ظاهرة التنمر الذكوري تغزو أروقة المجلس النيابي

العميد المتقاعد د. عادل مشموشي

لم أكن بوارد التعقيب على ما ذكرته النائب سنتيا زرازير، تحت قبة البرلمان، عن تعرُّضها لسُلوكيّاتٍ مُشينة من زملاء لها في البرلمان، وعثورها على عدد من الواقيات الذكرية ومَجلات إباحيَّة في المكتب الذي سُلم إليهإ، لو أن المعنيين في المجلسِ النيابي وباقي زملائها، ابدوا شيئا من الرَّفضِ والإمتعاض، ولو بالحد الأدنى. لما تعرَّضت له زميلتهم، وما سبق وتعرض له زميلات أخريات سابقا. سبق لي منذ ما يُقارب الشهر أن نَشرتُ مقالا عبر جريدة اللواء الموقرة بعنوان” الفجور السياسي في لبنان زلَّات لسان ام فحش وبذاءة كلام”، وذلك تعبيرا عن الهبوطk فيأدبيات التَّخاطب السياسي بين من يعتبرون أنفسهم مسؤولين سياسيين في لبنان.
لقد أضحت السَّفالةُ في التَّخاطُبِ السياسي في لبنان من قبيل البُطولاتِ التي يتباها بها البعض من سياسيينا، ويستسيغون التلفُّظَ بها امام عدسات وسائل الإعلام لإظهارِ بطولاتِهِم، بدلا من الشُّعور بالخجل والخزي والعار.
ما شكت منه جَهارةً النائب سنتيا زرازير، على الرغم من مَرارتِهِ وكونه لا يصح تناوله على الأشهاد، يُعبرُ عن وَضعٍ مُشين يَحصلُ داخل وخارج أروقة مجلس النواب، الذي من المفترض أن يشكل معقلا للضوابط القيمية والأخلاقية التي تُهذِّبُ المُجتمع بإقراره قوانين حمائية رادِعة للفاسدين والمفسدين أخلاقيا، وربما مثل هذه الشناعاتُ تحصلُ داخل حَرمِ العديد من مؤسَّساتنا الدُستورية والإدارية. ويدفعنا للاعتقاد بأن سبَب الفُحوليَّةِ الزائدةِ التي يتمتَّعُ بها بعضُ النواب وغيرهم من الذكوريين المبالغين في ذكوريتهم، يرعون (ياكلون) شلش الزلوعِ قبل أن يعلن احد الرعاة اكتشاف مفاعيله لهذه النبتة التي تفعل فعلها لدى فحول الماعز، او لإفراطِهِم في تناولِ حبوب الفايغرا.
إن ما شكت منه النائب زرازير ينبغي ألا يمرَّ مرور الكرام، كما لا يمكن السُّكوتُ عنه، ولا تجاوزه، على غرار ما يحصل تجاه ما درج البعض من النواب على التفوه به تحت قبة البرلمان من بذيء الكلام، كسد بوزك، وطبق تمك وغيرها.
هذا القباحاتُ وإن تكن كلامية، من المستهجن كيف تم تجاوزُهاُ والتعاملُ معها وكأنها وردت في تَصريحٍ سياسي عابرٍ لا قيمَةً سياسِيَّةً او اجتماعيَّة له. هذه السُّلوكيَّاتُ لو كُشف عن حصولها في دولةٍ تَحترمُ ذاتها لشكلت فضيحة سياسية وأخلاقية تصدرت كل الاولويات ولأدت إلى استقالاتٍ جماعيَّةٍ في مجلسِ النواب، ولكان الضَّالعون بها استقالوا طواعيةً واعتَذروا قبلَ افتِضاحِ أمرهم لتلافي المزيد من احتقار الناس لهم.
إن ما شكت منه الناىب سنتيا زرازير لا يدينها، وليس مدعاة لخجلها، وليس من قبيل النكات والفكاهات التي يتم التعامل معها بسذاجة، بل تستحق التهنئةُ عليه، كما على جراتها، ولو انه سبق لزميلات لها قامت بما قامت به لدى التحرش بهن أو التنمر عليهن لما وصل الامر ببعضِ النواب للتمادي بإسفافهم والتصرف على هذا النحو من العهر والفجور. إن ما تضمنه تصريح الناىبة ينطوي على إشكاليةُ اخلاقية أثارتها النائب زرازير بعفوية غير مبصودة، وهي إشكالية ينبغي التصدي لها، وعدم إهمالها، وهي تستوجب مُعالجتها بأسرع وقت، علَّنا نخرج من مآثر الذُّكوريَّة المبالغ فيها، والتي يبدو أنها نتاجُ حالةٍ مرضيةٍ متاتيةٌ عن إفراطٍ في إفرازِ هرموناتٍ فُحوليَّةٍ، لدى أشخاص في غير مَكانِهم وفي مواقع لا يليقون بها، أشخاصٌ فارغون ذهنيا تافهون فكريا، مهووسون جنسيا، اوصلهم القَحطُ السِّياسيُّ إلى الندوة البرلمانية.
إن هذه السلوكيات المُشينة المقيتة مرفوضة ومدانة، سواء كانت بغرض التنمُّرِ على نائبةٍ في البرلمان او جاءت كمُخلفات لسُلوكياتٍ داعرةٍ وقٍحةِ داخِلَ أروقته وغرفه ومكاتب النواب او الموظفين. وهي تستلزمُ بعد كل ما انكشف من فظاعاتٍ تفتيشَ الداخلين الى مجلس النواب تلافيا لممارسات منافية للحِشمة، او منعا لإدخال الممنوعاتِ بكل أنواعها، بدءا بالمجلات الإباحية ُ إلى المخدرات مرورا بالواقيات الذكرية وغيرها …
من المعيب ألا يبادر النواب النساء في المجلس إلى الانتفاض لكرامتهن، وتلوقيا لأية نجاسة في المجلس. ومن المعيب أيضا الا يبادر المَعنيون في مجلس النواب إلى تخصيصِ جلسةٍ سريَّةِ وعلى عحل للتداول بما أفصحَت عنه النائبة إحدى زميلاتهم، تُخصَّصُ حصرا للتداولِ بكل ما تضمنه التصريح، وما يتعرضن له النواب الانثويات خلالَ جلساتِ انعقادِ المجلس كما خارجها من تنمر ذكوري من زملاء لهم سواء كان من قبيل التحرش اللفظي او غيره مما ينم عن انحطاط اخلاقي، واجتماعي، ويكشف ان بعضا ممن يشغل مقاعد نيابية غير جدير اخلاقيا في تنثيل الأمة.
اما وقد تم التعامي عن هذه المسألة الأخلاقية الهامة، فإنني كمواطن لبناني أربأ بهكذا سلوكيات، أدعو إلى تشكيلِ لجنة تحقيق برلمانية، يوكل إليها التحقيق بهذه القضية، وان يصار إلى إطلاع الرأي العام على ما يتوصل إليه التحقيق من نتائج، وكشف هوية صاحب المكتب الذي عثر بداخله على مجلات خلاعية وواقيات ذكرية، او من أوصل تلك القذارات الى المكتب، وأسباب ذلك. كما كشف اسماء المتحرشين البذيئين الذين تعرضوا للنائب سنتيا زرزور او غيرها، واتخاذ الاجراءات المسلكية بحقهم والعدلية ان اقتضى الأمر، كأن يحرمون من مزاولة نشاطاتهم السياسية لفترة زمنية مُحدد “عقد او عقدين”، وان يقضى عليهم بغرامة مالية تتناسب مع فظاعة افعالهم الشائنة، وليكتشف الشعب كل الشعب حقيقتهم، وحبذا لو ان قطع الاعضاء سياسة عقابية مُعتمدة في لبنان.
وعليه نامل ممن يطلقون على أنفسهم بالنواب التغييريين أن يبادروا فورا إلى تقديم اقتراح قانون يحظر كل أشكال التنمر الذكوري وغير الذكوري، داخل وخارج جميع مراكز مؤسَّساتِ الدولة وإداراتها.
والعمل على إحالة كل المتنمرين فحوليا إلى لجنة طبية لمعاينتهم لتشخيص حالتهم المرضية، وليتهم يعتمدون حلولا بدائية، فيعالجونهم كما تعالج ذكور الماعز عبر استئصال غددهم الذكورية للتخفيف من مفاعيل تغليب فحوليتهم على عقولهم.
قلت ما قلت، مركدا بانه لم يسبق لي ان التقيت النائب سنتيا زرازير، ولا علم لي بتوجهها السياسي، ولم يسبق لي ان اسمعت الى اية مقابلة او تصريح لها، جل ما في الأمر انه اسفتفزنتي سلوكياتٌ رعناء تافهة، ممن يجدر بهم ان يكونوا على قدر التحديات التي يمر بها الوطن،وحرصا مني على عدم تفشي ظاهرة التنمر الذكوري بين أروقة مجلسنا النيابي الكريم.

شاهد أيضاً

8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة

تؤثر خيارات نمط حياتنا بشكل كبير على صحتنا، حيث يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو …