ذكريات مع الضباط الـ 4 ومن يضمن سلامة المتهم فيما لو سلم للمحكمة الدولية؟


انتدبت للخدمة في سجن رومية سجن الضباط الأربعة اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين مصطفى حمدان وريمون عازار، قضيت شهرا كاملا في التعاطي المباشر معهم، وصادف يومها ان كان شهر رمضان، ولم يكن سجنهم فندقا درجة اولى ولكن سجنا درجة اولى اذا ما قيس على سجون لبنان ، لكل واحد منهم غرفة خاصة مع مرحاض، وما رأيته ان الضباط الثلاثة كانوا يقضون يومهم بقراءة القرآن بينما جميل السيد تفرد عنهم بجهاز يشبه الراديو ولكن فيه تسجيلات قرآنية، فقلت له اعجبني هذا الجهاز فقال لي : انه هدية من احدى السيدات من دولة الكويت، و سيكون هدية لك حين اخرج من السجن ( ولكن لم التق به منذ خروجه من السجن ولم آخذ الهدية)…اذكر كان مسموحا لهم بنزهة داخل اسوار السجن لمدة نصف ساعة يوميا وكان كل واحد منهم يخرج دون ان يكون مسموحا له  ان يلتقي بالآخر ، وقد لعبت مع العميد حمدان ومع اللواء الحاج كرة السلة واجرينا بعضا من التمارين الرياضية… اما اللواء جميل السيد فلم يكن يخرج للنزهة بل يكتفي بوضع بضع وردات على نافذته وقد قال لي انها تنسيه بعضا من الظلم الذي يعيشه…
اطمئن لي اللواء السيد اذ اني كنت اتعامل معه ومع غيره وفقا لما قال الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام : الله الله في اسيركم… وكنت اقول بيني وبين نفسي لست انا من يحكم عليهم فهناك محكمة وقضاء فإن كانوا متورطين بقتل الشهيد رفيق الحريري فسينالون الجزاء وان كانوا مظلومين فلن ازيد في ظلمهم…وقد وثق بي اللواء السيد وبدأ يخرج للنزهة حين اكون مناوبا، اما حين لا اكون موجودا فلا يخرج.
توطدت الصداقة بيننا وكنا بعض الأحيان  نتحدث  بأمور دينية اثناء نزهته وكنت بأغلبها انا المستمع واحيانا ابدي رأيي وكانت اغلب احاديثه عن الإمام الحسين والظلم الذي لحق به وبطبيعة الحال كان يوجد تعليمات مشددة بعدم التحدث في الأمور السياسية او اي موضوع له علاقة بجريمة مقتل الشهيد رفيق الحريري… ومما اذكره يوما انه ناداني : (لما تفضى احكيني)… ولما كلمته قال لي سأروي لك قصة فيها عبرة : قال الأرنب للأسد يا ملك الغابة ان بني جنسي من الأرانب يريدون تولية امير عليهم والشرط الأساسي من يربط الأسد هو الأمير، فاسمح لي ان اربطك بالحبل وكل يوم انا كفيل بأن آتيك بوليمتك من الأرانب دون ان تجهد نفسك بالصيد، وافق الأسد وربطه الأرنب واحتفل مع عشيرة الأرانب احتفالا ضخما ونسي الأسد مربوطا، وبعد وقت طويل اتى الثعلب ورأى الأسد على هذه الحالة من الذل والهوان فطلب منه الأسد ان يحل وثاقه، فقال : يا ملك الغابة اخشى ان حليت لك الوثاق ان تأكلني وتزهق روحي، لكن الأسد اعطاه المواثيق انه في امان، عندها حل الثعلب وثاق الأسد فما كان من الأسد الا ان بدأ يركض تاركا مملكته الغابة وراء ظهره وهو يقول  : بئس البلاد التي يربط فيها الأرنب ويحل فيها الثعلب.
العميد مصطفى حمدان الضخم الهامة كان حذرا بالتعاطي مع اي شخص ولا يتحدث ابدا  ولا يسمع الا برفع الصوت ولست متأكدا ان كان الأمر حقيقة ام ادعاء لناحية السمع.
. اما العميد عازار فكان يبكي باستمرار ويحاول ان يستفسر عما يجري خارج اسوار السجن ولكن ذلك كان ممنوعا. وكان خائفا على عائلته اكثر من خوفه على نفسه… َصورته المغروسة في ذاكرتي انه انسان لطيف وطيب القلب الى درجة لا يتصورها عقل ولربما سألت بيني وبين نفسي كيف يكون هذا الرجل بمنصبه والمفروض على من يتولاه ان يتمتع بشيئ من الحنكة والدهاء.
وبعد هذا السجن الطويل ماذا كانت النتيجة؟
ابرياء من دم الشهيد رفيق الحريري…
بدأت الحكاية الجديدة المتصلة بأربعة متهمين لحزب الله ومن ثم خفض العدد الى واحد ( سليم عياش) وانا لا اعرف من هو هذا الشخص ولا حتى شكله الا بصورة نشرت على وسائل الإعلام تعود لسنوات طويلة وبالطبع مع تقدم عمره تغيرت اكثر ملامحه , ولكن نظرا لما سمعت عن رفاقه المتهمين امثال الشهيد بدر الدين فهو لا شك احد قياديي المقاومة والمسؤولين في الحزب…
فهل سيفعلها حزب الله ويسلم هذا القيادي للمحكمة الدولية؟
الحزب قال منذ البداية المحكمة الدولية لا تعانيه، ولا يعنيه ما يصدر عنها، وتخفيض عدد المتهمين من اربعة الى واحد لن تكون نتيجة مغرية للحزب حتى يضحي بأحد قياديه خاصة اذا كان مقتنعا ببراءته مسبقا كاقتناعه ببراءة الضباط الأربعة وببراءة الرئيس بشار الأسد ونظامه من دم الشهيد رفيق الحريري وهذا ما صدر عن المحكمة الدولية …
ولو افترضنا ان سيعمد الى تسلميه للمحاكمة فمن يضمن سلامته في لاهاي؟ ومن يضمن عودته اذا ثبتت براءته؟ ومن يضمن ان لا يتعرض للإغتيال من قبل الموساد الإسرائيلي؟
لا احد في هذا الكون يمكن ان يكون عليه حصانة امام الموساد ولا حتى امام اجهزة الكيان الصهيوني المختلفة قاطبة، فلنتذكر مجزرة قانا، فمعسكرات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لم تستطع حماية  شيوخ ونساء وأطفال قانا، حتى قوات حفظ السلام انفسهم تعرضوا للقتل في هذه المجزرة واخفيت الأدلة ولم تذكر اسماء الجنود الشهداء حرصا على سمعة الكيان الصهيوني.
قرارات المحكمة كانت فخا وسما في العسل فإتهام واحد من الحزب هو اتهام للحزب بكامله، والحزب معروف بقبضة قيادته الحديدية فلا يمكن لأي مسؤول ان يتفرد بالقرار مهما علا شأنه…قد يسأل فريق من الشعب اللبناني لماذا الحزب لا يسلم المتهم ومن حقه ان يسأل ولكن الإجابة ربما وردت فيما تقدم , اما ان يسأل سياسي عن السبب فهذا خداع للرأي العام اللبناني ومحاولة لتسجيل موقف سياسي لخدمة نفسه وليس لخدمة الوطن …بالعموم 15 عاما مرت من عمر المحكمة وتكلف الشعب اللبناني المرهق بالديون ما يوازي مليار دولار اميركي من اجل نفقاتها لم تنه القضية ولم تنه خدمة قضاتها وموظفيها فهي لا زالت بابا مفتوحا على مصراعيه ليس من اجل الحقيقة ربما من اجل التكسب والإرتزاق … ايماني المطلق ان اي جريمة في هذا الوطن الصغير اذا ما ارتبطت بعمل امني او سياسي يجب ان نبحث عن بصمات الموساد قبل ان نبحث عن ادلة في امكنة اخرى .قلم حر \ خليل الخليل

شاهد أيضاً

تفقد انشطة الدورات الصيفية في مديريات القفر والمشنة وريف إب والظهار بمحافظة إب اليمنية ..

تقرير /حميد الطاهري تفقد اليوم مسؤول التعبئة العامة بمحافظة إب”وسط اليمن ” عبدالفتاح غلاب ، …