في عالم تفقد فيه الحدود الجغرافية معناها يكون الحفاظ على الوضع الحالي أمر غير مقبول

من إعلام العدو:
صحيفة معاريف:

بقلم: ران أدليست

الشخص العاقل، بغض النظر ما إذا كان من اليمين أو اليسار، الذي ينظر إلى الخريطة ويقوم بجولة في الضفة الغربية، يفهم أنه في مرحلة ما محكوم علينا أن نعيش في دولة ثنائية القومية. أعني، ان ما هو حاصل اليوم، هو دولة فصل عنصري.
هذا سيحدث في يوم من الأيام عندما تنهار كل التقلبات والانعطافات السخيفة حول الحدود الغريبة والمتغيرة والأسوار الواقية والأسوار الأمنية التي تفصل الأسرة عن الأسرة وبين الإنسان وأرضه. وسيحدث هذا لأن الإسرائيليين والفلسطينيين لديهم مصلحة مشتركة، هي أن يعيشوا حياة معقولة تعني الاقتصاد والتجارة والثقافة والدين والتنقل الحر بين نهر الأردن والبحر. وهذا لن يحدث إلا عندما يكون هناك كيان جيو استراتيجي ثنائي القومية بين الأردن والبحر. ولكي تحدث هذه الخطوة الضرورية بأقل دموية، يجب أن تكون هناك لعبة تمهيدية بيننا وبين الفلسطينيين، وهي الحوار حول دولتين.
قدّم رئيس الوزراء يائير لابيد في الأمم المتحدة، اللعبة التمهيدية عندما تحدث عن الدولتين كسياسة لحكومته وكحاجز أمام دولة ثنائية القومية. وكذلك نتنياهو. لكن الفرق هو أننا نصدق لبيد. والسؤال هو ما إذا كان هو يثق بنفسه.
في هذه الأثناء نحن في موعد الانتخابات، ومسألة الدولتين ما هي إلا وسيلة للتحايل. عندما تواجه حكومة جديدة الواقع، ستصبح هذه وسيلة للتحايل وخدعة انتخابية. الفكرة هي أن المحادثات والاتصالات لصالح دولتين ستستمر من ثلاث إلى أربع أو خمس سنوات، وهذا هو مصير الصراع الدموي الذي يبدو غير قابل للحل. الاتجاه هو الحدود الجغرافية التي تفقد تدريجيا الحكومة المركزية قدرة على الحفاظ عليها باعتبارها غير سالكة.
التمسك مثلنا، في العالم الناشئ والمتغير، مع شعب كامل تحت الحذاء بالحجج الدينية والأمنية التي لا أساس لها، أمر غير مقبول ويائس. فقط رسم ذكي لحدود إسرائيل وفلسطين مع تعويض الضحايا من كلا الجانبين خلال سنوات المفاوضات سوف يجفف الحماس لاحتلال تلة أخرى والدافع لغزو تلك التلة.
الأساس المنطقي للحديث عن دولتين في الطريق إلى كيان واحد، هو أن إجراء المفاوضات بحد ذاته سيدعم آمال الفلسطينيين والإسرائيليين الذين هم في طريقهم إلى دولتهم غير المهددة. وهو ما يجب أن يمنع، أو على الأقل يقلل، من سلسلة الانفجارات العنيفة التي نشعر بها كل صباح ومساء..
الدافع الذي سيحرك المفاوضات، هو الرغبة الأساسية للسكان اليهود في الانفصال عن الفلسطينيين. وقد حدد المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في استطلاع أجري في اذار 2020 أن 69٪ من اليهود في إسرائيل يعتقدون أنه من الأفضل لليهود والعرب العيش بشكل منفصل. وفي نيسان 2021، تم إجراء مسح مماثل للمعهد، أظهر ان 45٪ فقط من المستطلعين اليهود كانوا يعتقدون ذلك قبل عملية “حارس الأسوار”. وما يقرب من 70٪ ممن عرّفوا أنفسهم على أنهم اليمين السياسي، يؤيدون الحياة المنفصلة لليهود والعرب، مقارنة بأقل من النصف بقليل في الوسط، وحوالي الثلث من اليسار.كذلك، وافق حوالي 80٪ من الأرثوذكس المتطرفين على أن اليهود والعرب يجب أن يعيشوا منفصلين، مقارنة بحوالي ثلثي المتدينين التقليديين والدينيين وأقل بقليل من نصف العلمانيين.
هذا هو الأساس للمحادثات التي ستؤدي بطبيعة الحال إلى إقامة المؤسسات الفلسطينية وشرعيتها، والأولوية المطلقة للجيش الإسرائيلي يجب أن تبدد أي مخاوف. وطالما أن المحادثات تجري في ظل ظروف هادئة، فسوف ينشأ وضع يتم فيه مناقشة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والشخصية، وستكون هذه العلاقات الطبيعية لوحدة الدولتين في وحدة جيواستراتيجية واحدة. لكل بلد برلمانه الخاص، ويسيطر على الأراضي والمواطنين في إقليمه، وحكومة عظمى من المفترض أن تتعامل مع الحياة اليومية ومبادئ القانون والحكم. ستكون هناك توترات، وستكون هناك مصالح متضاربة، وستكون هناك نهايات متطرفة تؤدي إلى أعمال شغب. وطريقة التغلب عليها هي إجراء محادثات مستمرة مع التهدئة في نفس الوقت الذي يكون فيه الهدف هو بناء أغلبية مدنية كبيرة على الجانبين تعارض المتطرفين في الجانبين.
يتركز أكثر من 90٪ من السكان الإسرائيليين والفلسطينيين في الحدود الحالية التي تتداخل مع حدود عام 67. وهناك إجماع فلسطيني على الكتل الكبيرة، وسيجري بحث وضع المستوطنات خلال المباحثات.
في السنوات الأخيرة، أظهرت الاستطلاعات التي أجراها البروفيسور جلعاد هيرشبيرغر والبروفيسور سيون هيرش فيلر من جامعة رايخمان، مسحا للسكان الذين سيتم إخلاؤهم في اتفاقية مستقبلية. معظمهم براغماتيون. حتى إذا لم يؤيدوا الإخلاء، فسيكونون مستعدين لقبول الحكم، بشرط أن يتم الإخلاء بقرار حكومي أو استفتاء. وحتى اليوم ، هناك أغلبية في إسرائيل تؤيد فكرة المناطق مقابل السلام، لكن هذا الاتجاه يتعرقل بسبب سياسات الحكومة التي تحافظ على حالة الطوارئ الدائمة.
الهدف من المحادثات بين البلدين، هو غنهاء على الوضع الذي تحافظ فيه إسرائيل على جبهات دموية في لبنان وسورية وغزة، وبالطبع في إيران، حيث قد يتحول الاحتكاك على الجبهات الخمس إلى جولة كبرى من الحرب.
الجيش الإسرائيلي قوي، لكنه غير قادر على التعامل مع كل هذه الجبهات، فهو لا يستطيع اليوم السيطرة على الحريق في المناطق، وحالة الطوارئ ستتطلب استخدام نيران مضادة على السكان المدنيين، أو سقوط صواريخ على المنازل، ولا يريد أي شخص عاقل أن يعيش في بلد ينشغل بالمذابح كعقيدة قتالية.
هذا مثل الضفدع. هذه المرة لن تتحول إلى أميرة وتحمل عقربا على ظهرها، لكنها ستتنبأ بمصير دولة إسرائيل. وعلى غرار الضفدع، والبرمائيات القادرة على العيش في الماء وعلى الأرض، هكذا ستولد الدولة ثنائية القومية. وعلى الشعب اليهودي أن يقرر ما إذا كان ثنائي القومية وعلى قيد الحياة، أم انه ميت.

ترجمة: غسان محمد

شاهد أيضاً

الأسد: موقف سوريا من المقاومة يزداد رسوخاً.. وستقدّم كل ما يمكن للفلسطينيين:

الرئيس السوري، بشار الأسد، يؤكد ثبات موقف بلاده من القضية الفلسطينية والمقاومة، على الرغم من …