل الدولي المتاح في الصناديق المناخية، موضحة أن هذه الصناديق مصدر لنسبة لا تتعدى 4% من تمويل المناخ في المنطقة. وأكدت على ضرورة مضاعفة الجهود لتطوير قدرات المعنيين للاستفادة من تلك الصناديق.

وفي ضوء تزايد اهتمام القطاع الخاص بالمشاركة في المشاريع الخضراء، ما قد يوفر تمويل إضافي للعمل المناخي، يوصي التقرير بوضع إجراءات تخفف من المخاطر التي قد يواجهها، مثل توفير ضمانات ائتمانية لاستثماراته أو اعتماد أنماط التمويل المشترك بين القطاعين العام والخاص.

 

البنك الدولي

وأشار تقرير البنك الدولي، الذي نشر على الموقع الالكتروني للبنك الدولي، الى انه “بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نشوب أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخ لبنان، لا يزال الخلاف بين الأطراف المعنية الرئيسية حول كيفية توزيع الخسائر المالية يمثل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لإنقاذ البلاد. ومن المرجَّح أن يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق إلى زيادة تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، مما يعمِّق محنة الشعب اللبناني”.

وأشارت التقديرات الواردة في التقرير إلى “انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5,4 في المئة في عام 2022، بافتراض استمرار حالة الشلل السياسي وعدم تنفيذ إستراتيجية للتعافي”، ويُضيف أنّه “نظراً لتوافر بيانات أفضل مما كان متوقعا سابقاً، فإنه يعدِّل تقديراته لانكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2021 إلى 7 في المئة (مقابل نسبة 10,4 في المئة المقدرة سابقاً). وقد قضى الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي شهده لبنان منذ عام 2018 والبالغ 37,3 في المئة، وهو يُعد من بين أسوأ معدلات الانكماش التي شهدها العالم، على ما تحقق من نمو اقتصادي على مدار 15 عاماً، بل ويقوض قدرة الإقتصاد على التعافي”.

وتابع التقرير: “رغم تدخلات مصرف لبنان لمحاولة تثبيت سعر الصرف في السوق الموازية على حساب الاحتياطي يالعملات الأجنبية الآخذ في التناقص، فإن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية مستمر (145 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2022) مما أدى إلى دخول معدل التضخم في خانة المئات منذ تموز 2020 ويُتوقَّع أن يبلغ متوسطه 186 في المئة في عام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات عالمياً. ويُعد لبنان من أكثر البلدان تضرُّراً من التضخم الذي طرأ مؤخراً على أسعار المواد الغذائية التي تتأثر بها بشكل خاص الأسر الفقيرة والمحتاجة إذ تشكِّل نسبة كبيرة من نفقاتها في ظل التآكل الشديد لقوتها الشرائية”.

ورأى التقرير أنه “مع زيادة الخسائر المالية عن 72 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، فإن تعويم القطاع المالي بات أمراً غير قابل للتطبيق نظراً لعدم توفر الأموال العامة الكاقية لذلك؛ فأصول الدولة لا تساوي سوى جزء بسيط من الخسائر المالية المقدَّرة، كما لا تزال الإيرادات المحتملة من النفط والغاز غير مؤكَّدة ويحتاج تحقيقها سنوات”.

أضاف: “يفتقر تعويم القطاع المالي إلى الإنصاف كذلك؛ فمن شأن مطالبة عامة المواطنين بتعويض المساهمين في البنوك والمودعين الأثرياء أن تؤدي إلى إعادة توزيع الثروة من الأسر الأفقر إلى الأسر الأغنى. على أية عملية إعادة هيكلة ذات مصداقية أن تعتمد مبادئ الإنصاف والعدالة لضمان حماية دافعي الضرائب وصغار المودعين الذين تحملوا حتى الآن وطأة هذه الأزمة. ويتماشى هذا مع أفضل الممارسات العالمية لإستراتيجيات إعادة هيكلة القطاع المصرفي التي تدعو إلى الإعتراف بالخسائر الكبيرة ومعالجتها بشكل مسبق، واحترام ترتيب المطالبات، وحماية صغار المودعين، والامتناع عن اللجوء إلى الموارد العامة. ويُعد الحل المتمثل في خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي قائمة على ترتيب الدائنين، إلى جانب إجراء إصلاحات شاملة، هو الخيار الواقعي الوحيد أمام لبنان لطي صفحة نموذجه الإنمائي غير المستدام”.

 

وتعليقا على ذلك، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي جان – كريستوف كاريه: “ان “عمق الأزمة واستمرارها يقوضان قدرة لبنان على النمو، إذ يجري استنفاد رأس المال المادي والبشري والاجتماعي والمؤسسي والبيئي بسرعة وعلى نحو قد يتعذر إصلاحه. كما دعونا مراراً وتكراراً، على لبنان اعتماد حل منصف وشامل على وجه السرعة يعيد الإستقرار للقطاع المالي ويضع الاقتصاد على مسار التعافي”.

ويشتمل التقرير على قسمين خاصين:

يقيّم القسم الخاص الأول، وهو بعنوان “البلدان المقارنة على مستوى العالم، الأزمة أكبر من مجموع مكوناتها”، مدى حدة الأزمة في لبنان من خلال مقارنتها بمجموعة مختارة من الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات ويخلُص إلى أن أداء الاقتصاد الكلي في لبنان أسوأ من أداء هذه المجموعة المحددة من الدول (زيمبابوي واليمن وفنزويلا والصومال) أو يضاهيها في أحسن الأحوال.

ويحلل القسم الخاص الثاني “الدولرة في لبنان” ويخلُص إلى أن الأزمة الحالية ستعزِّز على الأرجح مستويات الدولرة المرتفعة، حتى بعد تحقيق التعافي.

شاهد أيضاً

البيسري بحث والسفير البلجيكي في جدول زيارته المرتقبة إلى بروكسل في 22 ايار الحالي

  الامن العام يعلن المباشرة باجراءات ضبط وتنظيم ملف السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية إستقبل …