نحو مقاومةٍ شعريّةٍ فاعلة

د.نزار دندش

يُخطئ من يظنُّ أن الشعر ينطق باسم الشاعر وحده أو يوصّف مشاعره الخاصة وحسب أو هو ترجمة كلامية لخواطره الذاتية دون غيرها ؛ فلو كان كذلك لما استمتع بقراءته الا الشاعر الذي يكتبه ، ولما حفظه الجمهور وغنّاه الفنانون واستقوى به المظلومون ورفعه شعاراً لثورتهم الثائرون !
وعندما تكون الاوطان في أزمة لا بدَّ للشعر من ان يكون سلاحاً فعّالا . فقد علّمنا تاريخ الشعر العربي ان الشعراء كانوا الناطقين باسم قبائلهم ، وحَفَظَةُ الشعر كانوا ينقلون القصائد شفاهةً في زمنٍ لم تكن فيه وسائلٌ للإعلام . وعلّمنا تاريخ الشعوب ان الشعر قد يُضرِم ثورة !
واليوم يعيش وطنُنا أزمةً خانقة يُكلِّفُ مسبِّبوها أنفسَهم بحلِّها فلا يجدون حلّاً ، والوضعُ الى اهتراء وصباح كل يوم نجد انفسنا قد عدنا الى الخلف مئة يوم . عملتنا الوطنية قد تدنّت عشرين مرّة لكن قيمتها الشرائية قد تدنّت مئة مرة . مؤسساتنا تفرغ من الخبراء ، مستشفياتنا تفرغ من الأطباء ، كل ثرواتنا تتبخّر … وصولاً الى ثروة الأخلاق !
مؤسساتنا الاعلامية لها أجنداتُها ، أجهزة الرقابة لها مرجعياتُها ، وقضاؤنا يعتمد على القضاء والقَدَر … فهل يجوز ان يبقى الشعر غائباً عن ملء الفراغ !
واذا كان الشعر مصدراً للطاقة الإيجابية ، والشعر السريع ضرورة للترويح عن النفس المشحونة بالغضب ، فالشعرُ الشعرُ أكبر من أن يُختصر بكلمات لا يحفظها تاريخ الأدب .
إني أدعو كل الشعراء الى تشكيل مقاومة شعريةٍ من نوع آخر ، هي مقاومة تصوغ الواقع شعراً وتكشف الخطير من المستور ، لا تُباع ولا تُشرى ولا تُساير أحداً على حساب الإنسان والوطن ، وأن يكون شعرها مزلزلاً يقضُّ مضاجعَ الفاسدين ويعيد الثقة الى نفوس المسحوقين .
أيها الشعراء الوطنيون اتّحدوا
فليس بالغزل وحده يحيا الشعر وليس بالخواطر وحدها يزدهر الأدب .

نزار دندش

شاهد أيضاً

هذه هي نعمت شفيق أرادت خدمة الكيان

‏هذه هي نعمت شفيق أرادت خدمة الكيان فتسببت في مظاهرات 57 جامعة أمريكية ضد إسرائيل …