بري يدعو لجلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة عند انضاج الطبخة هل يتجه لبنان الى «الرئيس الملك» لمنع حصول شغور رئاسي؟

كمال ذبيان

مضى الاسبوع الاول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، والمحددة بشهرين تبدأ في اول ايلول وتنتهي في 31 تشرين الاول المقبل، وفق المادة 49 من الدستور، ولم يدع رئيس مجلس النواب نبيه بري الهيئة العامة للمجلس لانتخاب خلف للرئيس ميشال عون.

وتريث بري في الدعوة، لان طبخة رئاسة الجمهورية لم تنضج بعد لا لبنانياً ولا اقليميا ودولياً، اذ وضعت مواصفات عديدة للمرشح للرئاسة الاولى، من قبل كل فريق سياسي الذي يحاول ان تكون مطابقة للمرشح الذي يختاره او يتمناه، حيث تكثر الاسماء المتداولة، منها الجدي وبعضها للمناورة والبعض الآخر للفكاهة والتسلية.

فالمرشحون الجديون، هم من يعتبرون انفسهم مرشحين طبيعيين لهذا المنصب، وتبرز اسماء كل من: سليمان فرنجية وسمير جعجع وجبران باسيل، وتتدرج الى شخصيات لها حضورها السياسي، ولكنها تفتقر الى التمثيل الشعبي، اضافة الى اسماء هم من «الرماديين»، او اصحاب اختصاص الخ…

فالتداول بالاسماء بدأ من قبل جهات حزبية، واخرى لفاعليات سياسية وروحية، وهي اسماء تسوّق في الاعلام، ويروّج لها في الصالونات السياسية، ولدى مرجعيات رسمية، وبعضها او غالبيتها تنشر اسماؤهم في وسائل اعلام، او على لسان مروجين لهم.

فكل ما يجري في الاستحقاق الرئاسي، ما زال بعيداً عن التوافق الداخلي، او الاشارات الخارجية، وهذا ما يؤخر بري في الدعوة الى جلسة الانتخاب، التي يجب ان يتأمن لها نصاب دستوري، هو ثلثا اعضاء المجلس الـ 128، اي 86 نائباً، حيث ينبغي على المرشح ان يفوز باصواتهم في الدورة الاولى، ليحمل لقب رئيس الجمهورية، واذا لم يتوافر النصاب الدستوري، وحيازة المرشح على الثلثين من الاصوات، فيدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة لاحقة، وقد بلغ عدد الجلسات 46 في الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث لم يتأمن لها النصاب الدستوري.

من هنا، فان النقاش يبدأ من هذه النقطة، لان التعطيل وارد اذا لم تحصل تسوية رئاسية يؤيدها الداخل ويدعمها ويباركها الخارج، وهذا ما حصل في انتخاب العماد ميشال عون في نهاية تشرين الاول من العام 2016، فكان نتاج «تسوية رئاسية» بين التيارين «الوطني الحر» و»المستقبل»، ودخل معهما «تفاهم معراب»، بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، وبارك التسوية حزب الله، وتحفظ عنها حليفه «حركة امل» برئاسة بري، وعدم ارتياح رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وامتعاض رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.

فصناعة رئيس الجمهورية في لبنان خارجية، بتسويق داخلي لبناني، وفي كثير من الاحيان كانت توجد منافسة على صنع الرئيس اللبناني، وهو ما تكشفه وقائع انتخابات رئاسة الجمهورية من اول رئيس بعد الاستقلال في العام 1943 حتى الاستحقاق الحالي، الذي يتم الترويج في مراكز القرار الى «الرئيس الملك»، ما دام كل فريق لا يستطيع تأمين وصول مرشحه او تطبيق مواصفاته، وفق ما تكشف مصادر مطلعة على انتخابات رئاسة الجمهورية، اي ان يتم تقديم «مرشح ملك» يرضي كل الاطراف، فيجمع ولا يفرّق كما اعلن بري، وليس استفزازياً كما قال جنبلاط، وان يكون حيادياً اي ليس له ارتباط حزبي او سياسي كما يرغب به البطريرك الماروني بشاره الراعي، ويحمل مواصفات وطنية لجهة عدم تورطه في تحالفات ومحاور.

وفي هذا الاطار، تبرز اسماء لشخصيات سياسية، تعمل في الحقل الوطني او السياسة العامة، فتتقدم اسماء منها كل من الوزيرين زياد بارود وناجي البستاني، اللذين لا ينكران انهما ايضاً يعتبران نفسيهما مرشحين طبيعيين لرئاسة الجمهورية، حيث يُطرح اسماءهما من ضمن اسماء شخصيات مارونية اخرى، وهذا لا يعني ان التداول بالاسماء، يعني الترشيح والانتخاب، حيث تؤكد المصادر المتابعة للملف الرئاسي، ان بارود والبستاني لهما مواصفات الجمع لا الطرح، وان كلاً منهما له علاقة جيدة مع كل الاطراف، حيث ينطبق عليهما صفة «الرئيس الملك»، لا مواصفات «الوزير الملك» في حكومة الرئيس سعد الحريري عدنان السيد حسين، الذي تحوّل الى رقم 11 ، واصطف مع الوزراء الذين استقالوا من الحكومة واعتبرت مستقيلة.

والبستاني الذي يخوض الانتخابات في الشوف منذ العام 1972، اسس لحالة شعبية فيه وفي الجبل، وشبك علاقات مع جميع القوى السياسية، فترشح في الدورة السابقة للانتخابات النيابية على لائحة الحزب «التقدمي الاشتراكي»، وفي هذه الدورة على لائحة تحالف «التيار الوطني الحر»، بما يؤكد على استقلاليته وعدم ارتهانه، وهو ما حصل مع الوزير بارود، الذي نسج علاقات جيدة مع هيئات في ما سمي «المجتمع المدني»، وهو حقوقي متقدم جداً في طروحاته بما يخص قوانين بحاجة اليها لبنان للانتقال من الحالة الطائفية الى المدنية وبناء دولة المؤسسات والقانون.

فهذان النموذجان كمرشحين مطروحين ومحتملين، قد يكون احدهما «الرئيس الملك»، في حال تعذر ان يوصل اي طرف مرشحه، ولمنع حصول شغور رئاسي، كما حصل في العام 2014 حتى الوصول الى تسوية رئاسية شبيهة، بما جرى في العام 2016.

ان هذا «السيناريو» يجري التداول به بين صنّاع رئيس الجمهورية، حيث ذكرت المعلومات، ان الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، لديه اسم شخصية تعمل في الحقل المالي والمصرفي، يحاول تقديمه، اضافة الى ما يمكن ان تكشفه الاسابيع المقبلة، حول من سيكون رئيس جمهورية لبنان، وهل ينتخب في الموعد الدستوري، او يحصل الفراغ مما يضع لبنان امام كل الاحتمالات.

شاهد أيضاً

الفنان الفلسطيني سانت ليفانت يكشف عن أغنيته “قلبي ماني ناسي”

سانت ليفانت يقدم “قلبي ماني ناسي” بأسلوب موسيقي متنوع ومعقد رسالة عميقة ومؤثرة من خلال …