عصفورية وطن!!!

الدكتور وسام حمادة

وطنٌ كُتِبَ عليه العيش ضمنَ شرنقة الصيغة والصائغين، فبين الصيغةِ التوافقيةِ وصيغةِ العيشِ المشتركِ وصِيَغٍ كثيرةٍ تائهةٍ تبحثُ عن مُستقرٍ لها في الحياةِ السياسيةِ اللبنانيةِ، نَجِدُ أن هذا الوطنَ الصغير ما زالَ يعيشُ أزماته المتوارَثةِ جيلاً بعد جيلٍ على حَفافي الإنهيار المُعلَنِ من قِبَلِ رجالاتِ السلطةِ ورجالاتِ الدين، فالحياةُ السياسيةُ مُعَطَلَة ودستوره أسطر رُسِمت بحبرٍ من وهم وغب طلب الزعيم، فمنهم من ينتظرُ صيغةً سحريةً وأمر عمليات من دولِ القرار، عَلّه يفرضُ على اللاعبين بمصيرِ الوطنِ والمواطنِ العبور نحو ملئ فراغٍ لكرسي رئاسةٍ كانت قد استأنست الوحدة وتعايشت مع عنكبوت استوطنها ونسج لها من خيوطه شرنقة لفراغ مقونن، لينسحب المشهد على مُكلف بتشكيلِ حكومةٍ كان قد حُكِمَ عليها بالفشلِ قبل ولادتها المُتعثرة، كيف لا وحامل التكليف كان وما زال أحد صناع خارطة الإنهيار الذي تعيشه البلاد والعباد على حدٍ سواء، وعلى الرغمِ من التحدياتِ المصيريةِ التي يواجِهُها البلدُ نَجِدُ أن الطبقةَ السياسيةَ كانت وما زالت تعيشُ رفاهيةَ المُناكدةِ والأحجامِ وتوزيعِ الحقائبِ والحِصَصِ والمُحاصَصَةِ وإرضاء المشغلين والداعمين لهم من خارج جغرافيا الوطن، مُتجاهلين همومِ الناسِ واقتصادهم المُنهار على مذبحِ الفسادِ والسرقةِ المُشَرعَنة والبطالة الغير مسبوقة والهجرة القصرية لتيارٍ كهربائي اشتاقته الظلمة، وأنهر غَدَرَت بها الأيادي السود، وأموال لمودعين أكلتها نيران اللصوصية من أصحاب الإبتسامة الصفراء والياقات السود، وأمنٌ هَشٌّ يعيشُ على ضفافِ محيطٍ مُلتهبٍ ومخاضُ ولادةِ عصر أنظمة جديد حُمِّلَ خرائطَ صِيَغٍ فرضَتها الصراعاتُ الدمويةُ على الساحةِ الدولية عموماً والعربيةِ خصوصاً، ومع ذلك نجد أن تلك الطبقة الفاسدة ما زالت تعيش نشوة الشعور بالأمان وأنها في منأى عن أي محاسبة قانونية أو معنوية متكئة على صناديق اقتراع ممهورة بالولاء المُطلق لمن عاث بالأرض فساد وجعل من لبنان مقبرة للأحلام والعيش الكريم، سلطة استطاعت دون أي رادع أخلاقي أو وطني أن تحول جغرافيا الجمال لعصفورية بعَلم ونشيد حدودها حدود القهر والهوان لكل كائن كان قد حمل صفة المُواطَنة زوراً منذ أكثر من عشر سنوات عجاف…

شاهد أيضاً

تعريض الأكتاف بالإسفنج المضغوط

‬ د. حسن أحمد حسن* قرابة سبعة أشهر مرّت على إطلاق ديناميكية التوحش «الإسرائيلي» من …