لبنان يرقص على ثلاثة حبال؛ الترسيم- الحكومة والانتخابات الرئاسية…

حل الاستعصاء بكسر البرغي…

ميخائل عوض

فرادة لبنان وشعبه تفرض نفسها بكل شيء بما في ذلك تفرده باجتماع الازمات وتنوعها في واقع استعصاء الحلول بالمتيسر والتقليدي، وتقع ازماته الانهيارية في ازمنه تتقاطع فيها ازمات اقليمية وعالمية وفي مرحلة حرجة يشتد فيها المخاض لولادة شرق وعالم جديد…
الدولة بخزينه خاوية، ولا موظفين لإنجاز المعاملات وجمع الضرائب وتيسر امور البلاد والعباد.
الجيش والمؤسسة العسكرية تعتاش على الصدقات والتبرعات.
الاسعار في سباق مع ارتفاعات الدولار غير المتوفر له ضوابط او حدود.
الطبقة السياسية في تجاهل للازمات تنام على وعد استخراج النفط والغاز لنهب ما في باطن البحر والارض بعد ان نهبت اعمار وثروات ومستقبل اللبنانيين…
المؤسسات الدستورية معطوبة فالانتخابات النيابية هندست لضبط توازنات المنظومة وتامين ديمومتها لا فرق ان كان الشعار الحفاظ على الميثاقية والتوافقية، او كان لتامين حماية اركان النهب والفساد والخيانة الوطنية.
مجلس نيابي بلا اكثرية واضحة، وفي حالة فوضى تشريعية، وبكل حال اصبحت وظيفته الوحيدة انتخاب الرئيس.
الحكومة مستقيلة، وتصرف الاعمال ولا شرعية دستورية لها لوراثة صلاحيات رئيس الجمهورية والتفرد بإدارة البلاد فالثقة اخذتها من برلمان سابق.
القصر الرئاسي تعود على الفراغات ولو ان ساكنه قد يبطن تصرفا من خارج السياق، كما عاداته سابقا، ولا يعطي قراره لاحد حتى لوزيره المحبب جبران باسيل.
الترسيم واستعادة لبنان لسيادته وقراره الحر وامتلاك حقه باستثمار ثرواته البحرية دونها عقبات كبيرة، فالطبقة واركانها والحكومة والمسؤولين جميعا مربوطين من رقابهم بقرار السفيرة شيا والا ما نهبوه لن يكون لهم فالإدارة الامريكية والاوروبية بالمرصاد وعينها على مئات المليارات التي نهبت من لبنان بمعرفة وتغطية من السفارات بانتظار اليوم الموعود فإما استزلامهم او عقوبات ومصادرة الاموال وفضائح بالجملة.
الوسيط في ملف الترسيم اسرائيلي خدم في جيش العدو بستغل امريكيته وسوطه ليوظف المسؤولين اللبنانيين في صالح اسرائيل وتامين فرصتها لنهب الثروات والمسؤولين اللبنانيين يفاخرون بمجرد ان يمنحهم فرصة اتصال هاتفي ليستعرضوا عضلاتهم ويخرجوا على الاعلام بوعود توهيمية وبتزين دور الوسيط غير النزيه ولا الجاد.
اسرائيل مأزومة حتى الثمالة، وصراعات قبائلها الاربع تهددها بالانفراط على حد قول رئيسها زفلين عام ٢٠١٥ في مؤتمر هرتزيليا واعتبرها اخطر من النووي الايراني، وايران اصبحت على عتبة تصنيع القنبلة النووية لا ينقصها الا القرار. والاتفاق النووي اصبح في خبر كان.
امريكا تعصف بها ازمات بنيوية، وكثيرا ما يتوقع الخبراء انفجارها على تناقضاتها وحربها الاهلية او الانقلاب العسكري او سعي ولايات طلبا للاستقلال.
المقاومة اعلنت جاهزيتها ووعدت وحددت زمنا فاصلا وشكلت اركانها للاهتمام بالثروات برا وبحرا لتأكيد جديتها ولم يسبق ان نكثت بوعدها، وفي مسالة الترسيم واستعادة السيادة والقرار الحر، وضعت نفسها امام التحدي وانجاز المهمة الكفيلة بتامين لبنان وشعبه واخراجه من خطر الفتن والفوضى المتوحشة وزوال الكيان، فالمهمة عظيمه والتحديات كبيرة والفرص سانحة ومستقبل المقاومة وتضحياتها على المحك وواسما لمستقبل البلاد ودورها في تغيير الشرق، وان اخفقت فسلام الله على ما كان وما تحقق وما دفع من اثمان.
التشرينين شهران تحتشد بهما المناسبات والمواعيد الاحداث الحاسمات والمغيرة في الاحوال؛ انتخابات رئاسية لبنانية وكنيست خامس اسرائيلي بسنتين وانتخابات نصفية امريكية فاصلة وانتخابات صينية، ويبدا فصل الشتاء القارص في اوروبا ويشتد اوار الحرب الاوكرانية.
امريكا في زمن عاصف والاتحاد الاوروبي في مازق وازمات. والاقتصاد الرأسمالي في حقبته الليبرالية المتوحشة يقاوم الانهيار ويعالج السرطان بالمسكنات وبتصدير ازمات امريكا الى حلفائها التي تنهار عملاتها للحفاظ على قوة الدولار المهدد بهيمنته وتسارع الدول للتحرر منه واستبداله بالتبادلات بالعملات الوطنية واو بالتبادلية وتتقدم عملات اسيا وبرامجها للسويفت كبديل للسويفت الامريكي واليورو.
عرب التسويات والتطبيع لم يحصدوا الا الخيبة فقد هربوا من تحت الدلفة لتحت المزراب وثبت لهم ان التطبيع كارثة لا فائدة منه فإسرائيل العاجزة وفاقدة الدور الوظيفي لم تعد قادرة على تعويم احد بل هي تحتاج الى من يعومها.
هكذا يواجه لبنان ظروفا في ازمته العاصفة والمسدسة الاضلاع غير المسبوقة فليس من رعاة ولا من يهتم والكل ادار الضهر له وهو عاجز عن انتاج حلول ومخارج لأزماته ولتدوير استحقاقاته الدستورية.
الجديد في الامر والذي لم تعتاد عليه المنظومة ولا اقرت به اسرائيل والادارات الغربية، ولهذا مازالت تعيد انتاج خططها وطرائقها البائدة، فتراهن على هزيمة المقاومة بالنقاط مادامت عاجزة واختبرت هزائمها بالضربات القاضية .
هكذا نفسر المماطلة الامريكية الاسرائيلية في ملف الترسيم، واستثمار هوكشتاين ومناوراته وتشاطره ومحاولاته اللعب بالفراغ اللبناني وبخلافات الرؤساء وتعطل الدولة، بل وانحياز وزارة الخارجية ومندوب لبنان في مجلس الامن بسفور لصالح اسرائيل وامريكا وتمرير قرار تعديل مهام اليونيفيل.
ذرائع هوكشتاين ومماطلته وتشاطره الساذج نامل الا ينطلي على المقاومة فهي من صنف مختلف عن التي كانت قبلها، واثبتت خلال الاربعين سنة انها لا تفرط بنصر ولا بفرصة ولا تؤخذ بوهم ولا تستدرج الى التفريط بالزمن وبأوراق القوة.
فلن تنطلي على السيد حسن نصرالله مناورات التأجيل، وانتظار الانتخابات الاسرائيلية، ومراعات اسرائيل وازماتها، وفرض ترسيم يفرط بالجغرافية والبحر ويمنح اسرائيل عناصر قوة هي اضعف من انتزاعها، والمنطقي ان المقاومة تفكر بالعكس فمادامت اسرائيل متوترة ومازومة وعاجزة عن انتاج حكومات مستقرة يعني انها الفرصة الذهبية لانتزاع انتصارات جديدة ومراكمتها واذا فكرت المقاومة بغير هذا تكون قد فقدت روحها ومبرراتها وتعارضت مع طبائعها وهذا مستبعد جدا.
فمعركة فرض الترسيم او وقف انتاج النفط والغاز من شرق المتوسط ولو بالحرب، تعتبر معركة مصيرية للبنان والمقاومة وللمحور كما لإسرائيل وحلفها ومستقبلها في زمن اعادة هيكلة الشرق وولادة العالم الجديد.
كيفما جرت مسارات الترسيم والاستخراج فستفرض نفسها على استحقاقي الحكومة والانتخابات الرئاسية.
السيناريوهات المتوقعة؛
– سيناريو الترسيم واو الاتفاق على مرحلة انتقالية بمقتضاها تتوقف اسرائيل عن الاستخراج الى حين انجاز انتخاباتها والعودة الى التفاوض ، يستوجب في لبنان اما حكومة ترث الرئيس وتكون صالحة دستوريا، او انتخابات تأتي برئيس ليبدا لبنان رحلة شدشدة الدولة واحياء المؤسسات والاجهزة، والسعي للإحاطة بالأزمة.
-السيناريو الثاني الحرب، وهو الارجح لأسباب شتى ولاحتمال شرارات من اكثر من ساحة  فالحرب لا تحتاج لحكومة ولا لرئاسة جمهورية وسيكون ما بعدها غير ما قبلها ليس في لبنان وتوازناته انما في العرب والاقليم والعالم، وبعدها تتوفر شروط اعادة انتاج لبنان والشرق الجديد على هيكليات وتشكيلات وقواعد جديدة.
اي من الحبال التي يرقص عليها لبنان سينقطع، واي من اعمدة خيمة السيرك اللبناني ستنهار، ذلك ما ستفيدنا به الايام القادمة فإنذار الاسابيع قد جاوز توقيته، ولابد ان يخرج لبنان والصراع العربي الاسرائيلي من حالة الاستعصاء.
بكل حال فقد تأكل النظام اللبناني وتهاوت حجارته وقد يهوي ويسقط من ذاته فالرقص على حبال ثلاثة يحتاج الى مهارات ولياقات ليس منها شيء في لبنان….

يتبع قريبا؛
الانتخابات ان حصلت؛ ففرنجية رئيسا.
الحكومة ان شكلت: فلبنان الى مؤتمر تأسيسي بعد الانهيار الكبير..
الحرب ان وقعت؛ فلبنان والشرق يستعجلون ولادة العالم الجديد..

بيروت؛ ١٠-٩-٢٠٢٢

شاهد أيضاً

ابراج اليوم توقعات اسرار الابراج: #يسعد_اوقاتكم_بكل_خير #توقعات_الابراج_ليوم_الجمعة_والله_اعلم

  مواليد اليوم الجمعة 26 نيسان ابريل من برج الثور. مواليد اليوم من برج الثور …