العملية العسكرية الروسية: تداعيات قرار الرئيس بوتين إعلان التعبئة الجزئية


عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية

لم يكن مفاجئاً للمتابعين إقدام الرئيس الروسي فلاديميير بوتين على إصدار مرسوم إعلان التعبئة الجزئية لقوات الإحتياط، حيث كنّا على مدار شهر فائت امام نشاطات استثنائية للاتحاد الروسي على المستويين الداخلي والخارجي في إطار عملية تحضير وتحصين للعديد من القرارات والإجراءات التي أُعلِن عنها اليوم على لسان الرئيس بوتين، وأحد اهّم المراسيم من بينها والقاضي بإعلان التعبئة الجزئية بهدف دعم العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وتسريع تحقيق أهدافها المُعلنة.
لا بدّ من الإشارة الى أهمية توقيت إعلان مرسوم التعبئة قبل يومين من بدء عملية الإستفتاء في جمهوريتي الدونباس لوغانسك ودونيتسك ومقاطعتي زاباروجيا وخيرسون بالإنضمام الى الإتحاد الروسي.
كما من المهم الإشارة الى ان مرسوم إعلان التعبئة الجزئية هو بمثابة مقدمة لتحولات عميقة في النظامين السياسي والإجتماعي للإتحاد الروسي، وهذا ما سيترتب عليه العديد من الإجراءات في مواجهة تموضع الليبراليين الروس والنفوذ اليهودي في الإقتصاد بشكل أساسي، وهو ما يعني بدء تبلور بعد أيديولوجي اكثر تجذراً في الأبعاد الروحية لسلوكيات المجتمع بمواجهة توحش أفكار النيوليبرالية الغربية، ومنعها من التأثير في حركة الشباب الروسي عبر مقاومة ممنهجة ومدروسة، وذلك لمنع تسلل الأفكار السائدة في الغرب الى عقول الأجيال الروسية، وهو ما يعني اننا سنكون امام معركة ثقافية الى جانب المعركتين العسكرية والإقتصادية، حيث سيبقى الاقتصاد هو المجال الأكثر حضوراً في المواجهة، خصوصاً ان الغرب سيضع كل امكانياته لإخضاع روسيا عبر التأثير في إحداث تراجعات كبيرة في الاقتصاد الروسي.
داخلياً أيضاً، لا يمكن تجاهل الاجتماع الذي عقده الرئيس بوتين مع رؤساء المجمعات الصناعية العسكرية الروسية، وحثّهم على البدء بتنفيذ برامج تطوير سريعة لمواكبة تحديات المواجهة ضمن فترة وجيزة، ولكن مع الحفاظ على مستويات الكفاءة والتفوق النوعي والعددي على حلف الناتو الذي يشارك بامكانيات كبيرة عبر أوكرانيا في مواجهة روسيا تسليحياً وتقنياً واستخباراتياً.
على المستوى الخارجي
منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا كنّا ولا نزال امام حركة مكّوكية للرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف لإحداث تحوّل في إصطفاف الدول، وتموضعها خصوصاً بما يرتبط بالتغيُّر الكبير في استخدام الرئيس بوتين ووزير الخارجية للمصطـلحات بما يتعلق بتوصيف اميركا والغرب، والخروج من اللغة الديبلوماسية التي كانت تصفهم بالشركاء للقول انّ المعركة في أوكرانيا هي معركة للحدّ من الهيمنة الأميركية.
في السياق نفسه، جاء الإستفزاز الأميركي للصين بما يتعلق بدعم تايوان وتشجيع انفصالها عن الصين ليسرّع في خروج الأخيرة من السلوك الناعم،  والدخول في مرحلة الإجراءات التحضيرية للمواجهة، وهذا ما ادّى الى مزيد من الإتفاقيات الاقتصادية والعسكرية بين روسيا والصين كان آخرها منذ أيام، حيث أن روسيا والصين اتفقتا على زيادة التعاون من خلال وزارتي الدفاع، مع التركيز على إجراء التدريبات والدوريات المشتركة، إضافة إلى تعزيز الاتصالات بين هيئتي الأركان العامة في البلدين والوصول الى مستوى عالٍ من التعاون العسكري التقني.
كذلك لا بدّ من التذكير بالإتفاقيات الروسية ـ الإيرانية وتفعيل العلاقة مع تركيا ما سيسهل الوصول الى مجال حيوي اوراسي، وهو ما سيقوى عوده بعد اتخاذ قرارات مهمة في قمة منظمة شانغهاي التي عُقدت في سمرقند منذ أيام، وفيها أعربت دول منظمة شنغهاي للتعاون “عزمها زيادة التعاون في مجالَي الدفاع والأمن” وهو تطور مفصلي وهام سيكون له تداعيات كبيرة على نفوذ اميركا والغرب مستقبلاً.
التداعيات العسكرية لمرسوم التعبئة الجزئية
من المؤكد ان التداعيات العسكرية لمرسوم التعبئة الجزئية لقوات الإحتياط ستكون في اتجاهين، إيجابي وسلبي

شاهد أيضاً

المجلس الشيعي ينعى الشيخ علي كوراني

صدر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى البيان الآتي:    بســمِ اللهِ الرَحمَٰنِ الرَحِيمِ ﴿الَّذِيْنَ تَتـَوَفَّاهُمُ …