الحرب” في التصريحات والإعلام.. وفي الواقع!

علي عبادي

حديث الساعة بين الناس في لبنان وعلى وسائل الإعلام: “في حرب أو ما في حرب” قريباً؟
أينما ذهبت تلْقى هذا السؤال من أناس يستفهمون، وآخرهم ناطور المبنى، اعتقاداً منهم أنك تملك مفتاحاً من العلم أو… الغيب، بما أن سوق الرجم بالغيب مزدهر على الشاشات وعلى مواقع التواصل، وبعض المحللين يبشر بالحرب كأنه مزاد للتحدي الإعلامي.
1 – لا يوجد أحد قادر على توقع الحرب. أساسًا وحتى إشعار آخر، قرار الحرب بيد العدو. مقولة قرار الحرب والسلم التي تدور في الإعلام اللبناني مقولة منتهية المفعول قبل أن تولد. دائمًا، والاستثناء لا يلغي القاعدة، كانت “اسرائيل” الطرف البادئ بالحرب لأنها ولدت عليها وتتغذى عليها. حتى حرب تموز ٢٠٠٦، كانت حرباً إسرائيلية هدفها تغيير المعادلة في لبنان والمنطقة بما يتكامل مع مشروع الشرق الأوسط الكبير للمحافظين في أميركا. المقاومة قامت بعملية أسر لتحرير بقية الأسرى اللبنانيين، والعدو رد بحرب تتجاوز الإطار المكاني والزماني بكثير، وكان بإمكان العدو ضرب أهداف عسكرية لكنه اختار الحرب الشاملة على البشر والحجر. لكن الاستغلال السياسي الإعلامي لا يزال “يَعْلك” إلى اليوم فكرة ان هناك طرفاً لبنانياً يملك قرار الحرب والسلم وينبغي محاصرته ووقفه!
2 – بعض المحللين على الشاشات أو على مواقع التواصل لديه ادرينالين زائد يدفع إلى تحدي نفسه وإطلاق توقعات على أمل أن يستقطب نسبة مشاهدة مرتفعة. ولا يدرك هؤلاء أنهم يخلقون مناخات نفسية لا لزوم لها، ولا تسهم في رفع مستوى الوعي لإحباط خطط العدو، بقدر ما تسهم في الحرب النفسية المعادية.
3 – لا يمكن إسقاط احتمال وقوع حرب في أي وقت من الأوقات، بسبب التهديدات الإسرائيلية و”تفرعن” العدو الذي يواصل سياسة اليد الطويلة. لكن إذا كانت توقعاتنا مبنية على التصريحات الإسرائيلية فقط، يمكننا القول إنه لو جمعنا التهديدات الإسرائيلية منذ انتهاء حرب ٢٠٠٦ إلى اليوم، سنجد أنها ستكون بحجم مجلد كبير، ومع ذلك لم تقع حرب. ونعرف جميعًا أن عدم حصولها يعود إلى وجود حالة ردع يحسب لها العدو ألف حساب ويمشي على أطراف اصابعه عندما يحاول اختبار اي تعديل عليها حتى لا يُضبط بالجرم المشهود.
4 – صحيح أن العدو يقوم بتدريبات عسكرية استعداداً لحرب مقبلة، وصحيح أن هناك دوافع عدة يمكن أن تشعل حرباً في هذه المرحلة، لكن الصحيح أيضاً أن العدو يخشى عواقب الحرب. وهذا ينطبق على لبنان، وعلى قطاع غزة، وعلى إيران.
ولذلك، ينبغي التعامل مع لغة الحرب الإسرائيلية اليومية على أنها ترمي إلى أهداف متفاوتة:
– نوع من التسخين الضروري لماكينة الحرب في كيان العدو، حتى لا تصدأ هذه الماكينة.
– وضع الطرف المقابل تحت ضغط نفسي ومنعه من التفكير في تجربة “إسرائيل” وتحدي مصالحها.
– البقاء في حالة استعداد لأية حرب محتملة، على الأقل حتى لا يتكرر مشهد تثاقل حركة جيش الاحتياط الصهيوني في حرب ٢٠٠٦.
– التحسب لاحتمال تطور الوضع في حال وقوع رد على الاعتداءات والاستفزازات الإسرائيلية في أكثر من مكان.
كل ذلك يستوجب عدم إسقاط احتمالية وقوع حرب، لكن التصريحات الإسرائيلية ليست الأساس الذي يُبنى عليه لتوقعها. المثل يقول: الكلب الذي ينبح كثيراً لا يعضّ

شاهد أيضاً

يمق زار مركز “الجماعة الإسلامية” في مدينة طرابلس معزيا” باستشهاد عنصريها

زار رئيس مجلس بلدية مدينة طرابلس الدكتور رياض يمق، مركز الجماعة الإسلامية في طرابلس، مُعزياً …