المرتضى بمناسبة رعايته افتتاح معرض للفن التشكيلي في صيدا: يشرفني ويبهرني ويلهمني وجودي في صيدا

 

 

رعى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى معرضا للفن التشكيلي لدى الناشئة في خان الافرنج في صيدا بحضور معالي النائب السابق الأستاذة بهية الحريري وسعادة سفير تونس الاستاذ بوراوي امام وعقيلة الوزير القاضي الدكتورة مايا كنعان ،نقيب الفنانين التشكيليين الدكتور نزار ضاهر وحشد من الفعاليات التربوية والثقافية وعدد كبير من الاطفال ذوي المواهب في فن الرسم وذويهم.

 

وفي المناسبة كانت كلمة للوزير المرتضى جاء فيها: سبق لي أن قلتُ أن “بعضُ الأماكنِ، مثلَ صيدا، حين تدخلُها يراودُكَ الشعورُ بأنَّكَ لستَ تمشي فوقَ سَطْحِ الأرضِ بل فوقَ السنين، كيف لا وهي المدينة التي تمتزجُ حِجارتُها برائحةِ تاريخِها… كما يمتزج بالوردةِ عطرها.
كيف لا وهي من كانت للحضاراتِ ممرٌّ ومستقَرٌّ منذ فجرِ الاجتماعِ البشري، وللثقافاتِ مُلتقًى ومُرتقًى على ترامي العصور.”

 

 

وقال :”كيف لا وهي المدينة التي انزرعَتْ عندَ هذا الشاطئِ، وَأَوَتْ إليها الشعوبُ من شرقٍ وغرب، متفاعلةً مع أهلِها، في الفكرِ والإيمانِ والمعيشةِ والتجارة، والسلامِ والصراع والانكساراتِ والفتوحات، تفاعلَ أخذٍ وعطاء، حتى أصبحَت في هذا الفضاء اللبنانيّ مصهراً من مصاهر التعدُّدِ الثقافي والتبادلِ الحضاري البنّاء.”

 

وأضاف المرتضى :”كيف لا وهي العزيزةُ التي أنشأها الفينيقيون منذ ما قبل الميلاد بقرون كانت درةً في تاجِ كنعان ومنها انطلقَتْ قوافلُ في البرِّ والبحر بكل اتجاه وصولًا إلى شواطئِ أميركا حسبَ بعضِ الدراسات، قبل كريستوف كولومبوس بثلاثة آلاف عام.
كيف لا وقد تغنّت بصيدا القصائدُ كما فَعَلَ صاحبُ الإلياذة أومير (Homer)، ولأهميتِها وارتفاعِ شأنِها أطلق الكتاب المقدس لقب الصيدانيين على الشعب الفينيقي بأسره.

 

كيف لا وقد تداولَتْها الحضاراتُ الشرقيةُ والغربيةُ في العصرِ القديم، حتى جاء العربُ فحفروا حضارتَهم في الروح واللسان قبلَ الحجر.
كيف لا وهي المدينة التي غلبت عواديَ الدَّهْرِ، وهزمَتْ قُوى الشرِّ الهاجمةَ عليها من برٍّ أو بحر. كيف لا وهي التي كانت وما برحت صامدةً صابرةً ثابتةً على الرقي والعزّة والوطنية والإنفتاح والإباء والإبداع، واستمرت على تعاقبِ أحوالِها تعتنقُ القيمَ الإنسانيةَ والدينيةَ والحضاريةَ السامية، وتحتضنُ بالمحبة كلَّ لاجئٍ ومحتاج، وتبذلُ أزكى دماء أبنائها من رؤساءَ وقضاةٍ وقادةٍ ومناضلين في سبيل عزة الوطن وسيادته وحمايته وانتصار قضاياه.
يشرفني ويبهرني ويلهمني وجودي في صيدا.”

 

وتابع:”لكن رب سائل يسأل: ما لنا ولإفتتاح معرض للفن التشكيلي في هذه الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان وشعبه وصيدا واهلها ؟
بالأمس وفي مناسبة ثقافية موسيقية في بعبدا قلت أن ثمّة من يعتبر أنَّ الثقافة ترفٌ لا يقتضي أن نعيشه إلا في أزمنة الطمأنينةِ والتطور، ورددت على هذه المقولة بأن الثقافةَ ليست ترفًا ولا رفاهيةً، بل هي الحياةُ بكلِّ تجلياتِها السعيدةِ والحزينة، الراجيةِ واليائسة، المكتفيةِ شِبَعًا والمتضوِّرَةِ من جوع…وأضفت أن علينا في الأزمات أن نتعملقَ بحركةٍ ثقافيةٍ تنمو أدبًا وفنًّا تشكيلياً جميلًا، وموسيقا وأفلامًا ومسارحَ، وسوى ذلك من مساحات الإبداع والرقي، كيف لا والثقافةُ صحةُ الحضارةِ وعلامةُ مناعتها وقوةِ بنيتِها والدليل على جاهزيتها للنهوض من جديد، قبل أن تكونَ رفاهيةً نخبوية.

 

وختم المرتضى :”من هذا المنطلق نفتتح هذا المعرض…نفتتحه لإيماننا الراسخِ بأن للفنِّ التشكيلي دوراً اساسياً في الشفاء من الأمراض التي تعترينا، فهو يعالجُ النفس ويهذبها ويرتقي بها وينمّي الوعي بفعل “ابداعات” من الفنان التشكيلي الذي تخاله وكأن ريشتّه مِبْضَعُ طبيب، وسحرَ تشكيله مَرهَمٌ يُلطِّفُ، وبهاءَ اللونِ في لوحاته دواءُ ألمٍ بمقدار ما هو توثيقٌ لواقعٍ أو استشرافٌ لأمل.

 

 

الشكر كل الشكر للأصدقاء المنظمين في Maison D’art لمواكبتهم الجيل الطالع وزرعه شغف الفن فيه وتنمية مواهبه اما القطاف فسيكون بهيا ووافرا بإذن الله، وأعد نفسي وأعدكم بتزخيم الفعاليات الثقافية في صيدا العزيزة الغالية.
عاشت صيدا عاشت الثقافة وعاش لبنان.

شاهد أيضاً

طرابلس عاصمة للثقافة العربية

  المرتضى من بلدية طرابلس: مرحلة الانقسام والتجاذب رحلت ولن تعود ونستبشر بمرحلة جديدة تجلب …