قراءة في اسباب العجز الإقتصادي في لبنان :

 

د.السيد محمد الحسيني

عندما لجأت حكومات الحريري المتعاقبة إلى تمويل العجز في الموازنة من مصادر عـدّة, كالمسـاعدات والقـروض العامــة الداخلية والخارجية والمعونـات من المؤسسات الدولية الحكومية أو الخاصة وخاصة عن طريقة التمويل في الاقتراض عن طريق إصدار سندات الخزينة و بفوائد محدّدة ولآجال مختلفة, أو عن طريق القروض الخارجية ، امتصّت الدولة مليارات الليرات اللبنانية من الجمهور والمؤسسات المالية الخاصة (المصارف التجارية). ويؤكّد الدكتور الياس سابا في “مشروعه البديل” ان الحكومة لجأت إلى الاقتراض ـ عبر سندات الخزينة ـ:
– بمبالغ تفوق الحاجات الفعلية للخزينة, الأمر الذي رتّب فوائد إضافية على مبالغ جُمِّدت في حساب الخزينة لدى مصرف لبنان من غير أن تُستعمل. ويمكن تقدير الكلفة “الإضافية” للفوائد على الأموال غير المستعملة بحوالى 365 مليار ليرة للعام 1994. وهذه الكلفة سبّبت عجزاً إضافياً في الموازنة تمثّل بحوالى 9% من نفقات موازنة 1994, الأمر الذي خلق ضغوطاً تضخمية إضافية, مما خلق بدوره ضغوطاً إضافية على سعر صرف الليرة نفسه.
– حرمت هذه السياسة قطاعات اقتصادية عدّة من مصادر تمويل بالليرة اللبنانية, الأمر الذي أدّى إلى رفع الفوائد وإلى المزيد من التضخمّ وإلى المزيد من الضغط على سعر صرف الليرة وإلى المزيد من الدولرة.
– رافق سياسة تثبيت سعر الصرف المزيد من سوء توزيع الدخل والثروة وارتفاع هوامش الربح.
– كلّفت هذه السياسة مصرف لبنان نزيفاً ضخماً في احتياطياته الصافية من العملات الأجنبية, لأنه خسر حوالى 1760 مليون دولار خلال فترة 11 شهراً (من أول تشرين الأول 1994 إلى نهاية آب 1995), أي ما يوازي 78% من احتياطيه في نهاية شهر أيلول 1994.
– أضعفت هذه السياسة قدرة لبنان التنافسية وجعلته بلداً مرتفع الأسعار, الأمر الذي انعكس سلباً على قدرته التصديرية للسلع والخدمات على السواء.
– إن ربط سعر صرف الليرة بالدولار الأميركي أدّى إلى انخفاض قيمتها وقيمة احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية, وذلك بسبب هبوط سعر صرف الدولار تجاه بعض العملات الرئيسية. وهكذا يتضح ان الحكومة فشلت في تحسين وتثبيت سعر صرف الليرة بالمفهوم الاقتصادي الموضوعي. ذلك ان ما حصل بقي مربوطاً باستمرار جوّ التفاؤل المفتعل, والمغذى على الدوام, والمرتبط إلى حدّ بعيد بشخص رئيس الحكومة وببقائه في السلطة, من غير أن يستند إلى عوامل اقتصادية موضوعية.

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …