الأساطيرالإغريقية (آرتميس)

إعداد المحامي كميل سلوم 

■ بحسب الميثولوجيا الإغريقية القديمة، هي إلهة الصيد والبرية، حامية الأطفال، وإلهة الإنجاب، العذرية، والخصوبة. وتعتبر أرتميس إحدى أهم، وأقوى، وأقدم الآلهة الإغريقية، حيث أنها تنتمي للأولمبيين، أو الآلهة الإثنا عشر.

هي ابنة كلا من زيوس، ملك الآلهة، وليتو، وهي أيضًا الأخت التوأم لأبولو غالبا ما كانت أرتميس تُجسد وفي يدها قوس وسهام، وكان الأيل وشجر السرو مقدسين بالنسبة لها. وفي فترة لاحقة خلال العصر الهليستني، لعبت أرتميس دور إليثيا، الإلهة الكريتيّة، التي تساند النساء عند الولادة.

■ يرى بعض الباحثين أن هذا الاسم،والإلهة نفسها، ليست نتاج فكر الإغريق القدماء، بل تعود لقبل نشوء الحضارة الإغريقية.يُشير إليها هوميروس بصفتها “أرتميس ابنة البراري” و”سيدة الحيوانات”.
قورنت أرتميس في وقت لاحق بسيليني،تيتانة كانت في السابق إلهة القمر الإغريقية، حيث كانت تُجسد في بعض الأوقات وهلال فوق رأسها.
كما قورنت بإلهة الصيد الرومانية “ديانا”.

■يُعتقد أن الاسم “أرتميس” مرتبط نوعًا ما بالكلمة اليونانية “ἀρτεμής” بمعنى “آمن وسليم”،التي تجد أصلها من كلمة “αρ” التي تعني “يُلائم”، أو من كلمة “ἄρταμος” بمعنى “جزّار”.وهناك نظريات أخرى تفترض أن التسمية تجد مصدرها من الكلمة الهندو أوروبية القديمة “h₂ŕ̥tḱos” بمعنى “دب”، وذلك عائد لعبادتها من قبل الكلتيين في منطقة براورون، وشبه جزيرة أكروتيري في كريت، كما توضح الآثار التي عُثر عليها هناك وتبين أنها تعود للعصر الحجري القديم. يُعتقد أن هذه العبادة كان من بقايا طقوس أرواحية وطوطمية قديمة جدًا كانت تُشكل جزءًا من عبادة الدببة التي دأبت عليها الكثير من الحضارات الهندو أوروبية القديمة. يفترض البعض أن لهذا الاسم ارتباط بأسماء آلهة أناضولية.

الولادة
■ اختلفت الأساطير حول وقائع الولادة، إلا أن أكثرها شهرة تنص على أن الأخوان التوأم هما نتيجة حمل ليتو من زيوس، بعد أن خان زوجته معها، ويقول الشاعر اليوناني كليماخوس أن هيرا أصرت على معاقبة ليتو بعدة طرق، بإرسال أصلة ضخمة على إثر الأخيرة، ومنعها من الولادة في مكان تشرق فيه الشمس.لذلك، نقلها زيوس إلى جزيرة “ديلوس” الموجودة تحت الماء حتى يحين موعد الولادة.وتنفي بعض الأساطير ولادة أرتميس في ديلوس، وتذكر أنها قد وُلدت في جزيرة أورتيغيا عوضًا عن ذلك، إلا أن تسميتها بأرتميس ديلوس في بعض الأساطير تعتبر دلالة على مكان ولادتها.
كما تنص بعض الأساطير أن أورتيغيا اسم قديم لجزيرة ديلوس، لكن هذا يعتبر الاختلاف الوحيد في الأسطورتين.
وفي أسطورة أورتيغا، قام زيوس بتحويل ليتو إلى طائر سمانى ليمنع هيرا من اكتشاف عصيانه لها، ويقول المؤرخ “كينيث مكليش” أن تحويل ليتو إلى سمانى كان سيخفف من آلام الولادة عليها، إذ أن الأنثى من هذه الطيور لا تعاني كثيرا عند وضعها البيض.

شكلها
■ صُورت أرتميس في مواقف وكتابات عدة كفتاة ذات مقدار من الجمال واللطف، يُعادل جمال حورياتها، إلا أنها كانت ذات صفات معينة تميزها عنهن. كذلك، فقد قورنت العديد من النساء في الأساطير الإغريقية بجمالها،من أمثال “بينيلوبي”. كذلك، نُسبت إليها بعض الصفات الأخرى مثل الطول وامتلاكها لأجنحة، لكنها لم توصف قط بكونها ذات ملامح رجولية أو قاسية. ويقدم هذا تفسيرًا لسبب استمرار أرتميس في الدفاع عن نفسها وعذريتها ضد الرجال. تظهر أرتميس في الفن التقليدي الإغريقي بصورة صيادة بتول ترتدي تنورة نسائية قصيرة،بالإضافة لزوج من أحذية الصيد وعلى جنبها جعبة السهام وبيدها قوس

طفولتها
■ إن طفولة أرتميس ليست مجسدة بأي أسطورة باقية حتى اليوم: فالإلياذة جعلت منها فتاة هرعت باكيةً إلى أحضان والدها زيوس بعد أن ضربتها هيرا.
وفي قصيدة لكليماخوس – الإلاهة “التي تروّح عن نفسها بالصيد في الجبال” – تبرز بعض الصور الموجزة عن طفولتها: فعندما كانت أرتميس تبلغ 3 سنوات من العمر طلبت من والدها زيوس، أثناء جلوسها على ركبته، أن يحقق لها ستة أمنيات. كانت أمنيتها الأولى أن تبقى عذراء للأبد وأن لا تتقيد بالزواج على الإطلاق. وبعد ذلك طلبت منه كلاب مشذبة الآذان، أيائل لتقوم بجر عربتها، وحوريات ليكنّ مرافقات لها في الصيد، 60 منهم من النهر و20 من المحيط، وبالإضافة لذلك طلبت قوسًا فضيًا مثل أخيها أبولو، وقام زيوس بتحقيق جميع أمنياتها.كذلك فقد تمنّت ألا يتم تكريس أي مدينة لها، بل أن تحكم الجبال، وتساعد النساء على تحمّل آلام.

شخصيتها
■ بحسب الأساطير كانت صديقة للبشر، وكجميع الأولمبيون كان لها مفضلين من البشر، لكنها لم تستطع حمايتهم جميعا من الأخطار. كانت إلاهة عذراء، شابة ومنطلقة، تؤمن بالحرية والاستقلال وتحب حياة الخلاء. تعارض الزواج كونه قيدًا للمرأة في رأيها ولا تحب مصاحبة الرجال كثيرًا،إلا أنها كانت ترافق بعضًا منهم مثل أوريون أثناء الصيد.لكنها كانت في بعض الأحيان سريعة الغضب والانتقام.

جوانب حياتها
■ هي إحدى ثلاثة إلهات ذات مناعة ضد سحر وقوة أفروديت، والاثتنان الأخرتان هما أثينا وهيستيا. من الجدير بالذكر أنها كانت مهتمة بعفتها وعذريتها منذ صغرها، في بعض الأساطير منذ أن كانت في الثالثة من عمرها، حيث جلست على حضن أبيها لتطلب منه تحقيق بعضًا من أمانيها، أولها العذرية الأبدية، ثم تمنت أن تكون جميع حورياتها صغارًا في السن (في التاسعة من العمر تقريبًا)، حيث كان ذلك العمر هو نفسه فترة الدخول إلى سن المراهقة والنضوج في اليونان القديمة، وجميعهن عذراوات بطبيعة الحال. ثم تمنت الحصول على عربة فضية (أو ذهبية) تقودها. تحتم على جميع توابعها أن يلتزمن بالعفة في حياتهن وأن يحافظن على عذريتهن، وكانت تلحق بمن حاول أن يسلب منها عذريتها العذاب القاسي والشديد.
يُذكر بأنها قد مرت بالعديد من المحاولات من قبل الرجال للاعتداء عليها، إلا أن محاولاتهم جميعا باءت بالفشل، وأهم مثال على ذلك قصة أكتيون، الذي خرج للصيد فوجد أرتميس صدفة وهي تستحم في بحيرة، لكن لجمالها استمر في اختلاس النظر حتى ضبطته، فحولته في خضم غضبها العارم إلى أيل، مما أدى إلى هجوم كلابه عليه وتمزيقه إربًا. كذلك، عندما اكتشفت حمل كاليستو من زيوس، والتي كانت إحدى حورياتها، أردتها قتيلة بإحدى سهامها.

قدراتها
■ تميزت بقوتها الجسدية وذكائها، إلا أنها لم تكن ضليعة بأمور الحرب كأخيها، لكنها كانت تستطيع معاقبة من تريد بأمر زيوس، كما حدث مع الملكة نيوبي، عندما تفاخرت بأبنائها الإثني عشر، وأهانت ليتو لإنجابها مجرد ابنين، ألا وهما أرتميس وأبولو. ولثأر أمهما، قاما بقتل جميع أبناء نيوبي بسهامهما، حيث تولى أبولو قتل الذكور الستة، بينما قتلت أرتميس الإناث الست.

أنها أيضًا تعمل على حماية الحيوانات عندما تطوف هذه المناطق بواسطة عربتها الفضية برفقة حورياتها، أو عندما تطوفها رقصًا فتبارك وتحمي الحيوانات الصغيرة بواسطة صنادلها الفضية. وتصب غضبها على من يتعدى على مقدساتها، كما حدث مع أغممنون أثناء حرب طروادة، حيث أنها منعت الرياح من الهبوب فتوقف أسطوله البحري بأكمله، نتيجة قتله لأيل في المنطقة المقدسة أو المحمية، أي ملجأ أرتميس في براورون.

إلى جانب ذلك، فهي تهتم بأمور المرأة، حيث كانت تحفظ وتحمي الفتيات الصغيرات وتستمر في ذلك حتى مرحلة البلوغ والنضوج، لذلك كانت الفتيات المقبلات على الزواج يقمن بتقديم دمية صغيرة أو خصلة من شُعُورِهِنْ قربانًا لها، استعدادًا للحياة الزوجية. لكنها تلام في العادة عند الموت المفاجئ للنساء، حيث تُطلق سهامها على المرأة فتقتلها على الفور، إلا أنها قد تستخدم هذه السهام لسلب حياة الموعودين بالذهاب لأراض خيالية تدعى سيريا بعد الموت.

في بعض الأحيان، كانت أرتميس تُعرف بإلهة للقمر،لذا فقد كان رمز الهلال أو القمر منسوبًا إليها، حيث تشير الأساطير إلى وجود رمز هلالي على قوسها. إلا أن رمز الهلال لم يُربط بها من الناحية الفنية إلا في العصور الأكثر حداثة.

كذلك، كانت أرتميس أحيانًا تحمل مشاعل، مما جعلها تُقورن مع “هيكاتي” من هذه الناحية، حيث وجدت بعض التماثيل لها وهي تحمل المشاعل وبعض الأشياء الأخرى كالحيوانات والأفاعي. إلى جانب ذلك، فقد ذُكر عن أرتميس بأنها تقود عربة ذهبية خاصة بها، ولذلك، فقد وجدت بهذه الصورة في العديد من الأساطير.

القاب نسبت اليها
■ لوكيا (المساعدة عند الإنجاب)
بوتنيا ثيرون (صاحبة الحيوانات المتوحشة)
كوروتروفوس (التي تعتني بالشباب)
أغروتيرا (الصيادة)
سينثيا (هذا الاسم مأخوذ من المكان الذي ولدت فيه، في جبل سينثوس على جزيرة ديلوس)
أرتميس ديلوس (إشارة إلى الجزيرة التي ولدت فيها)

شاهد أيضاً

الفنان الفلسطيني سانت ليفانت يكشف عن أغنيته “قلبي ماني ناسي”

سانت ليفانت يقدم “قلبي ماني ناسي” بأسلوب موسيقي متنوع ومعقد رسالة عميقة ومؤثرة من خلال …