قصة الخلق البابلية الاينوما ايليش (عندما في الاعالي) اللوح السادس

إعداد المحامي كميل سلوم

اسطورة الخلق البابلية الانيما ايليش

اللوح السادس:

يحوى 166 سطرًا، وفي بداية اللوح يطلع مردوخ أباه ” أيا “بعزمه على خلق ” لولو” (الإنسان) ليحمل عبء العمل عن الآلهة، فيقترح ” أيا “بأن يذبح أحد الآلهة ليمزج دمه بالطين لصنع الإنسان، فسأل مردوخ عن الإله الذي أثار تيامات ليذبحه ” فقام مردوخ بدعوة الآلهة الكبيرة.. متوجهًا لهم بود ورحمة، مصدرًا توجيهاته.. فأعطى الآلهة له آذانًا صاغية.. قال المليك لهم كلمة.. لقد صدق حقًا ما دعوتكم به.. والآن أريد منكم قول الحق.. من الذي خلق النزاع..؟ من دفع تعامة (تيامات) للثورة، وأعد للقتال..؟ سلموا لي من خلق النزاع.. فيلقى جزاءه، وتخلدون للراحة.. فأجاب الأيجيجى، الآلهة الكبار.. أجابوا سيدهم مردوخ، ملك السماء والأرض.. إنه ” كينغو “الذي خلق النزاع.. ودفع تعامة للثورة، وأعد القتال.. ثم قيدوه ووضعوه أمام أيا.. أنزلوا به العقاب، فقطعوا شرايين دمائه.. ومن دمائه جرى خلق البشر.. ففرض (أيا) عليهم العمل وحرر الآلهة.. بعد أن قام أيا الحكيم بخلق البشر.. وفرض عليهم العمل وحرر الآلهة.. وذلك الفهم الذي يسمو عن الأفهام.. والذي نفذه وفقًا لخطط مردوخ المبدعة”

ويحكى خزعل الماجدي قصة خلق الإنسان بصورة أوضح فيقول أن الآلهة الصغار ظلوا يعملون أعمالًا شاقة لمدة أربعين يومًا فأخذوا يبكون ويصرخون، وقرروا العصيان، فذهبوا في ثورة عارمة وقد أضمروا النار في معاولهم وسلالهم وأحاطوا بمعبد الإله ” إنليل “وعندما رآهم الخفير ” كلكل “أصابه الذعر وأيقظ الإله ” نسكو “وزير إنليل الذي ارتعب، وأيقظ الإله إنليل قائلًا: إن معبدك محاصر يا سيدي وإن الحرب قد وصلت بابك يا إنليل.
فقال إنليل: أذهب يا نسكو وأغلق الأبواب وتقدم بسلاحك أمامي.
وقال نسكو ” إن هؤلاء أبناؤك فلا تخف.
وأمر إنليل باجتماع آلهة الأنوناكى، وحاول إنليل أن يعرف من الذي أثار هؤلاء الآلهة، فكلف وزير نسكو ليستطلع الأمر،ولكن كل الآلهة المتمردين قالوا: كلنا نريد خوض المعركة، لقد أنهكنا العمل الشاق، أنهكنا الشغل، وتعاطف مجلس الآلهة معهم وقالوا للإله إنليل أن عملهم حقًا شاق، وصوت بكائهم كان يسمع من بعيد، فرق قلب إنليل وسالت دموعه إشفاقًا عليهم، وأراد الالتجاء لأبا الحكيم المدبر الخارق الذكاء، فذهبوا جميعًا إلى ” آيا “الحكيم، فوجدوه مضجعًا في غرفة نومه، والآلهة كانت تبكى وتنوح، فأخبروا أمه بما كان، فذعرت وأيقظت الإله ” آيا “من نومه قائلة: يا إبنى إنك نائم.. قم من فراشك وتدبر الأمر..

إنك تدرك من خلال حكمتك كل فن فاصنع بديلًا عن الآلهة يحمل السلة عوضًا عنها.
فدخل ” آيا “القاعة المقدسة وهو يضرب فخذه ويفكر، فهو الحكيم العليم البصير الذي يدرك كل شيء ثم قال لنفسه: سأصنع الإنسان ليحمل عبء العمل عن الآلهة، ونادى على أمه قائلًا: قرري يا أمي مصير الإنسان، نادى أولًا على إلهة النسل (مامي) للحضور فهي الموكلة بالخلق والولادة نادى الآلهة (مامي) في الرحم الخالق.
وقال لها الآلهة: أنت الرحم خالقة البشر، أخلقي الإنسان الأول من أجل أن يحمل النير.. سلة عمل الآلهة يجب أن يحملها.
فقالت مامى: ليس بمقدوري أن أفعل ذلك. إن المقدرة بيد ” آيا “.. ليته يعطى الطين لأعمله.
قال الإله آيا: سأقيم طقوس الغسيل، سأقيم الحمام، وليذبح الآلهة إلهًا من بينهم إذ لا بُد للطين من روح جسد الإنسان سيكون من الطين وروحه ستكون من إله.
وأخذ الآلهة يدورون وراء ” آيا “و ” مامى “كالزنابير على قطعة العسل، وأخذوا يفكرون في الإله الذي يذبح، وتساءل ” مردوخ “من الذي دفع تيامات للثورة وأعدها لقتالنا؟
فتحير الآلهة ولم يعرفوا من هو؟ فصاح بهم مردوخ: هل نسيتم ” كنجو “زوج تيامات الذي دفعها للقتال.
فصاحت الآلهة: ليذبح كينجو.. ليذبح كينجو.. لتكن دماؤه سببًا في ظهور المخلوق الذي يحمل عنا العناء.. المخلوق الذي سيحمل المعول والسلة إلى الأبد.
فذهبوا وأخرجوه من سجنه وقيدوه ووضعوه أمام ” آيا “وبعد أن اغتسلوا وتطهروا ذبحوه وأخذت ” مامى “دمائه التي سالت وخلطتها بطين الصلصال وأخذت تقرأ تعويذة الخلق، وبجوراها ” آيا “يلقنها هذه التعاويذ، فصنعت 14 قطعة من الطين، وفصلت بين سبع وسبع بأجر اللبن، ثم بصقت من المجموعة الأولى وأسمتها ” أوليكار “فكان رجل الخير، ثم بصقت في قطعة طين من المجموعة الثانية وأسمتها ” زالاكار “فكان امرأة الخير، وأسمت الاثنين ” لولو “الذي سيكون اسمه الإنسان ففتح عينيه ونطق بأول الأصوات.. أ.. أ.. أغا.. ب.. ب.. با.. با.. بابا.. ما.. ما.. ماما.
ففغر الآلهة أفواههم لكلامه وفرحوا واستبشروا وقالت ” مامى “للآلهة: لقد عهدتم لي عملًا بأكمله.. لقد رفعت عنكم عناء الأعمال الشاقة، وجعلت الإنسان يحمل سلة العمل، أ/ا أنتم فقد حللت عنكم النير وحررتكم من الواجبات، وشكر الآلهة ” مامى ” إلهة النسل

ويورد د. سيد القمنى الجزء الخص بخلق الإنسان، فيقول أن الآلهة إتجهت للإلهة ” مامى “الحكيمة قائلة ” أنت الرحم خالقة البشر.. إخلقى الإنسان الأول.. من أجل أن يحمل النير.. سلة عمل الآلهة يجب عليه حملها.. فتحت الإلهة (ننتو) فاها.. وخاطبت الآلهة العظيمة.. ليس بمقدورى أن أفعل ذلك.. إن القدرة بيد الإله إنكى.. فتح الإله إنكى فاه.. وخاطب الآلهة العظام.. سأقيم طقوس الاغتسال.. وسأقيم الحمام.. وليذبح الآلهة إلهًا من بينهم.. وبعد ذلك يطهروا أنفسهم في الحمام.. وعلى الإلهة (ننتو) أن تمزج الطين مع لحمه ودمه.. وبسبب لحم الإله.. نود أنى يسكن شبه الموت جسم الإنسان.. وليذكر هذا الشبح الأحياء بالموت.. ماداموا على قيد الحياة.. ثم فتحت الإلهة ” مامى “فاها.. وقالت تخاطب الآلهة العظام.. لقد عهدتم إلى عملًا فأكملته.. وما دمتم قد ذبحتم ألهًا رغم قدسيته.. فها أنا قد رفعت عنكم عناء أعمالكم الشاقة.. وجعلت الإنسان يحمل سلة عملكم.. وهذا أنتم قد وهبتم صراخكم للبشرية.. وها أ،ا حللت عنكم النير.. حررتكم من الواجبات.. ولما سمع الآلهة كلامها.. تراكضوا إليها وقبلوا قدميها وقالوا.. في السابق الإلهة ” مامى “كنا نناديك، والآن ليكن ” سيدة الآلهة “أسمك
وبعد خلقة الإنسان اعترفت الآلهة بالفضل لمردوخ، وبنوا له المعبد ببرجه المدرج، وداخله سكن ” مردوخ “من ” إنليل “و ” آيا “.. ” وقالوا لسيدهم مردوخ.. والآن أيها الرب يا من خلصتنا من العمل المفروض.. ما الذي يليق بك عربون امتنان..؟ سنبنى لك هيكلًا مقدسًا.. مكانًا به تركن مساء لتستريح.. هناك سنشيد لك منصة وعرشًا.. وكلما آتينا المكان، نلجأ إليه لنستريح.. فلما سمع مردوخ ذلك.. انفرجت أسارير وجهه كما النهار.. وكذا فلتكن بابل كما اشتهيتموها.. لنشرع بتجهيز الحجارة، ولتدع بالهيكل.. أعملال أنوناكى معاولهم.. فأنهوا الطوب اللازم في مدى سنة.. ومع حلول السنة الثانية.. رفعوا الأيزاجيلا، الذي وصلت أساساته الأبسو.. وبعد أن أنهوا برجه المدرج.. بنوا في الداخل سكنًا لمردوخ وإنليل وآيا.. ثم جلس مردوخ أمامهم في جلال.. ومن الأسفل شخصوا بأبصارهم لقرون البرج الرائعة.. وبعد الانتهاء من الأيزاجيلا.. قام الأنوناكى ببناء مقامات لهم.. ثم التأم جميع الآلهة.. والتقوا في حرم مردوخ السامي الذي بنوا.. فأجلس آباءه الآلهة إلى مأدبة.. هذه بابل مكان سكناكم المفضل.. فاصدحوا وامرحوا في أرجائها

واعترفت الآلهة بالفضل لمردوخ وقالت ” وكما فعل في السماء، لتكن كذلك مشيئته على الأرض.. فيعلم البشر كيف يخشونه.. ويكون حاضرًا في قلوبهم أبدًا.. ويحفظون أبدًا حدود إلههم وآلهتهم.. ويرعون أمره في الانصياع لها.. ويبقون على تقدماتهم لإلههم وآلهتهم.. ويذكرون إلههم دومًا ولا ينسونه.. حقًا إنه رب الآلهة أجمعين، في السماء والأرضيين.. ملك يخشاه من في السموات ومن في الأرض”

 

 

شاهد أيضاً

العُمَّالُ في عيدِهم الوطنيِّ ، هُم خميرةُ المجتمعِ ،

أَيُّها العُمَّالُ ، لولاكُم، لَتعَطَّلتِ الحياةُ، وَتوَقَّفتْ دورةُ المُجتمعاتِ وَتَطوُّرُها، وَجَمَدتِ الدُّوَلُ ، وَتآكلتِ الشُّعوبُ…. …